المعارضة تم تقييدها بصورة كبيرة لمنع أي آراء من شأنها أن تتحدى قبضة السيسي على السلطة.
أنه لا يتم إشراك إلا طيف ضيق من جماعات المعارضة، حيث استُبعد الليبراليون واليساريون والإسلاميون، الذين يوجد عشرات الآلاف منهم في السجن.
عودة أحمد الطنطاوي في هذا التوقيت تحديدا، فتحت من جديد باب المقارنة بين التجربة التركية في عهد أردوغان والتجربة المصرية تحت حكم السيسي، فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية ومشهد الانتخابات الرئاسية.
عودة أحمد طنطاوي إلى مصر في هذا التوقيت ورغم أني أتشكك أنه مجرد كمبارس جديد بصورة مجسمة بعد الإتفاق معه تحديدا، فتح من جديد باب المقارنة بين التجربة التركية في عهد أردوغان والتجربة المصرية تحت حكم السيسي، فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية ومشهد الإنتخابات الرئاسية.
في تركيا، يتنافس ثلاثة مرشحين على مقعد الرئاسة، يتجادلون، يتبادلون الاتهامات، يستعرضون برامجهم الانتخابية، يتفاخرون بمؤتمراتهم الشعبية، هناك في تركيا كل حزب بما لديهم فرحون.
وفي مصر، يتبادل المصريون التهاني على مواقع التواصل الإجتماعي فيما بينهم؛ لأن مرشحا رئاسيا محتملا قد عاد إلى أرض الوطن بسلام، ودون إعتقال.
في تركيا، ينسحب محرم إنجه المرشح الرئاسي قبل ساعات قليلة من بدء الانتخابات، وسط تكهنات عن المرشح الذي سيحصد أصوات كتلته التصويتية.
أما في مصر، فيعود مرشح رئاسي إلى أرض الوطن قبل عام كامل من موعد الانتخابات، وسط تكهنات عن موعد إعتقاله والتنكيل به من قبل النظام.
قد يكون لنا ملاحظات كثيرة ترقى إلى انتقاد أو إدانة بعض ممارسات النظام التركي الحالي فيما يتعلق باعتقال الصحفيين، وحجب مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب مختلفة، فسجلّ تركيا في سنواتها الأخيرة وفقا لتقارير صادرة عن منظمات بحجم مراسلون بلا حدود وهيومان رايتس ووتش، يكاد يتشابه مع سجل مصر تحت حكم السيسي فيما يتعلق باستهداف الصحفيين تحديدا.
ولكن، ما يحدث الآن في مشهد الإنتخابات الرئاسية التركية، يجعلنا نتحسر على ما عاشه الشعب المصري ولا زال يعيشه تحت حكم السيسي.
في عشر سنوات عايش المصريون تجربتين لانتخابات رئاسية يشارك فيها السيسي، الأولى أجبر فيها السيسي حمدين صباحي على المشاركة ليؤدي دور الكومبارس، وحصل صباحي وقتها على عدد أصوات أقل من عدد الأصوات الباطلة، ولا تقارن بالتأكيد بما حصل عليه الزعيم المشير الركن عبد الفتاح السيسي.
في المرة الثانية، كان المشهد عبثيا لدرجة تثير الضحك، السيسي الذي اعتقل عبد المنعم أبو الفتوح ووضع رئيس أركان الجيش المصري السابق سامي عنان في السجن وحاكمه بتهمة الترشح للرئاسة، لم يجد أي مرشح يكمل دور الكومبارس ويجمّل الصورة غير شخص مجهول، يدعى موسى مصطفى موسى؛ الذي كان مدير لحملة السيسي الإنتخابية قبلها بأربع سنوات فقط.
ولا ننسي الفريق أحمد شفيق الذي تراجع عن الترشيح لإنتخابات الرئاسة المصرية بعدد من الأساليب والضغط.
المشهد السياسي المصري بائس وكئيب، لا صوت فيه يعلو على صوت السيسي وما يريد. يحدثونك عن حوار وطني تشارك فيه أحزاب سياسية مصرية، ثم يفاجئوك باعتقال عدد من رموز هذه الأحزاب السياسية، واتهامهم بالإرهاب، وانضمامهم لجماعة خارجة على القانون.
في تركيا المشهد، السياسي محتقن بشدة والصورة ضبابية ولا تعرف من سيفوز، ولكن الجميع يستمتع بممارسة الديمقراطية وانتخاب من يرى فيه مستقبلا مشرقا لبلاده.
أنه منذ الإطاحة بمبارك ثم الرئيس مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في انقلاب 2013، تم التراجع عن الإصلاحات الليبرالية التي بدأت في التسعينيات، وسيطرت الشركات التي تديرها الدولة والجيش بشكل خاص على قطاعات أكبر من الاقتصاد.
بناءً على طلب السيسي، يتم الإنفاق بسخاء على مشاريع مثل العاصمة الإدارية الجديدة في الصحراء شرق القاهرة والتي تقدر تكلفتها بنحو 58 مليار دولار، ومع ذلك، تكافح مصر لسداد 160 مليار دولار من الديون الخارجية، بما في ذلك ثلاثة قروض من صندوق النقد الدولي منذ عام 2016 وحده.
أن السيسي تلقى عشرات المليارات من الدولارات من دول الخليج، والتي تدعمه كحصن منيع ضد الديمقراطية والإسلام السياسي، لكن 105 ملايين مواطن مصري يقولون إنهم لا يرون سوى القليل من النتائج في حياتهم اليومية.
من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر في مارس/آذار من العام المقبل، ومن المتوقع أن يحتفظ السيسي بالسلطة لفترة رئاسية ثالثة تنتهي في عام 2030، ويمكنه نظريًا الترشح مرة أخرى لولاية رابعة وأخيرة، والتي من شأنها أن تجعله يستمر في السلطة حتى عام 2036، وعندها سيكون قد بلغ من العمر 82 عامًا، وهو عمر الرئيس مبارك عندما أطيح به في عام 2011.