دولي

عائلة بريطانية تتخلى عن القروض العقارية الجنونية وتشتري قرية فرنسية

كان الزوجان ليز وديف مورفي يلعبان مع أولادهما في الفناء الخلفي لمنزلهما في مانشستر عندما خطرت لهما فكرة التخلي عن حياتهما ثم الرحيل إلى فرنسا والاستحواذ فيها على قرية صغيرة كاملة تعود للقرن الـ 17.

هرع السيد مورفي إلى الداخل ليحضر جهاز الكومبيوتر النقال، ولم تكن إلا أيام قليلة حتى قايض الزوجان سماء بريطانيا الحالكة والملبدة بالغيوم، وكذلك عملهما في الإذاعة، بحقول شاسعة من دوار الشمس ومزارع ماشية في منطقة بواتو- شارانت [الفرنسية].
وبدلًا من مجرد انضمامهما الي 86 الف اسرة بريطانية قررت امتلاك منزل ثان في الجانب الآخر من القنال الإنجليزي، وبمساعدة جواز السفر الإيرلندي الذي يحمله السيد مورفي في عالم [تغيرت قواعده] بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، تمكنا من الاستحواذ على قرية كاملة.

فمنذ أن وقعت عيونهما على المنازل الريفية المتهاوية في قرية “لاك دي ميزون” Lac De Maison، وترجمتها “بحيرة المنزل”، عرفا فوراً أنهما لن يعودا أدراجهما.

والحال أن [الاستحواذ على هذه] القرية الممتدة على مساحة ثلاثة أكرات (0.012 كيلومتر مربع) واشتمالها على ستة منازل، كان يعني أيضاً أنه بإمكان أهلهما الانضمام إليهما بعد بيعهم لكل ما يملكونه ومساعدتهم في أعمال الترميم الكثيرة الباقية التي لا بد للعائلة من أن تقوم بها لتحويل المزرعة ومبانيها المتداعية إلى منازل [يتم تأجيرها] للعطلات والأعياد، قادرة على استقبال 20 ضيفاً.

وروت السيدة مورفي لمراسل “اندبندنت” قائلة “استبعدت الفكرة في البداية لأنني اعتقدت أن المكان يقع في منطقة ريفية نائية”، قبل أن تضيف “لكن عندما وصلنا إلى المكان وأوقفنا السيارة في الممر كانت مفاجأتنا لا توصف، لأننا [استوعبنا أننا] نملك ستة منازل، أي ما يمثل بطريقة أو بأخرى قرية كاملة، وفي حين أن كلفة مشروع كهذا كانت ستصل إلى ملايين الجنيهات في المملكة المتحدة، لم يتخط سعره هنا 400 ألف جنيه استرليني.
من المخيف أن نتذكر ونفكر في أننا لو بقينا في المملكة المتحدة لرأينا صعوبة بالغة في تحقيق هذا المشروع، فقرضنا العقاري كان مكلفاً جداً وكنا نسدد شهرياً أقساطاً وصلت قيمتها إلى 1700 جنيه إسترليني، وكانت المبالغ المعاد تسديدها تشهد ارتفاعاً سنوياً وتزيد لمستويات خيالية”.

“ما إن وصلنا إلى هنا حتى أصبحنا غير مرتبطين بأي قرض عقاري، وصحيح أننا لن نجني المبالغ الكبيرة التي كنا نكسبها في الوطن، لكن نمط عيشنا هنا أفضل بكثير مما يجعلنا أكثر سعادة بطريقة ما”.

وفي يوم عادي من حياة الزوجين تراهما يصطحبان أولادهما إلى المدرسة في القرية القريبة التالية الواقعة على مسافة كيلومترين.

وبعد ذلك يحين موعد إطعام الماعز والمهور وجمع البيض من قن الدجاج وتنظيف بركة السباحة، قبل أن يباشرا أعمال الترميم ويعملا على إعداد بيوت ضيافة (وهي المنازل الفرنسية المعدة للإيجار) لتستقبل زواراً خلال عطلة عيد الميلاد ورأس السنة.
يختلف الأمر تماماً عما كنا نفعله في المملكة البريطانية، فعملنا هنا يدوي إلى حد أكبر بكثير مقارنة مع وظائفنا المكتبية السابقة”، وفق ما أخبرت السيدة مورفي. وتابعت تقول “لطالما كان ديف بارعاً في الأشغال اليدوية، لكن أياً منا لم يعتبر نفسه يوماً خبيراً، وحتى اليوم لا نزعم أبداً أننا أصبحنا الآن خبراء محترفين [في مجال الترميم]”.

