اقتصاد

ما لم يمكن تصوره”.. لماذا غيَّر وادي السليكون موقفه من السعودية؟

أورد موقع “فوكس” الأميركي الأسباب التي دفعت شركات وادي السليكون إلى قبول الاستثمارات السعودية رغم موقفها السابق من المملكة في أعقاب مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي.

وأوضح الموقع أنه بعد نحو 5 سنوات من مقتل خاشقجي، في أكتوبر 2018، الذي تعتقد المخابرات الأميركية أنه حدث بتوجيه من ولي العهد، محمد بن سلمان، استضاف مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، التابع لصندوق الاستمارات العامة السعودي، مستثمرين ورؤساء تنفيذيين ومسؤولين حكوميين سابقين في فعاليات داخل المملكة وفي الولايات المتحدة.

وتشير إلى مؤتمر الأولوية العالمية، الذي عقد أواخر شهر مارس الماضي، في مدينة ميامي الأميركية، بمشاركة شخصيات هامة مثل، جاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق، دونالد ترامب، وستيف منوشين، وزير الخزانة السابق، وقالت إن “الحدث كان لا يمكن تصور حدوثه قبل أربع سنوات ونصف”.

وبعد أيام قليلة من الحدث في ميامي، نشرت السعودية أسماء العشرات من شركات رأس المال وصناديق الاستحواذ والشركات الناشئة التي تمولها في الولايات المتحدة

ومن خلال شركة “سنابل للاستثمار”، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، خصصت ملياري دولار سنويا للاستثمار في مؤسسات أميركية، مثل شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة Vectra وAtomwise.

كما خصصت صناديق استثمارية أخرى الأموال لتمويل شركات مثل Credit Karma و GitLab و Reddit و Postmates ، والعلامة التجارية الشهيرة لأحذية الجري On وشركة التقنية الكبرى التي تتعاون مع البنتاغون Anduril.

واستثمرت السعودية في صندوق “فاوندرز فاند” للاستثمار التابع للملياردير الأميركي، بيتر ثييل، وشركة “تايغر غلوبال مانجمينت” الأميركية للاستثمار ، وIconiq، صندوق إدارة الثروات الذي يضم أكبر أثرياء العالم مثل، ارك زوكربيرغ وشيريل ساندبرغ، وجاك دورسي، وشركة Silverlake، التي تضم العلامات التجارية Airbnb وديل ووايمو.

وحتى “فيليج غلوبال” المدعومة من مؤسس أمازون، جيف بيزوس، الذي دخل في مواجهة مع ولي العهد، تعد واحدة من المستفيدين من الأموال السعودية.

وقال بن هورويتز، الشريك في شركة رأس المال الاستثماري Marc Andreessen، وهي واحدة من الشركات المستفيدة، إن “”للسعودية مؤسس (حالي) يطلق عليه تسميه “صاحب السمو الملكي”، يخلق ثقافة جديدة، ويخلق رؤية جديدة للبلد”.

الأسباب
وعن أسباب تغير مواقف الشركات الأميركية من المملكة، يقول التقرير إن أصحاب رؤوس الأموال المغامرين قد لا يهتمون كثيرا بمسألة حقوق الإنسان مع بزوغ مشكلات رؤوس الأموال في الولايات المتحدة وأوروبا.

وقال الموقع إن ولي العهد كان ينظر إليه قبل عام 2018، باعتباره قائدا مصلحا، وخلال زيارتين للولايات المتحدة في 2016 و2018، ضخ 11 مليار دولار على الأقل في الشركات الناشئة، وعلى الرغم من مهاجمته بعد حادثة خاشقجي، لم ترفض الشركات الأميركة تلقي الأموال السعودية، وفقا لمارغريت أومارا، المؤرخة التي تتابع وادي السليكون في جامعة واشنطن.

وقالت: “إذا كان أي شخص يدلي بتلك التصريحات العلنية، فإنهم فعلوها بهدوء بما يكفي لدرجة أنني لم ألحظها”.

وقال التقرير إنه رغم كل الانتقادات الموجهة من الكونغرس وإدارة بايدن بشأن حقوق الإنسان للسعودية، استمرت الولايات المتحدة في تمرير مبيعات المنتجات التقنية والأسلحة العسكرية الكبرى إلى المملكة. مما يعني أنها منحت هذه الشركات غطاء وإذنا للعمل مع المملكة.

وتراجع بايدن عن تعهده خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة “منبوذة” وزار المملكة، الصيف الماضي، مع سعيه إلى خفض الارتفاع القياسي في أسعار الوقود بالولايات المتحدة.

وباتت رغبة واشنطن في تحسين العلاقات مع دول الخليج أكثر إلحاحا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي سلط الضوء على أهمية منتجي النفط الخليجيين في الوقت الذي تتطلع فيه أوروبا إلى تقليص اعتمادها على روسيا للحصول على الطاقة.

ولكن على الرغم من المخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في المملكة، دفعت أزمة الائتمان ونقص السيولة في الأسواق في الولايات المتحدة وأوروبا إلى الترحيب بالاستثمارات السعودية.

وعامل مهم آخر، وفق التقرير، أن الصين تستثمر بكثافة في التقنيات المتقدمة، لذلك ركزت واشنطن الكثير من خطابها على مواجهة نفوذ الصين في جميع أنحاء العالم.

وبدأ وادي السيليكون ينظر إلى الصين من خلال هذه الزاوية أيضا. ويرى مستثمرون أميركيون أن المملكة تشكل تهديدا أقل من الصين.

وقال جيك تشابمان، المدير الإداري لشركة Army Venture إن “هناك أوقاتا في التاريخ نمتلك فيها الرفاهية للتعبير عن الأخلاق والدفاع عن قيم معينة، وهناك أوقات لا نتمتع فيها بهذه الرفاهية وعليك تقديم تنازلات”.

وقال رئيس تنفيذي آخر، طلب عدم الكشف عن هويته: “لا توجد طريقة يمكنك من خلالها تأسيس شركة ناشئة في مجتمع رأس المال المغامر هذا ولا تكون مدينا لمحمد بن سلمان أو لشخص ما على بعد خطوة منه”.

وعلى الرغم من أن وادي السليكون تصارع مع قضايا أخلاقية بعد مقتل خاشقجي، أصبح من الواضح أن مستثمري التكنولوجيا قد تجاوزا الأمر.

ويبدو أن محمد بن سلمان يعرف أنه من الأفضل البقاء على الهامش، وأنه مؤثر للغاية لدرجة أنه لا يحتاج إلى أن يكون في دائرة الضوء، وقد يكون من الأفضل ترك آخرين مثل بن هورويتز يمتدحون رؤيته.

وقال تقرير سابق لأسوشيتد برس إن المجتمع الدولي عاد للترحيب بالسعودية تاركا خلفه الآثار التي تركها مقتل خاشقجي، مع عودة التركيز على خطط ولي العهد السعودي لزيادة إمكانات صندوق الثروة السيادي.

وأشار التقرير إلى أن عودة السعودية للتفاعل مع المجتمع الدولي تحدث مع بقاء مسألة حقوق الإنسان خارج جدول الأعمال.

وأوضح أنه بينما ينشط ولي العهد في إحداث إصلاحات اجتماعي واقتصادية، إلا أنه يشرف في الوقت ذاته على حملة واسعة النطاق ضد المعارضة، يرى أنصاره أنها ضرورية لضمان الاستقرار خلال هذه الفترة.

واحتجزت السلطات السعودية نشطاء أو منعتهم من السفر، سواء كان ذلك في مجال حقوق الإنسان أو المرأة، أو حتى لخبراء اقتصاديين، أو أمراء ورجال أعمال، قبض عليهم في حملة لمكافحة الفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى