الجائحة ترفع نفقات المغاربة و أسعار الغذاء تعمّق التضخم
وردت مندوبية التخطيط، في مذكرتها المعنونة بـ“تطور الفوارق الاجتماعية في سياق آثار كوفيد-19 وارتفاع الأسعار”، معطيات مسنودة بالأرقام ترصد “تدهور” وضعية الأسر المغربية وتغير نمط استهلاكها في سياق أزمات متلاحقة أبرزها الوباء والتضخم.
وأكدت المعطيات الرسمية ذاتها أن “مستوى معدل التضخم حاليا يفوق خمس مرات المستوى المسجل خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2017 و2021″، لافتة إلى أنه “يُخفي تباينات حسب وسط الإقامة بين المجالين الحضري والقروي”.
الجائحة تغيّر “نمط استهلاك” المغاربة
معطيات مندوبية التخطيط كشفت عن “تغير” طال نمط بنية الاستهلاك؛ لعل من سماته البارزة “انخفاض النفقات الغذائية ونفقات التجهيزات المنزلية ونفقات الترفيه، مقابل ارتفاع النفقات الصحية ونفقات الاتصال بشبكة الإنترنت”.
وسجلت المندوبية أن “الأزمة الصحية تسببت في خفض الأسر بشكل حاد نفقاتها المخصصة لـ’التجهيزات المنزلية’ بنسبة 19,1 في المائة سنويا بالأسعار الثابتة، كما سجلت نفقات الأنشطة الترفيهية انخفاضا سنويا هاما بلغ 14,3 في المائة؛ في حين بلغ هذا الانخفاض 5.9% بالنسبة للباس والأحذية، و2.4% بالنسبة للتغذية، و2% بالنسبة للنقل”.
ودفعت ظروف الوباء أغلب الأسر المغربية إلى تخصيص نفقات صحية أكبر، وكذا رفع نفقات الاتصال، سنويا، لتبلغ على التوالي 10,9% و4,6% ؛ يؤكد المصدر ذاته، مُرجعاً ذلك إلى “ارتفاع كلفة نفقات التدابير الوقائية للحد من انتشار وباء كوفيد-19 وإلى تكثيف استعمال تكنولوجيا الاتصال منذ بداية الأزمة الصحية”.
الغذاء والنقل يقُودان قاطرة التضخم
حسب مجموعات المنتجات والخدمات الاستهلاكية، عرف الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ارتفاعا بـ 11,8% بالنسبة لمنتجات وخدمات “النقل” على المستوى الوطني، نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار البنزين وزيوت التشحيم (42,1%) والدراجات العادية (5,8%) والدراجات النارية (5,6%) وصيانة وإصلاح السيارات (4,9%) والسيارات (3,7%).
المواد الغذائية شهدت ثاني أكبر نسبة ارتفاع خلال الفترة ذاتها، بـ8,7% نتيجة “ارتفاع أسعار الحبوب غير المحوّلة” (27,6%) والزيوت (23,7%) والمنتجات المستخلصة من الزيوت والدهون (15%) والمنتجات المستخلصة من الحبوب (14,6%) والخضر الطازجة (12,2%) والدواجن (11,6%) والقطاني (11,4%).
ورصدت الأرقام الرسمية ذاتها ارتفاع أسعار مجموعة اللباس بـ4,5%؛ تتوزع على ارتفاع أسعار أحذية النساء (8,2%) وأحذية الرجال (6,2%) وكذا ملابس الأطفال (4,2%)؛ في حين سُجلت 4,3% بالنسبة للتجهيزات المنزلية، التي تغطي ارتفاع أسعار الأثاث بـ 7,8%، وارتفاع أسعار الأدوات الصغيرة والإكسسوارات المتنوعة بـ 7% وأسعار الآلات الكهربائية المنزلية الصغيرة ب 6,8%، وأسعار الأواني الزجاجية والفخارية المنزلية بـ 6,7%.
أما الأنشطة الترفيهية فلم تَسْلم هي الأخرى نتيجة “ارتفاع أسعار النفقات السياحية (9,4%) وأسعار الجرائد والمجلات الدورية (8,2%) وأسعار الأجهزة والمعدات السمعية البصرية (5,4%) وأسعار أدوات اللعب والترفيه 4,4%”.
وخلصت المذكرة إلى أن مساهمة المكونات الرئيسية للتضخم تبرز أن “أكثر من نصف الزيادة التي عرفتها الأسعار (58%) ترجع إلى ارتفاع أثمان ‘المنتجات الغذائية’، و22% إلى ارتفاع أثمان ‘النقل’، بينما 20% إلى ارتفاع أثمان سلع وخدمات أخرى”، مؤكدة في هذا الصدد أن 80 في المائة من التضخم، إجمالا، ناتج عن “ارتفاع أثمان المواد الغذائية والنقل”.
ارتفاع الأسعار حسب “الفئات السوسيومهنية”
كشفت معطيات المؤسسة الإحصائية الوطنية عن كون ارتفاع الأسعار كان “أكثر حدة لدى الأسر التي يرأسها “المستغلون والعمال الفلاحيون”.
وحسب المعطيات ذاتها، وبالنظر إلى “الفئة السوسيومهنية لرب الأسرة”، بلغ ارتفاع الأسعار 6,1 في المائة لدى المستغلين والعمال الفلاحيين، و5,6 في المائة لدى العمال المؤهلين، و5,5 في المائة لدى العمال غير المؤهلين، وبالنسبة نفسها بين التجار والوسطاء التجاريين والماليين. هذا، بينما ارتفعت الأسعار بنسبة 5,4% في أوساط “الأطر المتوسطة والمستخدمين”، و5,2% لدى “المسؤولين والأطر العليا”.
وحسب المنتجات والخدمات المستهلكة، سجلت الـHCP تأثير ارتفاع أسعار منتجات وخدمات “النقل” بشكل وصفته بـ”الحاد” على الأسر التي يرأسها “المسؤولون والأطر العليا” (16,3%)، مقابل 7,9% لدى الأسر التي يرأسها “العمال غير المؤهلين”.
وعلى العكس من ذلك، بلغ أثر التضخم في المواد الغذائية على أسر “العمال غير المؤهلين” (9,6%)، مُشكّلا نسبة أكبر تفوق تلك الممثلة لدى أسر “المسؤولين والأطر العليا” (7%).