انتخابات دولة الكويت
تشهد نهاية شهر سبتمبر من كل عام انخفاضًا في درجات الحرارة يتراوح بين ١٠ و٢٠ درجة قياسًا بشهور يونيو ويوليو وغشت، لكن الكويت تشهد هذه الأيام ارتفاعًا في درجة الحرارة السياسية بشكل ربما لم تشهد له مثيلًا من قبل.
يستعد المواطنون الكويتيون للتوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الأمة التي تعتبر الانتخابات البرلمانية التاسعة عشرة في تاريخ الكويت منذ إنشاء مجلس الأمة عام ١٩٦٢ في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح.
بلغ عدد المرشحين لهذه الانتخابات 376 مرشحًا، بينهم 349 مرشحًا و27 مرشحة، في ظل توقعات بمنافسة شرسة بين كافة المرشحين للفوز بمقاعد المجلس الـ50، فيما يسود تفاؤل باستعادة المرأة مقعدها البرلماني في مجلس الأمة القادم بعد فشلها في الفوز بأي مقعد في المجلس المنحل.
وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وطبقًا للأرقام الرسمية المعلنة، يبلغ عدد من يمكنهم الانتخاب في الكويت نحو 800 ألف ناخب وناخبة.
وفي 13 سبتمبر الحالي، أصدرت لجنة فحص طلبات الترشيح قرارًا بشطب 14 مرشحًا لعدة أسباب مختلفة، ومن بين أبرز المشطوبين: عبدالله البرغش، خالد شخير المطيري، محمد الجويهل، نايف المرداس، عايض بوخوصة، أنور الفكر، ومساعد القريفة.
وكان أبرز من تقدم إلى الترشح في الانتخابات الحالية، رئيس مجلس الأمة الأسبق، أحمد عبدالعزيز السعدون، عن الدائرة الثالثة، بعد غياب دام عشرة أعوام.
كما شهد التسجيل في الانتخابات، عودة “حركة العمل الشعبي” (حشد)، والتي يتزعمها النائب السابق والمعارض البارز مسلّم البراك.
كما عاد “المنبر الديمقراطي الكويتي”، المقاطع للانتخابات هو الآخر، إلى الترشح عبر ممثله الوحيد عزام بدر العميم عن الدائرة الثالثة.
كذلك سجّلت في الانتخابات، “كتلة الـ5” المعارضة في مجلس الأمة السابق، والتي يتزعمها النائب السابق والبرلماني، حسن جوهر، الذي يخوض الانتخابات في الدائرة الأولى، إلى جانب عبدالله المضف، بالإضافة إلى بدر الملا في الدائرة الثانية، ومهند الساير ومهلهل المضف عن الدائرة الثالثة.
وتقدّم إلى التسجيل في الانتخابات، عدد من أعضاء المعارضة في المجلس السابق، أبرزهم محمد المطير، وشعيب المويزري، وخالد المونس العتيبي، وعبدالكريم الكندري، وثامر السويط، والصيفي مبارك الصيفي، وفارس سعد العتيبي، ومرزوق الخليفة، ومبارك الحجرف.
كما شهد التسجيل في الانتخابات، ترشح أستاذ القانون والنائب السابق، عبيد الوسمي عن الدائرة الرابعة، والذي قاد ما عُرف بـ”الحوار الوطني” بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المجلس المنحلّ، إلى جانب عدد من النواب السابقين المقربين منه.
ومن الإشارات البارزة في الانتخابات الحالية، تقدّم وزير الدولة لشئون الإسكان والتطوير العمراني والنائب السابق، عيسى الكندري، بترشحه عن الدائرة الأولى، عقب تقديمه استقالته من الحكومة الحالية، عند صدور مرسوم الدعوة إلى الانتخابات.
وإلى جانبه، تقدم ثلاثة من أعضاء مجلس الأمة السابق، والذين تقلدوا حقائب وزارية في الحكومة الأخيرة لرئيس مجلس الوزراء السابق، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، إلى الترشح في الانتخابات، وهم وزير الإعلام والثقافة السابق، حمد روح الدين الكندري، عن الدائرة الأولى، ووزير الشئون الاجتماعية والتنمية المجتمعية ووزير الدولة لشئون الإسكان والتطوير العمراني السابق، مبارك العرو عن الدائرة الثالثة، ووزير الدولة لشئون مجلس الأمة السابق، محمد عبيد الراجحي، عن الدائرة الرابعة.
ويتوقع محللون سياسيون كويتيون أن يحصل القطب البرلماني البارز ورئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون على رئاسة المجلس الجديد، خاصة بعد انسحاب مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة المنحل، من الترشح لهذه الدورة.
وخلال الأيام الماضية تصاعدت حدة الجدل في الكويت حول ما يُطلق عليها “وثيقة القيم” التي وصفها البعض بالرجعية.
وأثارت “وثيقة القيم”، التي أطلقها عدد من رجال الدين والشخصيات في الكويت، ودعوا مرشحي الانتخابات البرلمانية للتوقيع عليها، جدلًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد حول “خلط الدين بالسياسة” و”مصادرة الحريات”، ووصفها الكويتيون بوثيقة العار.
وبحسب بنود هذه الوثيقة، فإنه “لا اختلاط في الجامعات بين الجنسين، ولا نوادي سباحة، ولا مهرجانات غنائية، ولا دورات لعلوم الطاقة، ورقابة مشددة على محلات المساج”!
ويبقى أن نشير في نهاية هذا المقال إلى تأكيد ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، أنه لا تدخل مطلقًا في انتخابات مجلس الأمة، وأن لكل مرشح مطلق الحرية في عرض برنامجه الانتخابي، وأن الدولة لا تناصر مرشحًا على آخر، وتلك هي الديمقراطية التي تتمتع بها دولة الكويت، ويحق لها أن تفخر بها طوال ٦٠ عامًا من الممارسة البرلمانية.