أخبار

هل باتت تونس على حافة الإفلاس ؟

قاربت نسبة ديون تونس من ناتجها المحلي حوالي 80 في المئة، وفي وقت تزيد الضغوط على الميزانية لارتفاع المصاريف أمام محدودية موراد الحكومة، تضاعفت المخاوف من “إفلاس الدولة”.

وخلال جلسة عامة للبرلمان التونسي، هذا الأسبوع، قالت وزيرة المالية، سهام نمصية، إن الخلل في سداد قروض البلاد الخارجية قد يؤدي إلى إفلاس الدولة.

وأوضحت المسؤولة التونسية أن مصاريف الدولة تفوق مداخليها ما يحث على ضرورة البحث عن موارد أخرى إضافة إلى البحث عن قروض داخلية وخارجية.

والخميس، اقترح الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إقرار ضريبة جديدة على من يستفيدون من الدعم “بدون وجه حق”، وذلك من أجل الاستغناء عن قرض من صندوق النقد الدولي و”إملاءاته”.

إفلاس الدولة
يقول الخبير الاقتصادي، وسيم بنحسين، إن المعنى الكلاسيكي لإفلاس الدولة هو أن الحكومة أو ممثلا عنها يعلن أن الدولة غير قادرة على دفع القروض الخارجية، سواء الدفع بشكل جزئي أو كلي.

ويشير بنحسين في حديث لموقع “الحرة” إلى أن الدولة عندما تعلن عجزها عن السداد يتم تغيير تصنيفها في المؤسسات المالية المختصة، ويصعب عليها الحصول على قروض بفوائد مخفّضة.

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي التونسي، رضا شكندالي، إن الإفلاس يعني أن الدولة عاجزة عن تسديد ديونها الخارجية وليس الداخلية، لأن الديون الداخلية تسدد بالعملة المحلية والبنك المركزي قادر على طبعها لكنه بالمقابل لا يمكنه طبع العملة الأجنبية.

ويوضح شكندالي في حديث لموقع “الحرة” أن “إعلان الإفلاس” يعني أن ثقة المانحين تنخفض وبالتالي يصعب على الحكومة التونسية الحصول على قروض، لأن المستثمرين والمؤسسات المانحة تفقد الثقة ولا يمكنها تقديم قروض بسبب إدراكها لصعوبة استردادها.

وتونس المثقلة بالديون، حصلت على موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي، في منتصف أكتوبر، لتحظى على قرض جديد بنحو ملياري دولار لمساعدتها على تجاوز أزمتها المالية الخطيرة.

لكن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم وجود التزام حازم من تونس لإعادة هيكلة أكثر من 100 مؤسسة عامة مثقلة بالديون ورفع الدعم عن بعض المنتجات الأساسية.

أزمة حقيقة أم مجرد تهويل ؟
ويقر شكندالي في حديثه لموقع “الحرة” أن الأزمة في تونس حقيقية وهي أزمة مالية خانقة، “خاصة على مستوى تآكل مخزون الدولة من العملة الأجنبية”.

ويتكرر النقص في توافر المواد الأساسية في البلاد من محروقات وحبوب وقهوة بسبب تخلف الدولة عن سداد ثمنها للمزودين بالخارج فضلا عن ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية.

وكان أحمد الهمامي، الناطق الرسمي باسم “تحالف أحرار” المؤيد للرئيس التونسي اعتبر في حديث سابق لموقع “الحرة”، أن مخاوف الاتحاد الأوروبي “مبالغ فيها” و”فيها تحامل على تونس سياسيا”.

وأوضح الهمامي أن الاتفاق مع البنك الدولي يتجه في الطريق الصحيح، وأن تونس ليست معزولة عن العالم والأزمة الاقتصادية عالمية، وليست تونسية فقط.

من جانبه، يرفض الخبير الاقتصادي بنحسين وصف الحديث عن الأزمة في تونس بأنه “تهويل”، ويشير إلى أن الأزمة واقع وهي ناتجة عن “سياسات دول أخرى”، تحاول استعمال تونس لأغراضها السياسية والاقتصادية، بحسب تعبيره.

وتعبر أوروبا عن قلقها إزاء عدم إحراز تقدم وانهيار محتمل للاقتصاد التونسي يمكن أن يزيد من تدفق المهاجرين نحو الشواطئ الأوروبية.

“عود كبريت”
وتطرّق الرئيس التونسي، السبت، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى معارضته للشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي على بلده مقابل منحه قرضا تناهز قيمته ملياري دولار، بحسب بيان صدر عن الرئاسة التونسية.

ورغم الموافقة المبدئية التي حظيت بها تونس للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، في منتصف أكتوبر، إلا أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم التزام تونس الصارم تنفيذ برنامج إصلاح لإعادة هيكلة أكثر من 100 شركة مملوكة للدولة ومثقلة بالديون، ولرفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية.

وقال سعيّد لماكرون وفق البيان إن “شروط صندوق (النقد الدولي) بمثابة عود ثقاب يشتعل إلى جانب مواد شديدة الانفجار”.

وفي اتصاله مع ماكرون، ذكّر الرئيس التونسي “بالأحداث الدامية التي سقط خلالها مئات الشهداء في 3 (يناير) من عام 1984 حين تم رفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها” في عهد الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة.

“حلول” للأزمة
وكان الرئيس التونسي أعلن، مطلع أبريل، رفضه “إملاءات” صندوق النقد الدولي، مؤكدا ضرورة “التعويل على أنفسنا” لتجاوز الأزمات المالية والاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.

ومن أجل الاستغناء عن قرض من صندوق النقد الدولي و”إملاءاته”، اقترح سعيد، الخميس، إقرار ضريبة جديدة على من يستفيدون من الدعم “بدون وجه حق”.

وقال سعيد خلال لقاء مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن: “بدل رفع الدعم تحت مسمّى ترشيده، يمكن توظيف أداءات (ضرائب) إضافية على من يستفيدون بدون وجه حق بدعم العديد من المواد وبدون الخضوع لأي إملاءات خارجية”، بحسب بيان صادر عن الرئاسة.

ولم يوضح سعيد الفئة التي تستفيد من الدعم ولا كيفية توظيف الضريبة التي يقترحها، وتدعم الحكومة التونسية المواد الاستهلاكية الأساسية من محروقات وخبز وقهوة وسكر وأرز.

وفي معرض حديثه عن حلول للأزمة، يرى الاقتصادي شكندالي ضرورة تسريع المفاوضات مع البنك الدولي، وأن تبدأ الدولة التونسية برنامج إنقاذ مالي.

ويشير شكندالي في حديثه لموقع “الحرة” إلى أنه سبق أن اقترح برنامج إنقاذ يشمل إجراءات من بينها وضع قطاع الفوسفات تحت مراقبة الجيش من أجل إعادة التصدير إلى مستواه، وتشجيع التونسيين في الخارج على فتح حسابات بالعملة الصعبة بفوائد تفضيلية.

ويواجه الاقتصاد التونسي تضخما مرتفعا تجاوزت نسبته 10 في المئة، وبطالة عالية بأكثر من 15 في المئة ونسبة مديونية في حدود 90 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى