اكتشافات النفط والغاز في المغرب تسائل مصداقية شركات التنقيب
مع كل إعلان عن اكتشاف مناطق إنتاج جديدة للغاز تصدره الشركات الأجنبية المُنقِّبة عن النفط والغاز في المغرب، ترتفع أصوات وتعليقات تتساءل عن الغايات الحقيقية لهذه الإعلانات وتوقيتها وكذا حجم الاحتياطيات المكتشفة.
ويرى بعض المتابعين للموضوع أن ذلك قد يكون مجرد إعلان عن “توقعات وهمية بهدف رفع أسهم الشركات في بورصة التداول”، ما يمكن أن يعني لها “جني أرباح أكبر وراء تلك الإعلانات”.
وسبق للمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بنخضرة، أن أوضحت في عرض قدمته أمام لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، في أبريل الماضي، أنه تم حفر 67 بئرا خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2000 و2022، كشفت 40 منها عن وجود كميات من الغاز الطبيعي.
يشار إلى أن السلطات المغربية الوصية على ملف الطاقة والغاز، لاسيما المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، عادة ما تلجأ إلى “التريّث” قبل تأكيد أو نفي ما تعلنه الشركات الأجنبية العاملة في المجال، بالنظر إلى أن أغلب الاكتشافات تظل فقط في خانة “التوقعات”، على الرغم من تواتر أخبار الإعلان عن تقديرات مهمة من الغاز الطبيعي في حقول ضخمة جرى الكشف عنها بساحل العرائش أو في حقول “تندرارة” شرق المملكة.
تعليقا على الموضوع، أفاد أمين بنونة، أستاذ علوم الطاقة بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن “بيانات الشركات التي تشتغل في مجال البحث والتنقيب عن الغاز أو النفط عادة ما تكون محكومة بمنطق تنافسي محض”، مؤكدا، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إمكانية “وجود تلاعبات في المعطيات المتعلقة بحجم الاكتشافات أو مقدارها، فضلا عن كونها خاضعة لتقلبات السوق الطاقية والبورصة”.
وأضاف بنونة، في تصريح له، أن المغرب، بمختلف مناطقه وجهاته، يظل غنيّا بإمكانيات “تتوفر فعلا على احتياطيات كبيرة قدّرتها دراسة جيولوجية أنجزت سابقا بحوالي 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي”، وذكر بالخصوص حقول “تندرارة” في شرق المغرب، التي “من المرتقب الشروع في استغلال إمكانياتها من الغاز بحلول أواخر 2024”.
وسجل الخبير الطاقي المغربي أن البحث عن بعض موارد الغاز الطبيعي والطاقة بالمغرب واستغلالها في حالة وجودها بكميات مهمة، يظل محكوما في كثير من الأحيان بـ “عُقدة شراكة بين الشركات المعنية العاملة في مجال التنقيب والسلطات المغربية، سواء المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أو مكتب الهيدروكاربورات، وبرامجها”، كما هو الحال بالنسبة لحقل تندرارة.
ولم يُخفِ بنونة تفاؤله بنتائج مشجعة لاكتشافات غازية كان قد أُعلن عنها بعد أشغال حفر في عرض ساحل العرائش (بئر أنشوا-2)، خاتما بضرورة “الحذر الواجب وعدم الارتكان إلى أرقام جاهزة يتم تضخيمها أحيانا لأغراض اقتصادية أو غيرها”.
من جانبه، صرح مصطفى لبراق، خبير اقتصادي مختص في مجال الطاقة، بأن “بعض الشركات التي تتوفر على ترخيص للتنقيب بالمغرب لطالما أصدرت بيانات عن وجود اكتشافات مشجّعة وحوافز على استكمال عمليات التنقيب أكثر منها حقيقية ورسمية في ظل عدم إصدار المكتب الوطني للهيدروكاربورات لأي تعليق أو تفاعل”.
وأعطى لبراق مثالا بشركة “ساوند إنيرجي”، التي تحدثت عن اكتشاف منجم للغاز الطبيعي قدره 10 مليارات متر مكعب، بينما استغلاله سيأخذ وقتا طويلا قصد ربطه بالأنابيب المخصصة لذلك، داعيا إلى “التعامل بحذر مع المعطيات المتداولة، لاسيما في هذه الظروف”.
وسجل المتحدث أن “الغاز يتم الحديث عنه فعليا لمّا يبدأ الإنتاج والاستعمال أو التصدير”، مستحضرا كون شركات أجنبية عقدت اتفاقات مع شركات وطنية قصد تزويد الصناعات والسوق المحلية بالغاز، وقال: “ربما عمليات الإنتاج تتخللها بعض المشاكل التي تؤثر على الأرقام الواقعية للتقديرات التي قد تكون أقل بكثير في بعض الأحيان”.
وخلص لبراق إلى أن “تقديرات الشركات تكون في بعض الحالات وهمية غير مستندة إلى الواقع، بالنظر إلى اعتمادها على دراسات سيسموغرافية ثلاثية الأبعاد تعطي فقط تقديرا أوليا”، موصيا باعتماد الأرقام التي يقرها ويؤكدها المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن رسميا.