دولي

الأرجنتين تنتخب خافيير ميلي رئيسا لها على أمل التغيير وتجاوز الأزمات

حدد التضخم والفقر والديون المستعصية وتراجع قيمة العملة معالم الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية
فاز المرشح الليبرالي خافيير ميلي في الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين، أمس الأحد، وحقق فيها مفاجأة كبيرة بحصوله على 55.95 في المئة من الأصوات، وفق ما أظهرت نتائج جزئية رسمية. وحصل منافسه وزير الاقتصاد سيرخيو ماسا على 44.04 في المئة بعد فرز 86 في المئة من الأصوات، وقد أقر بهزيمته قائلاً إنه اتصل بميلي لتهنئته.

وقال ماسا “واضح أن النتائج لم تكن ما أملنا فيه، وتحدثت مع خافيير ميلي لتهنئته، وأتمنى له التوفيق لأنه الرئيس الذي انتخبته غالبية الأرجنتينيين للسنوات الأربع المقبلة”.

وتمنى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا النجاح للإدارة الأرجنتينية الجديدة، وذلك في رسالة على موقع “إكس” لم يذكر فيها الفائز في انتخابات، أمس الأحد. وكتب لولا “أتمنى حظاً سعيداً ونجاحاً للحكومة الجديدة. الأرجنتين بلد عظيم يستحق كل احترامنا. البرازيل ستكون دائماً حاضرة للعمل مع إخواننا الأرجنتينيين”.

وصوت الأرجنتينيون أمس الأحد في دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية تنافس فيها الليبرالي ميلي والوسطي ماسا وسط توترات نادراً ما عرفت البلاد لها مثيلاً منذ عودة الحكم الديمقراطي قبل 40 عاماً.

وأغلقت مراكز الاقتراع الساعة السادسة مساء (21:00 توقيت غرينتش) أمام 36 مليون ناخب.

التضخم والفقر

وحدد التضخم، وهو من أعلى المعدلات في العالم (143 في المئة خلال عام) والفقر الذي طاول 40 في المئة من السكان على رغم برامج الرعاية الاجتماعية، والديون المستعصية وتراجع قيمة العملة، معالم دورة الاقتراع التي يأمل الأرجنتينيون في أن تخرجهم من الأزمة الاقتصادية. وبدت خطط إنعاش ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية متضاربة جداً.

فمن ناحية، ماسا (51 سنة) سياسي محنك تولى حقيبة الاقتصاد لمدة 16 شهراً في حكومة يسار الوسط التي نأى بنفسه عنها، وقد وعد بتشكيل “حكومة وحدة وطنية” وإصلاح اقتصادي تدريجي، مع الحفاظ على الرعاية الاجتماعية التي تعد أساسية في الأرجنتين. أما ميلي (53 سنة)، فهو اقتصادي يصف نفسه بأنه “رأسمالي فوضوي”، وأثار الجدل في مداخلاته التلفزيونية ودخل المعترك السياسي قبل عامين. وتعهد هذا الليبرالي التخلص من “الطبقة الطفيلية” و”تقليم الدولة المعادية” ودولرة الاقتصاد.

أزمات متلاحقة

وأتى التنافس بين هذين المرشحين فيما ينتقل الأرجنتينيون “من أزمة إلى أخرى، وباتوا على شفير الانهيار النفسي”، وفق المحللة آنا إيباراغيري.
وتشهد البلاد ارتفاعًا في الأسعار من شهر لأخر، من أسبوع لآخر، في حين انخفضت الأجور، بما في ذلك الحد الأدنى للرواتب، إلى 146 ألف بيزو (400 دولار). ووصلت الإيجارات إلى مستويات باتت بعيدة من متناول كثيرين، وتلجأ ربات الأسر إلى المقايضة للحصول على ما يحتجن إليه، على غرار ما حدث بعد الأزمة الاقتصادية الحادة عام 2001.

وأظهرت دراسة أجرتها جامعة بوينوس آيرس في وقت سابق هذا العام أن 68 في المئة من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة مستعدون للهجرة إذا سنحت لهم الفرصة.

وقالت الناخبة إيزابيلا فرنانديز (20 سنة) إنها مقتنعة و”بلا خوف” بـ”التغيير” مع ميلي، مضيفة “هناك كثير من الغضب، ولا نرى كيف سيفعل ماسا الأمور بشكل مختلف، لأنه يحكم بالفعل”.

وقال الناخب أليخاندرو سيكو (62 سنة)، “لم يعد الناس يتحملون. وأعتقد أن أزمة اقتصادية حادة تلوح في الأفق”.

وكان ماسا قد حقق تقدماً في الدورة الأولى مع 37 في المئة من الأصوات، مقابل 30 في المئة لميلي.

“ما يوحدنا ليس الحب، بل الخوف”

وعلى رغم حصوله على تأييد كثير من الناخبين “الغاضبين” في الدورة الأولى، فإن خطاب ميلي ورغبته في خفض الإنفاق العام في بلد يتلقى 51 في المئة من سكانه معونة اجتماعية، ونيته تسهيل شراء الأسلحة، أثارت المخاوف أيضاً.

وخفف المرشح “المناهض للمؤسسة الحاكمة” من حدة خطابه بين الجولتين. وتوجه إلى الناخبين بالقول “صوتوا بلا خوف، لأن الخوف يتسبب بالعجز ويصب في مصلحة الوضع الراهن”.

ورأى المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة سان مارتن غابريال فومارو أن ما “يؤثر الآن هو الرفض (لمرشح أو آخر) أكثر من الدعم” لأحدهما.

واعتبرت المحللة السياسية بيلين أماديو أن “ما يوحدنا ليس الحب، بل الخوف”، في اقتباس منقول عن الكاتب الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس.

وتتعرض البلاد لضغوط من أجل ضبط الإنفاق وسداد قرض بقيمة 44 مليار دولار حصلت عليه عام 2018 من صندوق النقد الدولي بسبب التراجع الحاد في احتياطات النقد الأجنبي.

واعتبر ماريانو دلفينو (36 سنة) أمس الأحد بعد أن صوت “بلا قناعة” أنه “مهما حدث، لا نأمل في مستقبل جيد. نتوقع أن نتلقى ضربات”.

ومما زاد توتر الوضع تلميح معسكر ميلي في الأسابيع الأخيرة إلى محاولات تزوير، من دون تقديم شكوى رسمية.

ولقي ميلي ترحيباً في مركز الاقتراع، حيث هتف ناخبون “الحرية، الحرية”، مؤكد أن معسكره “بخير، هادئ جداً، على رغم حملة التخويف”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى