في يوم الاحتفال باليوم الوطني للمجتمع المدني بالمغرب 13مارس 2024…الحركة الوطنية ونشأة المجتمع المدني بالمغرب
محمد شهيب مسؤول فضاء الذاكرة التاريخية للمقـاومة والتحرير بعين بني مطهر
يحتفل الشعب المغربي بصفة عامة، والمجتمع المدني بصفة خاصة باليوم الوطني للمجتمع المدني الذي يصادف 13 مارس من كل سنة، وهي مناسبة للوقوف على ما حققه المجتمع المدني في المجالات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والحقوقية والبيئية التي تتدخل فيها الجمعيات المدنية، وما يلزم القيام به في المستقبل ليكون المجتمع المدني بالفعل شريكا محوريا في تحقيق التنمية المستدامة.
وتحرص المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنويا على الإحتفاء باليوم الوطني للمجتمع المدني على مستوى وحداتها الإدارية جهويا وإقليميا ومحليا، ومن ضمن هذه الوحدات، فضاء الذاكرة التاريخية للمقـاومة والتحـرير بعين بني مطهر الذي شهد تنظيم زيارات إستطلاعية للفضاء لفائدة التلاميذ وأعضاء الجمعيات والفعاليات المدنية المحلية بالموازاة مع إقامة أنشطة فكرية وثقافية وتربوية وبيئية بالمناسبة، والغاية من الإحتفاء باليوم الوطني للمجتمع المدني هي التذكير بما قدمته وتقدمه الجمعيات المدنية من عمل متواصل وملحوظ في المجالات السالفة الذكر ،ومساهمتها في تكريس الديموقراطية التشاركية والتنمية البشرية الشاملة والمستدامة والدفاع على الثوابت الوطنية والوحدة الترابية للمملكة المغربية من طنجة الى لكويرة
وللحديث عن المجتمع المدني بالمغرب، باعتباره مجموعة من المؤسسات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تعمل في استقلال نسبي عن سلطة الدولة، وجب التطرق إلى دور الحركة الوطنية في ظهور البوادر الأولى له خلال مرحلة الحماية على المغرب . قامت فرنسا بفرض الحماية على المغرب سنة 1912، ثم عمدت إلى تحويل نظام الحماية إلى استعمار مباشر لتتحكم في العباد وتنهب خيرات البلاد،فأصدرت الظهير البربري سنة 1930، لتحقيق هيمنتها على المغرب عن طريق التفرقة بين العرب والأمازيع. وقد فطنت الحركة الوطنية الفتية لخطوة فرنسا البائسة، وقادت المظاهرات المناوئة للظهير المشؤوم، فتفاعلت الجماهير الشعبية مع موقف الوطنيين من خلال قراءة اللطيف في المساجد والإنخراط في الأشكال الإحتجاجية على سياسة فرنسا المبنية على الاستبداد والاستغلال، استغلت الحركة الوطنية أزمة الظهير البربري واتصلت بالملك محمد الخامس وبينت له مخاطر هذا القانون، ثم انكبت على الخطوات النضالية في مواجهة الغطرسة الفرنسية، فتقدمت إلى السلطات الإستعمارية بمطالب الإصلاح سنة 1934 ثم المطالب الإستعجالية للشعب المغربي سنة 1937 وصولا إلى وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 .
وخلال حقبة الأربعينات، كانت الحركة الوطنية قد بلغت مرحلة مهمة من الوعي السياسي، وكانت تسعى في ارتباط وتلاحم مع الملك المغفور له محمد الخامس إلى تحقيق استقلال المغرب وبناء دولة عصرية وتحديث المجتمع وعصرنته، فاستغلت المناخ العالمي المتميز بظهور حركات التحرر بعد الحرب العالميةالثانية، وبزوع المؤسسات المدنية والحركة النسائية في عدد من الدول، حيث كانت الحركة الوطنية تربط بين تصفية الإستعمار وتطوير المجتمع وتحديثه، فقامت بتأسيس الأحزاب السياسية (حزب الإصلاح الوطني 1936 ) (الحركة القومية1937 ) ( حزب الاستقلال 1943 ) ( حزب الشورى والاستقلال 1947) والنقابات العمالية ( الاتحاد المغربي للشغل 1954). إلى جانب الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية فكر مناضلو الحركة الوطنية في النهوض بالوعي لدى المواطن المغربي، فعمدوا إلى تشكيل نواة مجتمع مدني مغربي كفيلة بتقديم خدمات للمواطنين وتأطيرهم وتوعيتهم بقضية بلدهم. وإعدادهم لمعارك المستقبل بداية بالتخلص من فرنسا ، (جمعية تلاميذ المدرسة الإدريسية بفاس)، ( فرقة الكشفية 1933) حيث وافق الملك محمد الخامس رحمه الله على تسميتها باسم ولي العهد آنذاك الملك الحسن الثاني رضوان الله عليه لتصبح الكشفية بالمغرب تهتم بقضايا المرأة الحسنية، ( أخوات الصفا 1947) وهي أول جمعية (حركة الطفولة الشعبية 1956)، (الجمعية المغربية لتربية الشبيبة 1956)، وكخلاصة يمكن القول أن نشأة المجتمع المدني بالمغرب ترجع إلى عهد الحماية الفرنسية والاسبانية ، وهذا المجتمع المدني وضعت لبناته الأولى الحركة الوطنية المغربية التي كانت تقود بمعية المغفور له محمد الخامس معركة الشعب المغربي في التحرر والانعتاق وتطوير المجتمع وتحديثه. فبعد استقلال المغرب (18 نونبر 1956)، ومع التطور الذي حصل في المجتمع أضحت التنمية ورشا جماعيا وعرفت تدخل القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، هذا الأخير أمسى شريكا أساسيا للدولة والجماعات المحلية لتحقيق التنمية المستدامة . وقد تمت مكافأة المجتمع المدني بالمغرب في دستور 2011 الذي جاء بمؤسسة دستورية للجمعيات المدنية، وهي المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوى يهم النهوض بالشباب وتطوير قدراتهم، وتحفيزهم على المساهمة في الحياة الوطنية بروح المسؤولية.