أخبار

تشات جي بي تي” في التعليم الإماراتي.. فوائد “أكبر” ومخاوف من الاستخدام الخاطئ

اعتاد الطالب بالجامعة الأميركية في الشارقة، عبدالعزيز الراشد، استخدام تطبيق الذكاء الاصطناعي الشهير “تشات جي بي تي” لكتابة المواد العامة والتحرير أثناء دراسته، دون إذن من معلميه.

“شعرت بأني أتصرف بشكل غير قانوني”، حسبما يقول الراشد، 19 عاما، في حديثه لموقع قناة “الحرة”.

ولكن بعد سماح الإمارات للطلاب باستخدام “تشات جي بي تي”، قال الراشد إنه كان مرتاحا لاستخدام التطبيق، دون الخوف من ارتكاب أي مخالفة.

وفي فبراير الماضي، صرح وزير التربية والتعليم الإماراتي، أحمد بالهول الفلاسي، خلال القمة العالمية للحكومات 2023 بأن بلاده ستسمح للطلاب باستخدام هذه التقنية المتطورة.

ونقلت صحيفة “البيان” المحلية عن الفلاسي قوله إن “التعليم مقبل على ثورة جوهرية خاصة في ظل التقنية الجديدة المسماة تشات جي بي تي … من مهام وزارة التربية والتعليم أن تتبنى أحدث التقنيات التكنولوجية وأن تغير آلية التقييم؛ لأن الطالب سيستخدم هذه التقنية بشكل يومي، فلا نستطيع أن نمنعه منها ونعلمه بالطريقة التقليدية”.

كانت تعليقات الوزير الفلاسي غير مفاجئة، لا سيما أن الأمر يتعلق بدولة أطلقت قبل 6 سنوات استراتيجية حكومية خاصة بالذكاء الاصطناعي، حيث يعد التعليم أحد القطاعات المستهدفة فيها.

الإيجابيات “أعظم”
وبموجب تلك الاستراتيجية التي يستمر العمل فيها حتى عام 2031، استحدثت الإمارات وزارة معنية بالذكاء الاصطناعي في أكتوبر 2017. وبعد عامين فقط أسست الدولة الخليجية جامعة محمد بن زايد المتخصصة فقط بهذه الثورة التكنولوجية.

ويطرح السماح للطلاب باستخدام “تشات جي بي تي” في الإمارات تساؤلات عن فوائد وأضرار هذه التقنية ومدى جدواها في قطاع التعليم راهنا على الأقل.

قال الأستاذ المشارك بجامعة أبوظبي، أنس النجداوي، إن “أي تقنية جديدة تحدث نوعا من الإرباك لدى المجتمع بشأن إمكانية حدوث استخدامات خاطئة”.

وبالنسبة للنجداوي، وهو مستشار في الأعمال الرقمية أيضا، فإن إيجابيات هذه التقنية في قطاع التعليم “أعظم” من سلبياتها بشكل كبير، وفق تعبيره.

و”تشات جي بي تي” الذي تم إنشاؤه بواسطة شركة “أوبن إيه أي” المدعومة من مايكروسوفت، عبارة عن روبوت محادثة يمكنه الإجابة على الأسئلة وكتابة المقالات وأداء مهام أخرى.

وتتفق الخبيرة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي، اليازية أهلي، مع رأي النجداوي قائلة إن “كل التطورات التكنولوجية الجديدة من الممكن أن تستخدم بطريقة مفيدة أو ضارة”، إلا أن فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم تتفوق على أضراره، حسب قولها.

وفي حديثها لموقع “الحرة”، ترى أهلي أن “التطور التكنولوجي كان ولا يزال السمة المميزة للبشرية”، وهذا ما يشجعها على تأييد قرار وزارة التربية والتعليم في بلادها.

وقالت إنها “مع تصميم واستخدام الذكاء الاصطناعي بكل أشكاله لتمكين البشر على المدى البعيد من توسعة قدراتهم وفرصهم … هذه أدوات قوية تساعدهم (الطلاب) في وظائفهم وتنمية مهاراتهم بشكل أسرع وأفضل”.

وتابعت: “أشجع كل الطلاب على تعلم استخدامه بشكل صحيح بما يفيدهم ويفيد الدولة والإنسان”.

“غش وسرقة أدبية”
وشبهت خبيرة الذكاء الاصطناعي الإماراتية استخدام “تشات جي بي تي” في التعليم بزمن سابق كان “من الضروري” على الطالب فيه تعلم استخدام الآلة الحاسبة ثم الحاسب الآلي.

وأردفت بقولها: “الآن من الضروري على الطالب أن يتعلم استخدام (Large Language Models) أي نماذج اللغة الكبيرة مثل تشات جي بي تي؛ لأن باستطاعتها أن تفهم وتلخص وتنتج محتويات لغوية ذكية بكل سرعة”.

ونموذج اللغة الكبيرة (LLM) نوع من خوارزمية الذكاء الاصطناعي (AI) تستخدم تقنيات التعلم العميق ومجموعات البيانات الضخمة لفهم المحتوى الجديد وتلخيصه وإنشائه والتنبؤ به، حسبما يعرفه موقع “تيك تارغيت”، وهي شركة أميركية تقدم خدمات تسويقية قائمة على البيانات.

ومع ذلك، قال الراشد إن “كثير من الطلبة يستخدمون البرنامج للغش والسرقة الأدبية” رغم فوائده التي يبرز منها “المساعدة في إنجاز العمل بشكل أسرع من المعتاد”.

وفي هذا الإطار، شدد النجداوي على أهمية توعية الطلاب بشأن “الاستخدامات الخاطئة أو غير الأخلاقية من خلال وضع أطر قانونية تقيد استخدام هذه التطبيقات”.

ويشرح الأستاذ تجربته الشخصية بعد أن سمح لطلبته باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة في دراستهم بقوله إن الجامعة “وضعت دليل قواعد استخدام للطلبة” بهدف منع الاستخدام الخاطئ.

وقال: “نستخدمها ضمن سياسات معينة، من أجل إشراك الطلبة في سؤال داخل الفصل أو تحضير تكليف معين أو تجديد الأبحاث العلمية من خلال السماح للطالب باستخدام التقنية لتقييم النص المكتوب”.

كذلك، تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في دروس البرمجة من خلال الشرح للطلبة بالثغرات والأخطاء الموجودة في أوامر البرمجة، بحسب النجداوي.

لكن مدى استفادة الطلاب من هذه التقنية الجديدة متباين من شخص لآخر، إذ يشير الراشد إلى أن استخدام “تشات جي بي تي” يختلف بحسب تخصص الطالب الجامعي.

وقال الطالب اليافع: “تخصصي هندسة ميكانيكية والتطبيق الحالي لا يساعدني كثيرا إلا في الكتابة والتحرير وتصحيح الأخطاء الإملائية وتلخيص القصص”، لكنه يرجح أن يكون الإصدار الجديد من “تشات جي بي تي” قادر على حل المسائل الرياضية وامتحان اللغة الإنكليزية “ايلتس”.

وبحسب استراتيجية الدولة الخليجية لعام 2017، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم يأتي “من خلال التقليل من التكاليف وزيادة الرغبة في التعلم”.

“لا يمكن أن يستبدل البشر”
وتسرد أهلي فوائد استخدام الطلبة لتطبيق “تشات جي بي تي”، حيث “يسمح للطالب أن يركز أكثر على مهارات التفكير العليا مثل التحليل النقدي والتقييم والإبداع بدلا عن التذكر والتكرار أو التقليد”.

وأضافت: “علاوة على ذلك ممكن لهذه النماذج أن تتعلم من الملاحظات وتفاعل الطلاب والمعلمين مما يخلق بيئة تعليمية ديناميكية وتعاونية”.

ومع ذلك، قالت أهلي إن “هذه الأدوات لاتزال جديدة ويحتاج الطالب إلى التحقق من مخرجاتها وتعديلها، بالإضافة إلى فهم قيودها وتحيزاتها وأخطائها”، لافتة إلى أنه “مع زيادة استخدامها ستكون في المستقبل البعيد من الأساسيات مثل الأدوات الحاسبة والحواسيب الآن”.

من جانبه، ينظر النجداوي للمستقبل بقوله إن الذكاء الاصطناعي سيغير مفهوم التعليم بشكل “جوهري”، إذ يمكن أن يستبدل التعليم التقليدي القائم على التلقين بمهارات البحث واكتساب المعرفة التي تقدمها هذه الأدوات الجديدة.

وتابع: “تشات جي بي تي نجح في امتحانات الطب والهندسة والحقوق وهذه التقنية تحسن من فعاليتها وسوف يتم تبني مثل هذه التقنيات بشكل أكبر بين الجامعات في المستقبل القريب”.

لكن الخبيرة أهلي، حذرت من استخدام هذه الأدوات كـ “بديل”، عوضا عن اللجوء لها كعنصر “تكميلي” للشرح الاعتيادي بالنسبة للمعلمين.

وقالت إن “الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يستبدل العناصر البشرية في التعليم؛ لأنه لا يقدم تعاطف البشر وتحفيزهم وتنشئتهم الاجتماعية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى