صحة

جدل التخدير بين الممرضين والأطباء يسائل السلامة في التدخلات الجراحية

لا يزال جدل منشور وزير الصحة والحماية الاجتماعية بشأن منح شرعية لتدخلات ممرضي التخدير داخل مركبات الجراحة في الحالات المستعجلة يثير جدلا واسعا؛ ففي الوقت الذي يؤكد فيه الأطباء أن أزمة النقص الحاصل في أطباء التخدير لا يمكن حلها بهذه الطريقة، يؤكد الممرضون أن هذا ما كان معمولا به على مر سنوات طوال.


ويوضح الممرضون أن عملية التخدير تتم تحت إشراف مباشر من طبيب مختص، والمنشور جاء ليغطي الخصاص الكبير الذي يعرفه هذا التخصص الحيوي، خاصة أن عدد أطباء التخدير محدود ويتمركزون بالمدن الكبرى.


في المقابل، يتحدث الأطباء عن “عدم قانونية منشور الوزير”، منتقدين ما أسموه “افتعال مشكل بين الأطباء والممرضين”، في حين إن حل الخصاص لا يكون بالطريقة التي اقترحها الوزير.


في هذا الإطار، قال جمال الدين الكوهن، رئيس الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش: “لا يمكن حل مشكل النقص الحاد بإخراج قرار لا يحترم القانون والمواثيق العلمية، بل الحل يتطلب تفكيرا عميقا”.


وقال الكوهن ضمن تصريح له: “يتم تسويق الأمر كأنه مشكل مفتعل ليس بين الأطباء والممرضين، إلا أن اختصاصات الطبيب معروفة واختصاصات الممرض معروفة، لا يمكن أن نغير الأمر هكذا لأن هناك خصاصا والمشكل يتعمق”.


وأردف: “اعتبرنا أنه بعد الجائحة سيكون هناك وعي بالوضع الذي تراكم منذ سنين وعقود، واعتقدنا أن فرصة تعميم الحماية الاجتماعية ستخلف تصالحا مع المنظومة والشغيلة، إلا أن المسؤولين انتبهوا فقط للبنايات والمؤسسات في حين الشغيلة لم تأخذ الاعتراف ولم يتم إدخالها في النظرة المحدودة”، متسائلا عن فائدة تشييد مستشفيات فارغة.


وأكد الكوهن أن عدد أطباء التخدير تقلص بما بين 30 و40 شخصا بعد الجائحة، مفيدا بأن هناك “أطباء يغادرون وظائفهم ويتركون مناصبهم شاغرة ليس بالاستقالة او الإحالة على المعاش، وهي ظاهرة قبيحة جدا”.


وشدد الكوهن على أنه “حتى حين تفتح المناصب والمباريات لا يتم التقدم إليها”، منبها إلى أن الأمر لا يعني فقط أطباء التخدير والإنعاش، “بل يشمل جميع الاختصاصات، والنزيف يعمقه كون المتخرجين الجدد يغادرون البلاد بالمئات”.


وأضاف: “هذا يعني أن هناك مشكلا عميقا، وإلا لماذا يهرب الناس من وزارة الصحة؟”، مؤكدا أن التوجه الحالي “يحاول حل المشكل من خلال نظرة تعود بنا للوراء بحوالي 50 سنة”.


وأشار الكوهن إلى أن الأمر “يرتبط بمشكل حكامة الوزارة المسؤولة عن القطاع”، مقترحا مجموعة من الحلول، من قبيل “عدم الاهتمام ببناء المستشفيات بل التحفيزات المعنوية والمادية للشغيلة، ثم التكوين والتكوين المستمر للأطباء والممرضين، والحرص على تجويد التكوين”.


من جانبه، انتقد عبد الإله السياسي، رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش، البيانات الصادرة عن هيئات طبية عقب منشور الوزير، قائلا ضمن تصريح لهسبريس إن “هذه البيانات قزمت دور الممرض واعتبرته خطرا، في حين إننا لسنوات ونحن نشتغل بهذه الطريقة”.


وتحدث السياسي عن كون “المنشور جاء واضحا، وحدد تدخل الممرضين في المرافق التي لا تتوفر على طبيب للتخدير وتستقبل حالات لا يمكن تأجيلها، وهي طريقة اشتغلنا بها في عدد من المناطق، خاصة النائية منها”.


وذكر بعض الحالات التي يجد الممرض نفسه خلالها مضطرا للتدخل لإنقاذ حياة الآخرين، أبرزها الحوادث المختلفة، وحالات الحمل في مناطق نائية، وخلال مرافقة مريض من مدينة إلى أخرى على متن سيارة الإسعاف.


وقال: “هي حالات يتدخل فيها الممرض ويمكن محاسبته على عدم التعاون في حالة الرفض”، موردا أن “الواقع يتناقض مع بيانات الجمعيات”.


وأضاف السياسي قائلا: “نحن جميعنا نعترف بالخصاص، فما هو ذنب المواطن الذي يمكن أن يلقى حتفه إذا لم يتم تقديم المساعدة إليه. الضرورة تحتم التدخل ومد يد العون والمساعدة، وإذا ما رفضنا يكون لذلك تبعات كبيرة”.


وأردف: “مسؤوليتنا هي إنقاذ الأرواح. نطالب بحلول واقعية ومواطنة وليس مجرد الحديث”، منبها إلى أن عدد ممرضي التخدير يتجاوز 2200 ممرض، في حين لا يتجاوز عدد أطباء التخدير المائتين على الصعيد الوطني.


وتابع: “نحن جنود مجندون لضمان حياة المواطنين؛ فنحن نؤمن حياة المواطنين، وهو حق دستوري، بل أرقى وأهم الحقوق”.


وسبق لفيدرالية الأطباء أن أعلنت أنه “تم التواصل مع مختلف مكونات الجسم الطبي وتوصلت على إثر ذلك بمواقف من مجموعة من التنظيمات النقابية والمهنية الصحية التي تدعو لحماية الممارسة الطبية المؤطرة قانونيا، والتي هي اختصاص طبي صرف، لا يمكن أن يمنح لأي جهة كانت وتحت آية مبررات”.


وقالت الفيدرالية إن “حوالي 22 تنظيما مهنيا مختصا، إلى جانب كل من رئيس التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص وكذا الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، شددوا على ضرورة احترام القانون المؤطر لمهنة الطب”.


و أشارت إلى أن “النص القانوني بشكل عام لا يمكن تعديله وتغييره إلا بنص آخر يمر بمختلف المراحل التشريعية وفي احترام تام للمؤسسات الدستورية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى