القمة الإسبانية المغربية.. هل تحسم ملف المجال الجوي فوق الصحراء
رئيس تحرير اليوم السابع المغربية
ستناقش القمة المغربية الإسبانية المرتقبة، حاليا خلال الساعات القادمة قضية المجال الجوي للصحراء المغربية، التي يرى فيها الإعلام الإسباني وقودا محتملا لـ “حرب حدودية” جديدة بين الرباط ومدريد لاختلاف المواقف فيها بشكل حاد.
ولأجل ذلك فإن الحسم في الاتجاه الذي ستذهب فيه يبدو صعبا، بل إنه قد لا يحصل حتى في اللقاء الذي قال عنه العاهل الإسباني الاربعاء الماضي، في كلمته أمام أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في بلاده، إنه «سيتيح تعميق علاقاتنا الثنائية واسعة النطاق من أجل العمل معا على أسس اكثر متانة»، واعتبرته خارجيته قبل أسابيع أنه «سيبلور المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية التي بدأت بعد اعتماد الإعلان المشترك»، ربيع العام الماضي. لكن أليس ذلك واحدا من بين أكثر ما ينتظره المغاربة من الاجتماع رفيع المستوى للجنة العليا المغربية الإسبانية، التي تنعقد اليوم الأربعاء وغدا الخميس بحضور رئيس الوزراء الإسباني ونظيره المغربي، بعد توقف طويل نسبيا دام أربع سنوات كاملة، وكان واحدا من بين أسبابه الكبرى، هو البرود الملحوظ الذي عرفته علاقة العاصمتين في أعقاب استقبال الإسبان لزعيم البوليساريو بشكل سري قبل نحو عامين من الآن؟
ألا يتوقعون من مدريد، وبعد إقرارها ربيع العام الماضي بأن الحكم الذاتي للصحراء في إطار السيادة المغربية هو الحل الأمثل للمشكل، أن تقدم لهم بادرة حسن نية، وتقطع بالتالي خطوة فعلية وعملية في ذلك الاتجاه. وبالتأكيد فإن ما لن يختلف حوله اثنان هو، كيف يمكن أن يترجم ذلك، فأفضل ما قد يفعله الإسبان هنا أن يتخلوا نهائيا عن سيطرتهم على أجواء الصحراء، بعد اعترافهم بأنها جزء لا يتجزأ من تراب جارتهم الجنوبية. غير أن السؤال هو، هل سيكون من السهل عليهم أن يفرّطوا في واحدة من الأوراق الثمينة التي ما زالوا يمسكون بها بقوة في ذلك الملف بالتحديد؟ وهل إن ذلك سيكون بالنسبة لهم وفي ظل الصراعات والتجاذبات السياسية الداخلية والأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة مقبولا وجائزا؟ لقد حاول الإيبيريون ومع التراجع الملحوظ الذي شهدته علاقاتهم بالجزائر، أن يستثمروا وللحد الأقصى في عودة الدفء بينهم وبين الرباط، قصد تحصيل مكاسب استراتيجية قد تكون أكبر من اعترافهم الشكلي حتى الآن بمغربية الصحراء، وفي مقدمتها عدم فتح المغرب لملف سبتة ومليلية.
والأنباء التي راجت قبل أيام حول اتفاقهم مع المغاربة، على أن تتحول المدينتان المحتلتان إلى نقطتي تصدير واستيراد، بما يعني ضمنيا حسب البعض تخليا مغربيا عن المطالبة باستعادتهما، قد تصب في ذلك الاتجاه، لكن هل كانت البلدتان تخضعان أصلا للسيادة المغربية، قبل أن يحصل مثل ذلك الاتفاق وتنازلت عنهما الرباط بعدها لمدريد؟ أم أنهما كانتا وما زالتا حتى اليوم تحت النفوذ الإيبيري، فيما يدرك المغرب الذي استعاد وعلى مراحل أجزاء مهمة من ترابه من فرنسا وإسبانيا، أنه لن يكون قادرا على أن يفتح أكثر من جبهة في وقت واحد، وأن الأفضل له أن ينتظر الظرف المناسب للتفرغ لهما بعد أن يغلق باقي الجبهات المفتوحة أمامه، التي تتصدرها وبلا شك جبهة الصحراء؟ لقد تضافرت عدة معطيات على الجزء الجنوبي من الخريطة، لتجعل من الجلاء الإسباني الذي كان مفترضا أن يتم في 1975، أي عند إعلان مدريد ومن جانب واحد تخليها عن الصحراء المغربية، يقتصر حتى الآن على انسحاب القوات العسكرية البرية والبحرية، دون الجلاء عن الجو. وبالنسبة للإسبان فإن عدم التوصل لاتفاق نهائي على حل المشكلة الصحراوية منحهم الوقت والمبرر ليحافظوا على سيطرتهم على أجواء المنطقة، قبل أن يفرض المغاربة عليهم نوعا من تقاسم تلك السيطرة في وقت لاحق. غير أن الأمر لم يكن مرتبطا فقط بالصحراء، بل أيضا بجزر الكناري القريبة منها، والواقعة تحت السيطرة الإسبانية، فمراقبتهم لتلك الأجواء كان يسمح لهم بالإشراف بشكل أوسع، وربما حتى أفضل على المجال الجوي لتلك الجزر وحمايتها بالتالي من أي تهديدات محتملة.
