رجل إيران وجاسوس بريطانيا.. حياة “أكبري” المزدوجة التي انتهت على حبل المشنقة
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية تقريرا عن الجاسوس البريطاني الذي أعدمته إيران في يناير/كانون الثاني الماضي، والذي لم يكن سوى علي رضا أكبري النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني.
وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولي مخابرات غربيين إن الجاسوس زود بريطانيا بمعلومات استخباراتية قيّمة بشأن البرامج النووية والعسكرية الإيرانية على مدى عقد من الزمن.
وأضافت في تقرير لاثنين من مراسليها في نيويورك وتل أبيب أن من شأن تلك المعلومات أن تزيل أي لبس في العواصم الغربية بأن إيران تسعى للحصول على أسلحة نووية وفي إقناع العالم بفرض عقوبات شاملة ضد طهران، وفقا لتلك المصادر.
ولطالما تكتمت بريطانيا طوال 15 عاما على هوية ذلك الجاسوس، قبل أن ينتهي به المطاف إلى حبل المشنقة في إيران في 11 يناير/كانون الثاني الماضي.
حياة مزدوجة
وكانت بريطانيا قد أوفدت في أبريل/نيسان 2008 مسؤول استخبارات رفيع المستوى إلى تل أبيب لإبلاغ نظرائه الإسرائيليين بأن لدى لندن جاسوسا في إيران يتمتع بإمكانيات عالية المستوى تتيح له الوصول إلى الأسرار النووية والدفاعية لتلك الدولة.
ووفق الصحيفة الأميركية، فقد عاش علي رضا أكبري (62 عاما) حياة مزدوجة، إذ كان عامة الإيرانيين يرونه “متعصبا دينيا ومتشددا سياسيا وقائدا عسكريا بارزا في الحرس الثوري ونائبا لوزير الدفاع”، قبل أن ينتقل لاحقا إلى لندن للعمل في القطاع الخاص، ومع ذلك لم يفقد ثقة القادة الإيرانيين قط، لكنه بدأ -حسب مسؤولين لم تذكر الصحيفة هوياتهم- في تبادل أسرار إيران النووية مع المخابرات البريطانية.
كما عُرفت عنه كتاباته وخطبه النارية، وأظهر “ولاء مفرطا ودعما لا يتزعزع” للقادة الإيرانيين، حسب شقيقه مهدي أكبر وآخرين ممن عرفوه
أسرار خطيرة
وبدا كأن أكبري أفلت من العقاب حتى عام 2019 عندما اكتشفت إيران بمساعدة مسؤولي المخابرات الروسية أنه أفشى معلومات عن وجود برنامج نووي إيراني سري في مكان بعيد داخل منطقة جبلية قريبة من طهران، حسب تقرير “نيويورك تايمز” نقلا عن مصدرين إيرانيين على صلة بالحرس الثوري الإيراني.
وبالإضافة إلى اتهام أكبري بإفشاء أسرارها النووية والعسكرية قالت إيران إنه كشف أيضا هويات أكثر من 100 مسؤول والأنشطة التي يضطلعون بها، أبرزهم محسن فخري زاده كبير العلماء النوويين الذي اغتالته إسرائيل عام 2020.
لكن لندن لم تعترف علنا قط بأن أكبري -الذي أصبح مواطنا بريطانيا عام 2012- هو جاسوسها في إيران.
ونسبت “نيويورك تايمز” إلى متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية -طلب عدم الكشف عن هويته- القول إن سياسة عدم التعليق على “الأمور المتعلقة بالاستخبارات” كانت طويلة الأمد.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أنها كانت قد أوردت في سبتمبر/أيلول 2019 أن مصدر المعلومات الاستخباراتية عن منشأة فوردو النووية كان جاسوسا بريطانيا.
كانت المعلومات الاستخباراتية عن فوردو التي قدمها أكبري واحدة من المعلومات التي كشف عنها مسؤول المخابرات البريطاني لنظرائه الإسرائيليين والوكالات الصديقة الأخرى عام 2008، وفقا لـ3 من مسؤولي المخابرات والأمن القومي الغربيين.
أكبري في المصيدة
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن أكبري تقاعد من مناصبه الرسمية عام 2008، لكنه استمر في العمل مستشارا لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني وغيره من كبار المسؤولين.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، اعتُقل أكبري لمدة 4 أشهر بتهمة التجسس لصالح بريطانيا، قبل أن يطلق سراحه بكفالة، وأُغلقت القضية وسمح له بالسفر بحرية، وفقا لشقيقه واثنين من أصدقائه.
وأشارت الصحيفة -نقلا عن شقيقه- إلى أن علي رضا أكبري سافر إلى إيران للمرة الأخيرة في عام 2019 بعد أن أخبره شمخاني أن البلاد بحاجة إليه في مسألة نووية ودفاعية عاجلة
وعقب إعدامه بيومين بث التلفزيون الحكومي الإيراني 8 مقاطع فيديو قصيرة تظهر أكبري حليق الذقن مرتديا بزة رسمية وجالسا في مكتب وهو يتحدث عن أنشطته التجسسية وتجنيده من قبل بريطانيا بإحدى المناسبات في سفارتها بطهران.
لكن في وقت لاحق ذكر أكبري -في رسالة صوتية بثتها هيئة الإذاعة البريطانية باللغة الفارسية (بي بي سي فارسي)- أن الاعترافات انتزعت منه بالإكراه.
وتقول “نيويورك تايمز” إن السبب وراء تجسس أكبري على بلده الأصلي “غير واضح”، حيث برر في الفيديو أنه كان مدفوعا بـ”الجشع والتوق للسلطة”، نافيا أنه كان يعاني من مشاكل مالية.