ومع أن الزوجين يواظبان على أعمال الترميم بلا توقف منذ ثلاثة أعوام، وعلى رغم إنفاقهما 100 ألف يورو حتى اليوم [لهذا الغرض]، لم تتأثر علاقتهما الشخصية يوماً ولم تتوتر على الإطلاق.

وقالت في هذا الصدد “كثيراً ما حلمنا بالانتقال للعيش خارج البلاد في بدايات علاقتنا بيد أن مشروعنا هذا تعرقل بعد أن أنجبنا أولاداً ورحنا نتقدم في مسيرتنا المهنية وغرقنا في قرض عقاري واعترضتنا أحداث الحياة اليومية”. وتابعت، “نتفق جيداً في ما بيننا، وكأي زوجين طبيعيين نتمنى في بعض الأيام القضاء على شريكنا والتخلص منه”.
لقد كان كلانا متوقفاً عن العمل خلال جائحة كوفيد، ومع أن الأمر قد يبدو مضجراً وسخيفاً لكن الواحد منا كان يستمتع فعلاً برفقة الآخر”.

“عندما نغرق في دوامة الحياة العملية نرى بعضنا بعضاً لكننا قد ننسى لماذا اجتمعنا أصلاً، ولقد كانت رحلة ممتعة فعلاً وما كنت سأرغب في خوضها مع أي شخص آخر”.

“أؤكد أن أياً كان قادر على خوض هذه المغامرة، وكل ما عليه فعله هو اتخاذ المبادرة والاتكال على الله، وهي حتماً رحلة مخيفة لكنها ليست مرعبة مثل البقاء في إنجلترا ومراقبة قيمة القرض العقاري ترتفع تدريجياً حتى لا تعود قادراً على تسديد الأقساط”.

اكتشفنا في المنطقة أيضاً جالية إنجليزية صغيرة ونحاول الاختلاط بأفرادها قدر الإمكان، والجميع هنا لطيف جداً وسيرحب بك إن بذلت مجهوداً للتكلم باللغة الفرنسية”.

“عندما وصلنا إلى المكان كانت المعاملات الإدارية المتعلقة بحياتنا أشبه بالأشغال الشاقة، فالنظام الفرنسي بيروقراطي إلى أقصى الحدود، وإن لم تتكلم الفرنسية بطلاقة فستواجه كثيراً من الصعوبات، وأنا لا أحمل إلا الشهادة العامة للتعليم الثانوي بالفرنسية، ولا شيء سواها”.
لقد حالفنا الحظ لأننا التقينا بشاب إنجليزي متزوج من فرنسية لا تتكلم الإنجليزية على الإطلاق، لكنها ساعدتنا في جميع المستندات القانونية ولولاها لبقينا عالقين في مكاننا”.

أما التحدي الأكبر الذي واجهته [السيدة مورفي]، فتمثل بتحويل بيت ريفي كامل، بعد أن بقي مهملاً ومهجوراً على امتداد قرن من الزمن.

“لم يكن فيه لا كهرباء ولا إمدادات سمكرية ولا نوافذ ولا أبواب، وقد عششت فيه الطيور والوطاويط وشتى أنواع الحيوانات، وقد حولنا تلك الخربة إلى بيت ضيافة من أربع غرف نوم [ليصبح منزل ضيافة بخدمة ذاتية لتمضية العطلات].
لقد استغرقت عملية الترميم عاماً كاملاً واختبرنا أكثر مواسم الصيف رطوبة في تاريخ البلاد، وقد ضيعنا مسارنا أكثر من مرة في سياق العملية وأجبرنا على العيش مع حيواناتنا في بيت متنقل وسط حقل، وكان ذلك مريعاً وأشبه بكابوس”.

“في تلك المرحلة كانت لدينا أحصنة وبقيت تحاول الدخول إلى المكان الذي كنا نقيم فيه، وصحيح أن الرواية تضحكنا الآن لكنها أزعجتنا كثيراً في تلك الفترة، وبالتالي فلن يخطر لنا يوماً الذهاب في إجازة عبر بيت متنقل”.
وختمت السيدة مورفي كلامها بنصيحة “أوصي أي شخص يفكر في الموضوع بأن ينطلق فيه من دون تفكير، لأنه لو فكر فيه لفترة مطولة فسيجد مبررات تدفعه إلى عدم المباشرة فيه، وسيجد دوماً سبباً يحثه على البقاء أو يدفعه إلى أن يقول لنفسه ’ربما العام المقبل ‘ أو ’لا يمكننا أن ننقل الأولاد [ليعيشوا في مكان آخر]‘ لكن الحياة قصيرة جداً فلا تترددوا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى