إليزابيث في المغرب استقبال استثنائي ومواقف طريفة
زيارات عديدة جمعت التّاجين المغربي والبريطاني، تحضر من بينها ذكرى زيارة الملكة إليزابيث للمغرب، وذكرى زيارة الملك الحسن الثاني إلى بريطانيا، منذ أربعين سنة.
وفي سنة 1980، حلّت الملكة إليزابيث وزوجها فيليب دوق إدنبرة رسميا المغرب، لمدة استمرت أربعة أيام، زارا خلالها مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش.
وبعد سنوات، زار الملك الحسن الثاني لندن، وركب جنباً إلى جنب على متن عربة ملكية وسار مع الملكة وسط شوارع العاصمة البريطانية، واستمر مقامه هناك من 14 إلى 17 يوليوز من سنة 1987.
محمد الصديق معنينو، كاتب وصحافي ومسؤول إعلامي رفيع سابق، قال إن الملك الحسن الثاني قد أعد للملكة إليزابيث استقبالا استثنائيا، سواء في البروتوكول أو حفلات الاستقبال أو الحفلات الشعبية، وأعطاها حضورا دبلوماسيا وسياسيا كبيرا في المغرب.
وتابع : “كان الردّ على هذا الاستقبال استقبالا في لندن، فقد قدمت الملكة إلى محطة القطار، وانتظرته إلى أن قدم، وجاء بجلابته، وأركبته مركبة للتنقل، واستقبلته في حفلة عشاء كبيرة، في أكبر القصور البريطانية”.
وزاد معنينو: “كان لدى الملكة إليزابيث تقريبا إعجاب بالملكية المغربية؛ لأنها قديمة مثل الملكية البريطانية، ولحفاظها على بروتوكولات خاصة بها، لمئات السنين.. وهذه البروتوكولات حافظت عليها بريطانيا وطورتها، كما حافظ المغرب على بروتوكولاته وطورها”.
وقدم المتحدث مثالا باللباس الخاص للحراس، والجوقة الملكية التي تعزف النشيد وتلبس لباسا يعود إلى عهد السعديين، ومن وقفوا عند الاستقبال في المطار، بلباس يظهر نوعا من الوحدة يستمر منذ استقدمهم مولاي الحسن خليفة السلطان في الشمال، كما حافظ الملك الراحل، مثلا، على “التبنديقة” أي من يقولون “الله يبارك فعمر سيدي””.
وذكر معنينو أن الحسن الثاني قد عامل الملكة إليزابيث معاملة خاصة، “وإن كانت الصحف البريطانية قد تحدثت عن التأخر الذي اعتبرته عدم تقدير للملكة، إلا أنه عندما جاء الملك همس شيئا في أذنها، وأمسكا بيدي بعضهما وضحكا”.
ويتذكر معنينو غذاء الملكة، قائلا: “رغم أن عادتها الأكل بالشوكة، فإن الملك اقترح عليها الأكل بيديها، وأُحضِر إناء لتغسلهما، وأكلت بيديها، ربما لأول وآخر مرة في حياتها، وتناولت آنذاك طبقا فيه الحمام، وهو ما أثار حفيظة صحفٍ بريطانية ومدافعين عن حقوق الحيوان”.
لكن يتذكر معنينو أن “الرحلة كانت ناجحة”، مضيفا: “لم تكن الملكة لوحدها، بل رافقها رجال أعمال بحثوا في المغرب كيف تدخل بريطانيا ميدان الاقتصاد والتنمية بالبلاد”.
وذكر الكاتب المهتم بتاريخ المغرب الراهن أن العلاقات بين المغرب وبريطانيا قديمة؛ فـ”في القرن العشرين، كان للحسن الأول فريق عسكري يعيش معه، من بينه المسمى القايد ماكلين، الذي هو رئيس الحرس والجيش الخاص بالسلطان، وكان يتحدث بالعربية، وكان حاضرا دائما بالقصر. كما كان القنصل البريطاني هاي في طنجة، الذي استمر في منصبه لأربعين سنة وكان يتحدث العربية وكانت له مداخيله بالقصر، نظرا لما كان من صراع بين فرنسا وإنجلترا حول من ستفتح له الأسواق ليصدّر سلعه، ومن سيكون لديه نفوذ في القصر السلطاني، وهو ما استمر إلى عهد مولاي عبد العزيز”.
كما استحضر محمد الصديق معنينو ما جمع البلدين منذ القرن السابع عشر من “اتفاقيات لتبادل السفراء”.
ثم أجمل قائلا: “علاقات بلدينا لم تكن غائبة عن مخيلة الملكين في لقائهما، فالتقيا كملكيَّتَين عريقتين؛ ولأن كل منهما حافظ على طقوسه الخاصة، ولوجود رغبة في تمتين وتعزيز العلاقات القديمة بين المغرب وبريطانيا”.