عبد الفتاح بامو يتحدى الإعاقة بانتزاع 125 ميدالية ذهبية
لم يكن الشاب عبد الفتاح بامو (33 عاما) يتوقع أن تتحول جلسة صداقة مع أحد رفاقه بالطريق المؤدية إلى منتجع عين أسردون في أحد أيام صيف 2005 إلى مأساة؛ إذ داسته سيارة كانت تسير بسرعة جنونية، ما تسبب في فقدانه رجله اليمنى على الفور، فيما تم بتر اليسرى بعد حوالي 8 أشهر بمستشفى السويسي في الرباط.
“بعد شهور من المعاناة التي توازي العشرات من السنوات الضوئية، رفضت الاستسلام لحياة اليأس والأسى، وقررت مواجهة مصيري بنوع من التحدي، عبر التفكير في كل الطرق التي من شأنها إعادتي لمواصلة الحياة بشكل عادي”: يقول عبد الفتاح وهو يتذكر تلك اللحظات العصيبة التي مرّ منها.
عبد الفتاح كان قبل الحادث يهوى كرة القدم وكرة السلة مثل أقرانه في الحي، يواظب على اللعب ضمن الفرق المحلية، وبعد إعاقته ظل هاجس الرياضة يلازمه ويسكنه، ما حدا به إلى مواصلة المشوار، لكن هذه المرة ضمن رياضات الأشخاص في وضعية إعاقة.
في حديثه ، قال عبد الفتاح: “كنت لا أتوقف عن متابعة مباريات ومسابقات الفرق وتجارب الأشخاص في وضعية إعاقة، كان الأمر بالنسبة لي أشبه بحلم اليقظة، إلا أنه تحوّل بعد إصرار ومجابهة اليأس إلى حقيقة ملموسة كانت بدايتها في عام 2013”.
اضاف: “إلى حدود الساعة، حصلت على 125 ميدالية ذهبية في ملتقيات مختلفة، ومجموعة من الألقاب، ناهيك عن الميداليات الفضية والنحاسية التي ظفرت بها في الملتقيات الرياضية لسباق ذوي الاحتياجات الخاصة التي تشرف عليها الجامعة الملكية المغربية لرياضة الأشخاص في وضعية إعاقة”.
آخر ميدالية ذهبية أهداها عبد الفتاح للمغرب، حققها في الملتقى الدولي السادس لألعاب القوى مولاي الحسن، الذي نظمته الجامعة الملكية المغربية لرياضة الأشخاص في وضعية إعاقة، من 15 إلى 17 شتنبر الجاري بمدينة مراكش، بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
و جاء تتويج عبد الفتاح في هذا الملتقى الذي عرف مشاركة أبطال أقوياء من دول عدة، إثر فوزه بسباق 100 متر رجال فئة “T54″، متفوقاً على خصمه الهندي الذي حل ثانيا، فيما حل المغربي فتاح الطيبي في المركز الثالث.
و أكد عبد الفتاح أن هذه الألقاب جاءت تتويجا لمساره الطويل في سباق ذوي الإعاقة، رغم الإكراهات التي واجهته جراء قلة الدعم وغياب الاهتمام، منوها بساكنة بني ملال التي ما فتئت تقدم له التشجيع في كل المقابلات الرياضية داخل أو خارج أرض الوطن.
كما أن حصوله على هذه الألقاب التي جعلته يرفع راية الوطن في عدد من المحافل الدولية (تركيا-فرنسا-سويسرا…) وفي عدد من المدن المغربية، لم يشفع له في نيل رضا المسؤولين ورفع الإهمال الذي طاله، ولم يمكنه من الحصول على الأقل على كرسي متحرك يليق به كبطل عالمي حسب رأيه .
“لم يكن من السهل الوصول إلى هذه النتائج بالنظر الى الصعاب والعوائق التي واجهتني، ومع ذلك أمضيت قدما وواجهت العراقيل بطاقة إيجابية وتفاديت كل الأفكار السلبية، ورسمت هدفا محددا بعد هذا المسار المضني، وهو الوصول إلى المنافسات الدولية الكبرى، وبالتالي المشاركة في الأولمبياد”، يسرد عبد الفتاح معاناته اليومية وهو يأمل أن يصبح بطلا عالميا.
وذكر عبد الفتاح أنه استُقبل من طرف والي جهة بني ملال خنيفرة، بعدما انخرط في أشكال احتجاجية، وتلقى وعودا بتوفير الظروف المادية والمعنوية لاستكمال مشواره الرياضي للمضي في حصد المزيد من الألقاب، إلا أن طموحه في هذا الشأن لم يتحقق بالشكل الذي كان يريد.
وتمنى عبد الفتاح أن يبعث الأمل في نفوس الأشخاص ذوي الإعاقة الذين تُقوضهم إعاقتهم باستحضار مساره الحافل بالتتويج، مشددا على أن الإعاقة ليست عائقا، بل هي مبعث الأمل وبصيص الضوء في نفق مظلم تتطلب من صاحبها المضي قدما مثل الأشخاص الأسوياء.