السنتيسي يتأسف لعدم وفاء الحكومة بكل تعهداتها ويطرح مقترحات لتصحيح الوضع
عقد مجلس النواب جلسة عمومية اليوم الخميس خصصها للدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية رقم 50.22 للسنة المالية 2023 حسب برنامج يتضمن تقديم تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية و الشروع في المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية.
وفي هذا السياق، أدلى إدريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب بكلمة افتتحها بالتأكيد على “أن الوحدة الترابية لبلادنا تظل في صلب انشغالنا الوطني الجماعي باعتبارها قضيتنا الوطنية الأولى، ولا يسعنا في الفريق الحركي إلا أن نسجل بتقدير كبير التقدم الحاسم والنجاحات الدبلوماسية التي حققتها بلادنا في هذا الإطار، من خلال الدعم المتصاعد للعديد من الدول الشقيقة والصديقة على امتداد أرجاء المعمور”.
كما ثمن النائب البرلماني مضامين الخطابين الملكيين الساميين بمناسبة 20 غشت وذكرى المسيرة الخضراء، والمقاربة التي زاوجت بين المنظور السياسي والدبلوماسي والتنموي، وبين اعتبار ملف الصحراء بمثابة النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، ويقيس بها صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.
وذكر السنتيسي أنه ووفاء لروح المسيرة الخضراء ،يتطلع إلى “أن تبادر الحكومة إلى العناية بالأوضاع الاجتماعية للمتطوعين في المسيرة الخضراء وذوي الحقوق من أبناء المتوفين منهم”.
وتفاعلا مع مشروع قانون المالية، قال رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إن “هذا المشروع يعتبر في الحقيقة موعدا سنويا مهما، ومحطة أساسية لاختبار مدى وفاء الحكومة بتعهداتها الواردة في البرنامج الحكومي، وقبلها الالتزامات الانتخابية للأحزاب الممثلة في الحكومة.
و أضاف أن “قانون المالية لا يمكن اختزاله في الأرقام فقط على أهميتها، بل يعتبر هذا القانون فرصة لمعرفة التوجهات، وإرادة الحكومة في حل المشاكل المطروحة وقدرتها على ابتكار الحلول لهذه المشاكل” مشيرا إلى أن “تحقيق الكرامة والسعادة للمغاربة لا علاقة له بالمقاربة المحاسباتية”.
وصرح أنه لا يمكنهم كمعارضة أن ينكروا بعض الإيجابيات المتمثلة أساسا في الاعتمادات التي تم ضخها في بعض القطاعات كالتعليم والصحة، ورفع الاعتمادات المخصصة للاستثمار العمومي، رغم أن نسبة التنفيذ لا تتجاوز 70 في المائة” مبرزا أنهم كفريق منبثق من حزب بعمق وطني أصيل، لا يمكنهم إلا أن يتمنوا النجاح لهذه التجربة الحكومية.
و أردف السنتيسي أن “هذا المشروع لازال بعيدا عن قواعد القانون التنظيمي للمالية، وعن طموح بناء سياسة عمومية جديدة تربط الأرقام بأهداف اقتصادية واجتماعية محددة في الزمان والمجال، وقابلة للخضوع للرقابة البرلمانية”، مشروع على حد تعبيره “يظل رهينا بكرم السماء وتراجع الأسعار في السوق الدولية، وحجم العملة التي يوفرها مغاربة العالم في سياق صعب”.
وتأسف النائب البرلماني عن حزب السنبلة لعدم وفاء الحكومة -التي عقد المغاربة أملا عليها- بكامل التزاماتها مبرزا أن “الالتزامات العشر التي تضمنها البرنامج الحكومي بقيت مجرد أدبيات للاستهلاك السياسي، فلم يتحقق منها إلا النزر القليل، علما أننا قطعنا قرابة 20% من هذه الولاية الحكومية” .
كما أكد أن الحكومة” تذرعت أيضا بالسياق الدولي واختلال سلاسل الإنتاج والتوريد على المستوى العالمي وارتباك أسواق الطاقة والمواد الأولية والغذائية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا بالإضافة إلى التقلبات المناخية”. ونفى أن يكونوا لمسوا ما يبرهن على أن حكومة “الكفاءات” استطاعت أن تستفيد من الفرص والآفاق التي تفتحها هذه التحولات، بل بحسب السنتيسي ” إن الحكومة اجتهدت فقط في توزيع الدعم والثروة، بدل الاجتهاد في إنتاجها، واستهدفت بالدرجة الأولى جيوب المواطنين بدل الرفع من قدرتهم الشرائية”.
وأشار السنتيسي في كلمته إلى أن فريقه كان “يتطلع بأن تكون هذه الحكومة مبدعة حقا في إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المستعصية”، و بأن “تكون هذه حكومة دائمة التواصل مع البرلمان ومع الرأي العام.”
كما أضاف أنهم انتظروا دورا فاعلا لرئيس الحكومة ” بحكم الظروف الاستثنائية التي عاشها العالم” من قبيل “أن يأتي في إطار الفصل 68 من الدستور لتقديم بيانات تتعلق مثلا بالارتفاعات المتتالية للأسعار وبالجفاف والندرة المائية” وهو الأمر الذي لم يتحقق. بل إن حجم الاحتقان الشعبي يضيف ذات المصدر ” كان يتطلب في نظرنا تفعيل الفصل 103 من الدستور المتعلق بمنح الثقة أو سحبها”.
وقلل النائب ادريس السنتيسي من جدوى المشروع الذي أعدته الحكومة ،قائلا أنه ” مشروع لا يمكن أن يغير في واقع المغاربة شيئا، ولا يمكنه أن يرفع من قدرتهم الشرائية المتدهورة أصلا، كما أنه مشروع عاجز عن تكريس الدولة الاجتماعية كعنوان عريض للبرنامج الحكومي”.
مبرزا في هذا الصدد أن ” الأرقام والمؤشرات الحكومية المتفائلة والبراقة التي حملها المشروع لا تستجيب للوضعية الواقعية للمغاربة.
وفي هذا الإطار، طرح السنتيسي سلسلة قضايا اعتبر أنها تقيس الالتزامات والأقوال بالأفعال والإنجازات من بينها البطالة ، الغلاء الفاحش و الجهوية المتقدمة بالإضافة إلى الإجراءات المتخذة للتقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية وتعميم الربط الفردي بالكهرباء و القانون التنظيمي للغة الأمازيغية وكذا الحوار الاجتماعي الذي عد أنه ” اقتصر في مخرجاته على فئات دون أخرى وهنا نطرح بعض” .
و أثنى السنتيسي على دورهم “كمعارضة مسؤولة”، تقدمت إلى الحكومة خلال الدورات التشريعية، وأيضا في الفترات الفاصلة بين الدورات بالعديد من الاقتراحات كخلق لجنة لتتبع الأسعار و اقتراح مرصد للتتبع. كما واكبوا مختلف النصوص التشريعية باقتراحات وصفها “بالبناءة”.
وختم بالإشارة إلى التعديلات التي اقترحوها كمعارضة و البالغة 70 تعديلا و التي اعتبروا أنها “تتماشى وانشغالات المجتمع”.