المغرب يتحرك في “إفريقيا الأنجلوفونية” منفتحا على “خصوم الماضي”
تكثف الدبلوماسية المغربية حركتها في “إفريقيا الأنجلوفونية” منذ فترة ليست بالقصيرة توجت بالخطوة الكينية سحب الاعتراف بجبهة البوليساريو، لكن المجال لا يزال محفوفا بعقبات كثيرة بالنظر إلى تأثير جنوب إفريقيا ونيجيريا على قرارات دول عديدة.
ومنذ سنة 2017، بدأ المغرب في توسيع تحركاته الإفريقية خارج المجال الفرونكوفوني بتوقيعه اتفاقيات اقتصادية مع نيجيريا، آخرها أنبوب الغاز، والتنسيق الدائم بين شركة البترول الوطنية النيجيرية المحدودة (NNPCL) والمكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن في المغرب.
وانفتح المغرب كذلك على كينيا، بلقاء الرئيس وليام روتو مع وزير الخارجية ناصر بوريطة والاتفاق على سحب الاعتراف بجبهة البوليساريو، بينما ما يزال التنسيق مع تنزانيا حبيس لقاءات برلمانية جرت خلال هذا الشهر، طالب خلالها رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، بالتزام تنزانيا الحياد الإيجابي في قضية الصحراء.
وتشكل المواقف الثابتة المساندة للبوليساريو في نيجيريا وجنوب إفريقيا حجرة كبيرة أمام انتزاع مواقف مساندة لقضية الصحراء، خصوصا وأن البلدين يوفران غطاء دبلوماسيا لجبهة البوليساريو في ردهات الاتحاد الإفريقي.
موساوي عجلاوي، أستاذ العلاقات الإفريقية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أفاد بأن التحركات المغربية انطلقت منذ سنة 2017، وبأن الحضور على كل الواجهات أصبح استراتيجية وطنية تكسر المؤامرات العدائية وتعطي فرصة للمملكة من أجل طرح أفكارها.
وقال عجلاوي، في تصريح له، إن الدبلوماسية أساسا تعتمد على الحضور، مشيرا إلى أن المغرب يبحث عن استرجاع قواعده الأساسية في إفريقيا “الأنجلوفونية”، خصوصا أن عدد الدول المعترفة بالبوليساريو لا يتجاوز 12، أغلبها أنجلوفوني.
وسجل الأستاذ الجامعي ذاته أن سياق أنغولا، مثلا، يشبه كثيرا وضع نيجيريا؛ “فرغم الاعتراف بالبوليساريو إلا أن هذا لا يمنع الرغبة في علاقات جيدة مع المغرب”، منبها إلى أنه خلال مراسم تنصيب الرئيس الأنغولي وضع قائد الانفصاليين في الصف الأخير.
واعتبر عجلاوي هذه الخطوة “رسالة” من القيادة الأنغولية الجديدة إلى المغرب، مؤكدا أن “المملكة عموما تنزع نحو السلم والأمن والاستقرار في سياق دولي لا يرحم، في مقابل إصرار بعض الدول المغاربية على جر المنطقة نحو صراعات لا تعنيها”.
عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أشار إلى أن التحرك الدبلوماسي المغربي لم يعد يقتصر على غرب إفريقيا، بل انتقل صوب الشرق والوسط، وقال إن “معاكسة المملكة تأتي من بلدين فقط بشكل صريح، هما الجزائر وجنوب إفريقيا”.
وأوضح البلعمشي، في تصريح له ، أن “باقي الدول وإن اعترفت بجبهة البوليساريو، فهي لا توظف سياستها الخارجية من أجل مناصرة هذا الكيان”، مؤكدا أن هذا الاختيار بالنسبة للجزائر سياسي، في حين هو اقتصادي لجنوب إفريقيا، ويمكن العمل على تحسينه.
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن الطرح المغربي في قضية الصحراء يتوسع مجاله لدى العديد من الدول، خصوصا المتوفرة على الحد الأدنى من الديمقراطية، مسجلا استعادة المغرب لمكانته إفريقيا ودخوله فضاءات كانت حكرا على الخصوم.