ائتلاف مغربي يتشبث بإلغاء عقوبة الإعدام وضمان الحق في الحياة
واصل الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام ترافعه الرامي إلى إلغاء العقوبة من فصول القانون الجنائي المغربي، مبديا تشبثه باحترام منطوق الفصل 20 من الدستور، الذي نص على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان”.
ويُبدي الائتلاف تمسّكه بإلغاء عقوبة الإعدام التي تم توقيف تنفيذها عمليا منذ سنة 1993، لكن محاكم المملكة مازالت تنطق بها؛ فيما مازال المغرب يمتنع عن المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لإلغاء عقوبة الإعدام، منذ سنة 2007.
وبلغ عدد المرات التي حكمت فيها المحاكم المغربية بالإعدام 10 سنة 2021، بينما يبلغ عدد السجناء المحكومين بالإعدام خلال السنة نفسها 76 سجينا، بحسب أرقام المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
ووصف الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وضعية السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب بـ”العصيبة”، مشيرا، في تقرير صادر عنه، إلى أنهم يشعرون بالنقص والتهميش والنسيان، كما جاء في تقرير المقرر الخاص المعني بالتعذيب، لسنة 2013. كما سجّل الائتلاف، استنادا إلى دراسة أنجزها عام 2019، أن وضعية السجناء المذكورين “لم تتطور إلا قليلا”.
وبحسب المعطيات الواردة في الدراسة المذكورة، التي شملت 51 شخصا محكوما بالإعدام، فإن معظم المحكومين بهذه العقوبة يستفيدون من الإقامة الفردية، لكن 18 في المائة منهم محتجزون في إقامات جماعية يتراوح عدد السجناء فيها ما بين 6 و13 سجينا.
واستنادا إلى المصدر ذاته فإن 18 في المائة من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام لا يستفيدون من إمكانية التواصل مع العالم الخارجي ومع عائلاتهم، مسجّلا أن التواصل بين المحكومين وأطفالهم “محدود للغاية”، ذلك أن 78 في المائة منهم لا يمكن لأطفالهم زيارتهم، “ما يؤدي إلى انهيار الروابط الأسرية”.
واعتبر عبد الإله بنعبد السلام، عضو الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، أن الموقف المغربي من إلغاء عقوبة الإعدام “يتسم بمفارقة غريبة”، مشيرا إلى أن الإلغاء كان مقررا أن يُتخذ بعد تقديم التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الذي يتضمن توصية بإلغاء عقوبة الإعدام، وصادق عليه الملك، لكن ذلك لم يتمّ.
وقال بنعبد السلام في تصريح له: “المغرب يمتنع منذ عام 2007 على المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لإلغاء عقوبة الإعدام، رغم أن العقوبة لم تنفذ منذ عام 1993، وهذا يجعلنا لا نفهم كيف يفكر العقل السياسي المغربي”.
ويشهد النقاش الدائر في المغرب حول عقوبة الإعدام زخما، خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش عام 2014، حيث دعا إلى توسيع النقاش حول هذا الموضوع، إضافة إلى الإشارات الصادرة عن وزير العدل السابق، محمد أوجار، التي تصب في اتجاه احتمال إلغاء العقوبة، لكن لم تَلُحْ في الأفق أي إشارات جدّية لإلغائها.
ورغم الإشارات الإيجابية الصادرة عن صانع القرار فإن أحكام عقوبة الإعدام سارت في منحى تصاعدي خلال الإحدى عشرة سنة الأخيرة، إذ انتقلت من 4 حالات سنة 2010؛ وسُجل أعلى عدد سنة 2017، ثم تراجع إلى 10 حالات سنة 2021.
وقامت الحكومة بخفض عدد الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام في مشروع القانون الجنائي الجديد، من 37 جريمة إلى 11 جريمة، غير أن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام يرى أن هناك فئة ثالثة يمكن أن تخضع لهذه العقوبة، وهي الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، داعيا إلى إلغائها نهائيا من القانون الجنائي.
ويربط متابعون عدم إقدام المغرب على إلغاء عقوبة الإعدام بطبيعة المجتمع المغربي “المحافظة”، غير أن عبد الإله بنعبد السلام يستبعد هذا الطرح بقوله: “القرارات المهمة في الدول تُتخذ حتى إذا لم تكن هناك موافقة أغلبية المجتمع، ففي فرنسا عندما ألغى الرئيس ميتران عقوبة الإعدام لم يكن الفرنسيون متفقين مع هذا القرار، ولكن تم تنفيذه”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “عقوبة الإعدام عندما كانت تُنفذ كانت تستهدف بالأساس المعارضين السياسيين، كما أنها ليست رادعة كما يعتقد البعض، لأن الدول الأوروبية التي ألغتها تنخفض فيها نسبة الجريمة بشكل كبير، مقارنة مع الدول التي مازالت تطبقها”.