السعوديه تهاجم دين الإمارات الجديد وشيخ الأزهر ينقلب على ابوظبي
بقلم: رئيس تحرير اليوم السابع المغربية
اندلعت عاصفة من الجدل عبر مواقع التواصل في عدة دول عربية بعد انتشار فتوى أصدرتها اللجنة الدائمة للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية.
وتتعلق الفتوى بقضية “توحيد الديانات” وبفكرة إنشاء “بيت العائلة الإبراهيمية” الذي دشنته الإمارات مؤخراً.
فماذا تقول تلك الفتوى؟ ومتى صدرت؟ وما حقيقة ما أشيع عنها عبر مواقع التواصل؟ وكيف جاءت ردود وتعليقات المغردين حولها؟
جاءت الفتوى “ردا على تساؤلات وردت للجنة وما نشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى “وحدة الأديان” … وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد …”.
ثم يعلن الازهر عن رفضه عن مشروع الديانه الابراهيمية.
وكانت دولة الإمارات قد افتتحت مؤخراً، بيت العائلة الإبراهيمية، وهو مشروع يضمّ مسجداً وكنيسة وكنيساً، كما يتضمّن مركزاً تعليمياً، ويقع في جزيرة السعديات في العاصمة أبو ظبي.
ويعود قرار إنشاء المكان إلى عام 2019، بعد قرار “ابن زايد”، تخليداً لذكرى زيارة شيخ الأزهر “أحمد الطيب”، وبابا الفاتيكان “فرانسيس الثاني” إلى أبو ظبي.
ورغم موجة حادّة من الانتقادات، قال حمد خليفة المبارك، رئيس بيت العائلة الإبراهيمية، إنّ تأسيس البيت الإبراهيمي يأتي ليشكّلَ امتداداً لرؤية السلام والاحترام المتبادل في الإمارات التي يعيش بها أكثر من جنسية من حول العالم
ثم أعلن الازهر تبرؤه صراحة من أي دعوات لدمج الديانات السماوية الثلاث «الديانة الإبراهيمية»، وما يرتبط بها من بناء مسجد وكنيسة ومعبدفي محيط واحد، مؤكدًا أن إعلان رفضه لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان لتقديم العون والمساعدة للناس وتخفيف آلامهم وأحزانهم.
وأصدرت الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بيانًا رسميًا، اليوم السبت، أكدت فيه أنه إشارة إلى ما يثار من دعاوى حول تكوين كيان عقدي يجمع الديانات السماوية الثلاثة في دينٍ واحد تحت مسمى (الديانة الإبراهيمية) وما يرتبط بها من بناء مسجد وكنيسة ومعبدفي محيط واحد بمقولة إن ذلك يعد مدخلًا سريعًا للتعاون الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات في العالم.
وقال مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في بيانه اليوم: نظرًا لما تنطوي عليه تلك الدعاوى من خطر على الدين والدنيا معًا، فإن مجمع البحوث الإسلامية يود أن يوضح للعالم ما يلي: أولًا: إن اختلاف الناس في معتقداتهم وتوجهاتهم سنة كونية وفطرة طبيعية فطر الله الناس عليها، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118- 119]، وأنه لو شاء أن يخلقهم على شاكلة واحدة، أو لسان واحد أو عقيدة واحدة لخلقهم على هذا النحو، لكنه أراد ذلك الاختلاف ليكون أساسًا لحريتهم في اختيار عقيدتهم، قال تعالى: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].
وأضاف البيان أن حرية اختيار المعتقد لا تمنع التواصل الإنساني مع أتباع الديانات الأخرى والتعاون معهم على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان، لأنهم أهل كتب سماوية، والتعامل معهم على أساس العدل والاحترام المتبادل مما يدعو إليه الإسلام، ولا يجوز الخلط بين احترام عقائد الآخرين والإيمان بها، لأن ذلك الخلط سيؤدي إلى إفساد الأديان والتعدي على أثمن قيمة كفلها الله للإنسان، وهي حرية المعتقد، والتكامل الإنساني فيما بين البشر، ولهذا قال سبحانه: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: 256]، وقال سبحانه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: 48].
وتابع البيان أن الدعوة التي تطارد مسامع الناس اليوم بما يقال عن وحدة الأديان أو ما يسمى (الدين الإبراهيمي)، قد سبق أن أثيرت من قبل، وحسم الأزهر الشريف أمرها وبيَّن خطورتها، وأنها لا تتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التي تقوم على الاختلاف في اللون والعرق وحرية العقيدة، كما أنها تُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه إجماع علماء كل دين من الأديان وكل ملة من الملل.
وأكد مجمع البحوث أن الأزهر الشريف يرفض رفضًا قاطعًا مثل هذه الدعاوى، كما يؤكد أن هذا الرفض لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان لتقديم العون والمساعدة للناس وتخفيف آلامهم وأحزانهم، وعلى هؤلاء الداعين لمثل هذا التوجه أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم وينفذون به أجنداتهم بعيدًا عن قدسية أديان السماء وحرية الاختيار المرتبطة بها، وأن يتركوا الدين لله ويذهبوا بأغراضهم حيث يريدون، فإن الله لم ينزل دينه ليكون مطية لتحقيق المآرب السياسية، أو أداة للانحرافات السلوكية والأخلاقية.
وأشار إلى أن الأزهر الشريف ليؤكد على أن انفتاحه على المؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها، إنما هو انفتاح غايته البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية والتعلق بها لانتشال الإنسانية من أزماتها المعاصرة، ونزاعاتها المتناحرة حتى تستطيع مواجهة ما حاق بها من ظلم الغادرين وبغي الأقوياء، وغطرسة المتسلطين على المستضعفين، وحتى لا تقعد بها الصراعات العقدية والنزاعات الدينية عن الوصول لتحقيق غايتها الإنسانية النبيلة.