ماكرون يريد إعداد الفرنسيين لأوقات أصعب
في حين تواجه العائلات الفرنسية ضغوطاً بسبب اضطراب سلسلة الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة ومعدلات الفائدة من دون أن تلوح في الأفق بوادر تحسن، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إعداد مواطنيه لأوقات أصعب نتيجة تبعات الجائحة والحرب في أوكرانيا.
وخطاب ماكرون الذي جاء خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء وبثّ مباشرةً بشكل استثنائي، أثار انتقادات من المعارضة اليسارية والنقابات، بينما دعت منظمات عدة إلى تعبئة وإضراب في 29 سبتمبر (أيلول).
وقال ماكرون الذي أعيد انتخابه في أبريل (نيسان) الماضي لكنه حرم من الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية في انتخابات يونيو (حزيران): «قد تبدو اللحظة التي نعيشها وكأنها قائمة على سلسلة من الأزمات الخطيرة لكن أعتقد أن ما نمر به هو تغيير كبير أو تحول كبير».
وتحدث عن آثار الحرب في أوكرانيا التي بدأت قبل ستة أشهر وأزمة المناخ، مشدداً على «نهاية الوفرة»، سواء كانت «نقدية» أو «منتجات تقنية» أو مواد أولية أو مياه.
وإلى جانب تعطل سلسلة الإنتاج بسبب الوباء وارتفاع التضخم مع زيادة أسعار الطاقة والغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا، وارتفاع معدلات الفائدة الذي يزيد تكلفة الاقتراض، تعيش الأسر الفرنسية تحت الضغط.
الأسوأ من ذلك، يهدد احتمال حدوث انفجار في أسعار الطاقة خلال فصل الشتاء بالحد من قدرتها على تأمين تدفئة. وقد خفّضت هوامش ميزانية الحكومة لمساعدتها في الأنفاق خلال العامين الماضيين للتخفيف من تأثير «كوفيد – 19» على النشاط.
وكان الرئيس الفرنسي أعلن في يوليو (تموز) الماضي أنه يريد إعداد «خطة تقشف» للطاقة لفرنسا. في الوقت نفسه شهد الفرنسيون هذا العام صيفاً اتسم بموجتي حر وجفاف تاريخيتين تعكسان تأثير الاحترار المناخي.
من جهته، صرح وزير الاقتصاد برونو لومير لقناة «فرانس 5» مساء الأربعاء أنه لا يتوقع حدوث «تحسن على جبهة التضخم» قبل بداية 2023.
وقال لومير: «في الأسابيع والأشهر المقبلة حتى نهاية 2022 سنواصل رؤية أسعار مرتفعة جداً. بعد ذلك، في بداية 2023. وعلى كل حال هذا ما نتوقعه، في الربع الأول من 2023، يفترض أن نرى الأسعار والتضخم يتراجعان. سيحدث ذلك تدريجاً».
لكنه أوضح أيضاً أنه «ليس لدينا سيناريو مطروح على الطاولة اليوم يتوقع تضخماً من رقمين في فرنسا»، حيث بلغ ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية 6.1 في المائة في يوليو على مدى عام، حسب المكتب الوطني للإحصاء.
في مواجهة هذا التحول وبينما تتذكر فرنسا حركة السترات الصفراء التي عكست غضب جزء من السكان منذ خريف 2018 وتخللت مظاهراتها أعمال عنف، قال ماكرون إن «مواطنينا قد يردون بقلق شديد». لذلك دعا فريق حكومته إلى «احترام الوعد والتعهدات التي تقدم».
وكان الخبير الاقتصادي فيليب مواتي حذر الاثنين من أن «الاستياء موجود»، مشيراً إلى أن نسبة الفرنسيين المؤيدين لحركة السترات الصفراء ارتفعت إلى 60 في المائة حسب استطلاع أجراه معهد «أوبسوكو» في يونيو الماضي.
وفي هذه الأجواء انتقدت المعارضة اليسارية والنقابات تصريحات ماكرون.
وقال رئيس «الكونفدرالية العامة للعمل» (سي جي تي) فيليب مارتينيز لقناة «بي إف إم – تي في» إن تصريحات ماكرون «رسالة بعيدة عن التوقعات». وأضاف: «عندما نتحدث عن نهاية الوفرة أفكر في الملايين من العاطلين عن العمل والملايين الذي يعيشون في وضع هش».
وتساءل محذراً: «هل يطلبون تضحيات جديدة؟ سيطلبها. سنعارضها».
ودعت منظمات إلى إضراب وتعبئة في 29 سبتمبر.
من جهته، كتب الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل في تغريدة على «تويتر»: «وكأن الفرنسيين كانوا دون أي هموم ولديهم فائض في الاستهلاك عشرة ملايين فقير فرنسي بسبب لامبالاة الرئيس ماكرون ونهب الأغنياء».
وبينما ستجري بعض الدول الأوروبية الكبرى مثل إيطاليا وإسبانيا انتخابات عامة قريباً، حذر إيمانويل ماكرون أيضاً من «نهاية المسلّمات» مثل «الديمقراطية وحقوق الإنسان».
ويبدو أن الحكم الديمقراطي الليبرالي يتآكل في مواجهة النماذج غير الليبرالية وبعض الحركات السياسية في شعوبها.
وأخيراً، ذكر الرئيس الفرنسي التهديد المعلوماتي في أجواء تتزايد فيها الهجمات وقد تتصاعد هذا الخريف، حسب بعض المراقبين.