لماذا تحب النساء السفر أكثر من الرجال؟
للوهلة الأولى يبدو أن الرجال يحبون السفر أكثر من النساء، ولكن الحقيقة هي أن ما يقرب من ثلثي جميع المسافرين في العالم اليوم من النساء، وهن من يتخذن 80% من جميع قرارات السفر.
وذكرت منصة “آي أو إل” (IOL) في تقرير لها مؤخرا أن 670 مليون امرأة حول العالم يسيطرن على قوة شرائية تصل إلى نحو 15 تريليون دولار، مما يجعل النساء المسافرات سوقا عالمية تعادل ضعف حجم أسواق الصين والهند معا.
وفي الواقع، فإن هيمنة النساء على سوق السفر أمر مذهل وحاسم، وفي بلد مثل الولايات المتحدة على سبيل المثال، تُهيمن النساء على “السفر الترفيهي” بنسبة 63% مقارنة بـ 37% للرجال، وهناك نسب مماثلة في جميع أنحاء العالم، حيث تمثل الإناث 64% من المسافرين عبر العالم، مقابل 36% من الذكور حسب ما ذكرت منصة “فوربس” (Fobes) في تقرير لها مؤخرا.
لماذا تسافر النساء أكثر من الرجال؟
من المعلوم أن السفر مكلف ماديا، إذ يحتاج تذاكر وحجز فنادق ومصاريف الأكل والشرب والتنقل وغيرها، ومن المعروف تاريخيا أن النساء يكسبن أقل من الرجال أو هكذا كان الحال حتى وقت قريب، ولكن هذا الأمر تغير في عصرنا الحديث حيث أصبحت النساء يعملن بأجور مجزية، ويدخلن الجامعات بنسب عالية، ويتخرجن باختصاصات دقيقة ومطلوبة في سوق العمل، وفي بلد مثل الولايات المتحدة نجد أن 60% من طلاب الجامعات الأميركية هم من الإناث.
وتمتلك النساء 60% من الثروة في أميركا، كما يعمرن أكثر من الرجال، وغالبا ما يستخدمن الثروة الموروثة من أزواجهن في السفر واكتشاف العالم، ويملن أيضا إلى التخطيط بعناية والادخار وتوفير المال أكثر بكثير من الرجال، حسب ما ذكرت منصة “فوربس” في تقريرها آنف الذكر.
وتمثل النساء أكثر من 50% من العاملين في صناعة السفر العالمية، ويشغلن بشكل متزايد أدوارا قيادية فيها، ومن ذلك شركات الطيران، ومكاتب السياحة، وقطاع الفنادق وغيرها من القطاعات والمجالات ذات العلاقة المباشرة بالسياحة والسفر.
زارت جيسيكا نابونغو أكثر من 150 دولة ضمن سعيها لتكون أول امرأة تزور كل بلدان العالم، وهي تدير وكالة سفر صغيرة، وقالت في مقابلة معها أجرتها منصة “فوكس” (VOX): “لا يسافر الرجال عادة إلا إذا كانت زوجاتهم يخططن لذلك”.
وتفضل نابونغو السفر بمفردها حيث زارت 45 دولة في العالم دون رفيق، وتوضح هذا الأمر بالقول “عندما تسافر مع أصدقائك أو عائلتك، لا تتاح لك مقابلة أشخاص جدد، حيث تركز على استكشاف الأماكن مع أفراد عائلتك أو أصحابك، بينما عندما أسافر بمفردي، أميل كثيرا لمقابلة أشخاص جدد، وأتواصل بشكل أعمق مع الناس في البلدان التي أزورها”.
ونابونغو هي واحدة من العديد من النساء اللواتي يفضلن السفر بمفردهن، وعلى أرض الواقع فإن النساء يُحببن السفر وحدهن أكثر بكثير من الرجال الذين يُحبذون السفر مع عائلاتهم أو أصدقائهم، ووفقا لاستطلاع أجرته منصة “بوكينغ.كوم” (Booking.com)، وهي واحدة من أشهر منصات وتطبيقات السفر في العالم، فإن 72% من النساء الأميركيات يفضلن السفر بمفردهن، كما وجدت شركة الأبحاث “هيت وايز” (Hitwise) أن 55% من عمليات البحث عن السفر الفردي في المملكة المتحدة تتم من قبل النساء.
وفي هذا السياق تقول عالمة النفس “ليزا ماري بوبي” إن المعدل المنخفض نسبيا للسفر الفردي للذكور مقارنة بالنساء له علاقة كبيرة بكيفية ارتباط الرجال بزوجاتهم وأصدقائهم.
وتضيف أن الرجال يقيمون العلاقات الاجتماعية من خلال الأنشطة المشتركة، وقد تتضمن طريقتهم في الترابط مع شخص آخر لعب كرة القدم أو البولينغ أو ممارسة ألعاب الفيديو، بينما تترابط النساء من خلال المحادثة، وغالبا عن طريق قضاء الوقت في الحديث مع بعضهن البعض، لذلك عندما يفكر الرجال في السفر، فإنهم يفكرون في القيام بذلك كنشاط عائلي أو جماعي، بينما من السهل على النساء إنشاء علاقات جديدة في كل مكان وزمان، وذلك حسب ما ذكرت منصة “فوكس” في تقريرها
ويبدو أن الرجال ينهمكون أكثر في حياتهم وعملهم وعائلاتهم، وحل المشاكل التي تعرض لهم في هذا العالم، أما بالنسبة للنساء فإن الرغبة في اكتشاف طرق جديدة للحياة، والتواصل مع الآخرين هي ما يحركهن أكثر.
هذا النوع من الشغف للاكتشاف والسفر لم يختف مع الوباء بل زاد بعده، وبالنسبة للمستقبل، فإن السؤال المطروح على قطاع السفر وما يتعلق به ليس ما إذا كانت المرأة هي المسافر الحقيقي، ولكن ما الذي يمنع الرجال من اللحاق بهن؟