وأمام ما أعلن عنه في السنوات الأخيرة من اكتشافات مهمة لعدة ثروات معدنية في المنطقة البحرية المتاخمة للصحراء، فإن بقاء تلك المراقبة الجوية صار بالنسبة للإسبان أكثر من مفيد في جمع المعلومات وتقصي أي تحركات أو نشاطات على علاقة بذلك، وهكذا فإنه سيكون من الصعب عليهم أن يتركوا ذلك. فهل سيلتفون إذن بشكل ما على إعلان المبادئ الذي اتفق عليه رئيس وزرائهم مع العاهل المغربي في إبريل الماضي وسمح باستئناف العلاقات بين البلدين ودخولها مرحلة جديدة تقوم على «أساس الاحترام والثقة المتبادلة والتشاور الدائم والتعاون الصريح والمخلص» وفقا لما جاء في بيان الديوان الملكي المغربي في ذلك الوقت، ويطوعونه بالتالي من جانب واحد خدمة لأهدافهم ومصالحهم؟
لقد رسم البيان المشترك الذي صدر في أعقاب ذلك اللقاء سلم أولويات لاجتماع اللجنة العليا التي تعقد اليوم بينهما بالرباط، وتحدث عن خريطة طريق لتنفيذها، كما تضمن أيضا عدة نقاط كان أبرزها، فضلا عن الإقرار الإسباني بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، واعتبار إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء «الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع»، هو «معالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بروح من الثقة والتشاور بعيدا عن الأعمال الأحادية، أو الأمر الواقع»، ولم تكن تلك المسألة بالطبع على رأس سلم الأولويات. ومن الطبيعي أن استمرار الإشراف الإسباني الجوي على الصحراء يعد من قبيل العمل الأحادي الجانب ومحاولة فرض الأمر الواقع الذي يتعارض وبشكل صارخ مع إقرار مدريد بمغربية الصحراء، بل حتى مع مبدأ انسحابها منها في 1975 وبالتالي فإنه من البديهي أن يطرح على طاولة النقاش الثنائي. وفي ردها على سؤال وجهه الحزب الشعبي الإسباني الشهر الماضي في جلسة برلمانية حول مسألة التخلي عن إدارة المجال الجوي للصحراء قالت الخارجية الإيبيرية إنها «لن تتنازل للمغرب عن إدارة المجال ال…
كما ان المواقف الأسبانية الرسمية لا تتضمن أي جزء من الإقليم ومع إن إتفاق مدريد سبق من أجل النظر في قضية المجال الجوي للصحراء لكن مع ذلك فإن التطورات على الأرض بما فيها تغير موقف مدريد الرسمي من القضية العام الماضي توكد السيادة المغربية على المجال الجوي، ومع ان طرح موضوع المجال الجوي كقضية خلافية ممكن أن تثير حربا حدودية على من يصفه “باليمين المتطرف” الإسباني الذي يرى في المغرب “العدو الاستراتيجي، كما يطمح إلى توظيف مثل هذه الملفات ضد الحكومة الإسبانية اليسارية.
وفي الداخل الإسباني، يتهم رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بالتراخي في مواجهة المغرب.
وكتب ناشط إسباني على تويتر أن المغرب يستعد لـ “مسيرة خضراء” جديدة، في إشارة إلى المسيرة الخضراء التي قام بها المغرب في السابق للسيطرة على الصحراء، و سيطالب سانشيز بالسيطرة المطلقة على المجال الجوي فوق الصحراء، والتي يسيطر عليها البلدين الآن بشكل مشترك.