جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الصحة بوجدة والمشروع السكني الفارابي بالسعيدية تعود للواجهة
تكاد فصول حكاية المشروع السكني الفارابي بالسعيدية تطوي سنتها العشرين، وشخوصها هم مكتب جمعية الاعمال الاجتماعية لموظفي الصحة بوجدة باعتباره الجهة المسؤولة عن المشروع، وضحاياها عددهم 210 منخرطا، دفعوا ما بين الخمسة والعشرين والثمانية والثلاثين مليونا لكل منخرط لتتوصل بمبلغ إجمالي يقدر بازيد من 56 مليون درهم.
وبين لحظات الانتظار التي طالت، وجولات الملف بين محكمتي بركان ووجدة، ومكاتب الشرطة القضائية، مات من مات من المنخرطين، وولد من ولد من ذوي الحقوق، وشاب من شاب، وشاخ من شاخ. والحقيقة التي لا يختلف حولها اتنان، ولا يغطي شمسها غربال هي أن الجهة المسؤولة عن المشروع أساءت تدبيره، وعجزت عن إنقاذه، وهي تناور وتراهن على الزمن فقط وتبيع الوهم ليس إلا.
فما أنجز من المشروع والذي لم يتجاوز 50 في المئة حسب الخبرة المنجزة، وحسب ما تنطق به الوقائع في الميدان ظل خلال السنوات الست المنصرمة عرضة للتآكل والضياع، بعدما انتهت صلاحية رخصة البناء منذ سنة 2018، مع ما يستتبعه ذلك من مستحقات ضريبة الأراضي الغير المبنية مع الغرامات المترتبة عنها، والتي تجاوزت 230 مليون سنتيم، ومع ما يعنيه ذلك من عدم جواز ربط المشروع بأية شبكة من شبكات الكهرباء أو الماء الصالح للشرب أو الصرف الصحي، فكل مناورة من المكتب المسير ومغامرة للربط من أجل إسكان بعض أقربائهم هي خارج القانون، وكل ما قد ينتج عن ذلك من أخطار وحوادث هو جريمة يعاقب عليها القانون.
إن أكذوبة إمكانية تسليم 30 شقة شبه مكتملة لبعض المنخرطين هي أسطوانة مشروخة لا اساس لها من الصحة، إذ أن المشروع أو ما أنجز منه إنما أنجز بأموال جميع المنخرطين ولا يمكن تسليم الشقق إلا بعد إتمام المشروع والحصول على شهادة التسليم من الجهات المسؤولة، وإجراء قرعة للجميع حسب القانون المؤسس للمشروع.
ومادام المشروع متوقفا فليس هناك تسليم نهائي، ومادام الملف أمام أنظار القضاء، فلا يحق لاية جهة التصرف بمفردها.
إن أبرز ما انتهت إليه مسيرة المشروع يتمثل في الخبرة التي تمت بطلب من رئيس المحكمة الابتدائية بأبركان بتاريخ 26/04/2021، ودام إنجازها 11، و أسفرت عن عدة استنتاجات مريبة منها الوقوف على اختلالات مالية كبيرة وخطيرة بين المداخيل والمصاريف، والخصاص المهول في الرصيد الذي كان يتعين توفره، وسحب شيكات وصرفها قبل تاريخ شراء الأرض لجهات غير معرف بها ولأسباب مجهولة، إضافة إلى التناقض الوارد في مجموع المصاريف ومجموع الديون ومجموع المداخيل، وكذا التناقض في التكلفة بين المقاول والجمعية، وآخر ما تم اكتشافه تورط المقاول في بيع شقق من المشروع السكني بمباركة ما تبقى من أعضاء مكتب جمعية الأعمال الاجتماعية (الرئيسة وأمين المال)، اودعت مبالغها في حساب بنكي، غير ذلك المخصص للمشروع والمصرح به للخبير، وهي الوضعية التي اضطرت أمامها جمعية المساهمين والمنخرطين المتضررين من المشروع السكني الفارابي إلى وضع شكاية لدى وكيل الملك لدى ابتدائية بركان، ترتب عنها الاستماع إلى رئيس جمعية المتضررين كمشتكي، والضحايا الذين نصب عليهم المقاول من جهة، والرئيسة وأمين المال والمقاول من جهة ثانية، مع متم شهر يونيو 2023.
وتمثلت آخر فصول تطورات الملف في المواجهة التي تمت بطلب من المحكمة بين الطرفين المتمثلين في ما تبقى من المكتب المسير لجمعية الأعمال الاجتماعية ممثلين بأمين المال، وجمعية المساهمين والمنخرطين المتضررين في شخص رئيسها، وقد حررت في شأن تلك المواجهة محاضر من قبل الشرطة القضائية، ورفعت إلى أنظار المحكمة.
وتجدر الإشارة، إلى أن مسيري المشروع ذهبوا إلى إمكانية تهيئ بعض الشقق تهيئا جزئيا، وبربط غير قانوني بشبكة الماء والكهرباء، لتمكين بعض المنخرطين الواقفين في صفهم أو عائلاتهم من التخييم خلال هذا الصيف، شريطة إرجاع المفاتيح عند انتهاء الموسم. بمعنى آخر، أن يقوم المنخرط بدفع مبلغ 38 مليونا.
ويتساءل متتبعو هذا الملف، عن حقيقة الشخص (الممرض) الذي بدأ يظهر مؤخرا على مسرح الأحداث داخل مستوصف مولاي ادريس، في الجمع الأخير لبعض المنخرطين في المشروع ( 30 من أصل 210) ، وصار هو من يوزع الوعود، ويرسم الاستراتيجيات ويحلل ويحرم، ويعطي ويمنع، بل لوحظ أنه هو من صار يظهر في المشروع بين الفينة والأخرى. والمفارقة العجيبة، هي أن هذا الشخص هو أحد نواب رئيس جماعة وجدة، والمفروض أنه يعرف المقتضيات القانونية المتعلقة بالبناء والإسكان التي تنظم التعمير وخطورة إسكان أشخاص في ورش غير مكتمل وغير مرخص له، والمفروض أنه هو من ينبغي أن يتفهم ما معنى أن جماعة السعيدية تمنع كل تصرف في مشروع انتهت صلاحية رخصته سنة 2018، وهو في طور الإنجاز، والمفروض أيضا أنه هو من عليه تنبيه ما تبقى من أعضاء المكتب المسير للمشروع إلى خطورة ما يقدمون عليه ولنا عودة حول حقيقة هذا التقني.
وإلى أن يستيقظ الحالمون وإلى أن تسقط آخر ورقة شجرة التوت التي يتخفى وراءها المتورطون في ضياع حقوق المنخرطين، وإلى أن يبادر القضاء إلى محاسبة المسؤولين عن إفلاس المشروع نهمس في أذن أن أعضاء الجمعية، أن حبل الكذب قصير، وأن ما ضاع حق وراءه مطالب.