“أصيلة مدينة الفنون” .. موعد متجدد لإبداعات الطفولة
ملامح فنية جديدة تستقبل بها أصيلة زوّارها، خريف 2022، في أحدث دورات موسمها الثقافي السنوي المستمر منذ ما يزيد عن 43 سنة.
بجداريات جديدة، ومعارض تشكيلية لأبناء المدينة وضيوفها، فضلا عن أعمال معروضة وقعها تلاميذ، ترافقُ الفنون التشكيلية والرسومات أطوار النقاش السياسي والثقافي لهذه الدورة التي من المرتقب أن تستمر إلى مطلع شهر نونبر المقبل.
هذا الموسم الثقافي الذي كانت فيه جدران المدينة العتيقة بأصيلا على موعد، طيلة عقود، مع تعبيرات مغربية وعربية ودولية، جدد عرضه، مرة أخرى، هذه السنة.
بشعار “أصيلة… مدينة الفنون”، من بين ما تقدمه هذه الدورة مشغل للفنون التشكيلية، يجمع فنانين مكرسين مهتمين بالصباغة والحفر والطباعة الحجرية، ومشاغل للأطفال تهتم بتعبيرهم الأدبي والتشكيلي.
كما تحضر بالمدينة معارض فردية وجماعية؛ من بينها معرض للفنان المغربي سهيل بنعزوز، ومعرض إماراتي مهتم بالفنون التقليدية الإسلامية اختار “البردة” عنوانا له، ومعرض إسباني للفنان جوزيب كودينا، والفنانة روزير ساليس نوغيرا.
و في جدران مدرسة ابن خلدون بالمدينة العتيقة، يجد الزائر نفسه على موعد مع تعبيرات تلميذات وتلاميذ يستلهمون معالم المدينة، وفنّها مثل الموجة الضخمة لابن المدينة الراحل التشكيلي محمد المليحي، ويعبرون عن فرح متناغم مع الطبيعة والصفاء، أو ينغمسون في عوالم متخيَّلة.
وبين الرمز والتجريد لا تخلو جداريات، المكرَّسين من أبناء المدينة وضيوفها، من تعبيرات يعالج بعضها الحضور المكثف للآخر الجاثم على صدر التجربة الفردية، أو التطلع إلى حرية لا يجد فيها العصفور نفسه سجين سواد مرسومِ الحدود سلفا.
وتحضر ملامح الإنسان، تمَيُّزه، في جدارية توسطت متاجر التذكارات التقليدية؛ لكنها تتشابه، في تقاسيمها وتعبيراتها؛ مقدمة طابع قلق جماعي، وحزن يبدو ألا مناص منه في الأزمنة الحديثة.
و بما أن هذه الأعين نسائية، فقد تقتصر القراءة على وضع المرأة: بَسماتٌ لا تنفي ألما تسيل به الألوان التي تصير جزءا من الملامح، تضفي رهبة على المكان، وتحث على التفكير ومساءلة تجربة عيش الإنسان، هنا أولا.
غير بعيد عن هذه الجدارية، يحضر عالَم أبسط، وجمال غير مركب، يسرّ الناظر، رسالتُه بينة: قرب إنساني تزهر به حياتنا القصيرة، يدفئ الصدر، ويعرفنا على ممكنات أنفسنا التي لا تكتمل إلا بالآخر، الذي ما إن يتحقق الصدق، وظروفه، نكتشف أنه يتمم نقصنا، وأن الإنسان، ولو ادعى ما ادعاه، لا حياة له بمعزل عنه.
وفي معرض “الفنانين الزّيلاشيين الشباب” احتفاء متجدد بالإبداع المحلي في معبر خاص يندمج فيه قصر الريسوني التاريخي “قصر الثقافة” بالجدار التاريخي للمدينة، الذي شيد ليقي “شرور البحر”، دون أن يسطَع حجب صدى موجه ونسيمه.
يشارك في هذا المعرض فنانون، هم: أحمد اكويرط الشاوي، سليمة العضراوي، إبراهيم الجباري، هيبة فخاري، طارق فيطح، سلمى الجبارتي، وأحمد اللواح.
تتعدد التجارب المعروضة بهذا الفضاء، فمن التأملات التي تضع الجسد، حضورَ الإنسان، في قلب العالَم، إلى التعبيرات التي تمد اليد للاستمرارية بين شيوخ المدينة وشبابها، أو التي تحضر فيها المدينة فضاء مسيجا يقي من إعصار أكبر، موجود، ولو سترته الأسوار لحظةَ.
وتستلهم لوحات تعبيرات عالمية صارت مرجعا، مثل “قبلة” كليمت، التي تأقلمت هنا وملامحَ المنطقة، بكل حمولات القرب والاكتمال بعد نقصانٍ… بينما يوجد في أخرى البحث عن قطع أحجية عصية عن الاكتمال يمكن أن يحملّها الناظر ما شاء من معانٍ تحيط بكافة جوانب العيش وتاريخه وأفقه.
و لا يغيب في أعمال فنية أخرى، معروضة بـ”ديوان قصر الثقافة” انتصار للجمال الخام الذي وإن زهدت فيه الأعين القلقلة، لا تغيب عنه البساطة الدالة.