ذهب وسيارات ومواشٍ في المزاد.. موريتانيون يتبرعون لغزة
لم يقف البعد الجغرافي، ولا قلة ذات اليد دون إقبال الشعب الموريتاني على التضامن مع الفلسطينيين والتبرع للمحاصرين في قطاع غزة، وجابت مبادرات وحملات شعبية لجمع التبرعات العينية والنقدية مختلف مقاطعات وقرى موريتانيا.
وأطلق الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني في موريتانيا حملة إغاثة تحت شعار “غزة تستغيث” بهدف الإسهام في إغاثة جزء من النازحين داخل قطاع غزة بالغذاء والدواء. كما أعلن المنتدى الإسلامي الموريتاني عن حملة مماثلة.
وشهدت الحملات إقبالا واسعا من رجال الأعمال وملاك المواشي وأصحاب المهن الصغيرة والنساء، وحتى الأطفال، ومن مختلف الجمعيات والبلديات والمساجد والأسواق، بعد أن أفتى علماء البلد بأن دعم الفلسطينيين واجب ديني وشرعي، وأن تقديم الزكاة إليهم في هذا الوقت العصيب أولى وأفضل.
الكل يتبرع
وفي سياق عمليات التبرع والتضامن مع سكان غزة أطلق تجار سوق الهواتف في العاصمة نواكشوط حملة لجمع تبرعات إغاثية، واستطاعوا في أيام معدودة جمع ما يقارب 11 مليونا من الأوقية (31 ألف دولار) لسكان غزة تم تسليمها لجمعية الرباط الوطني، وما زالت حملتهم التي شارك فيها مئات من الكادحين متواصلة.
ويقول أحمد بزومة أحد أعضاء المبادرة للجزيرة نت “إن ما يميز هذه المبادرة هي أنها أرادت إشراك ذوي الدخل المحدود حتى يسهم الجميع كل حسب استطاعته في إغاثة غزة. ونظم أحمد وزملاؤه جولات عديدة داخل السوق، ففي المتجر الواحد يكون هناك 5 عمال أو أكثر كل يسهم قدر استطاعته، والتبرعات الصغيرة هي التي أحدثت الفارق، وفق أحمد.
وأكد بزومة أن الحملة مستمرة، وأن أعضاء المبادرة مصرون على توجيه كافة جهودهم الآن من أجل مساعدة سكان غزة وتخفيف معاناتهم، مضيفا أن ما يعانيه اليوم أهل غزة يستوجب من الجميع تضافر الجهود، معربا عن أمله في أن تكون مبادرتهم هذه مثالا يحتذى به وتشجيعا لأسواق أخرى حتى تأخذ زمام المبادرة.
إبل بن عفان
وتفاعلا مع حملات التبرع والإغاثة، ومع بدء معاناة قطاع غزة، أوقف سلام عبد الله رئيس جمعية “إيثار” حملته الخيرية التي كان يقودها لصالح مرضى السرطان، ليبدأ في حملة أخرى لصالح أهل غزة “الذين يذودون عن شرف الأمة بدمائهم الطاهرة وأرواحهم المقدسة” وفق تعبيره.
وقال سلام إنه حين فكر في التبرع لغزة لم يجد أمامه إلا 45 من الإبل، هي ما يملك من الثروة الحيوانية على الإطلاق، لكن على ما يبدو فإن استحضار سلام لتفاصيل ومعاني غزوة تبوك التي مهدت لفتح الشام وما شهدته من تنافس في الإنفاق في سبيل الله، شجعه على المضي قدما في قراره، وكتب “هي في سبيل الله لأهل غزة لعلها تلتحق بركب إبل عثمان التي جهز بها الغزاة في غزوة تبوك ولعل هذه تجهز بعض الغزاة في غزة”.
واستلهم الكثير من ملاك المواشي من محبي الخير من استحضار سلام منافسة عمر لأبي بكر فتبرعوا بعده بعشرات الرؤوس من الإبل لسكان غزة. وحين زارت الجزيرة نت مقر الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني كان أحمد عبد الله الكوري (أحد المتبرعين) على موعد مع تسلم إيصال بـ1.5 مليون أوقية (4 آلاف دولار) ثمنا لـ4 رؤوس من الإبل كان قد تبرع بها لغزة قبل يوم.
حملات تتسع
ولم تقف حالة التضامن هذه عند هذا الحد، ولم تختصر على مدينة نواكشوط فحسب بل تعدتها لتصل كافة المدن الموريتانية في الداخل، ففي مقاطعة كرو شرق موريتانيا (تبعد 550 كيلومترا من العاصمة نواكشوط) استطاع السكان هناك في وقت وجيز جمع تبرعات لغزة تزيد على 25 مليون أوقية (67 ألف دولار). وهناك حديث عن مبادرات مماثلة في مدن النعمة والعيون والطينطان وقرى أخرى.
وفي حديثه للجزيرة نت قال العمدة المساعد للمدينة محمد الأمين حمن إن حملة التبرع يشرف عليها ممثلو الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني. وأوضح المتحدث ذاته أن الحملة لاقت تفاعلا كبيرا بين السكان، حيث استُقبلت أنواع من التبرعات العينية كالهواتف والحلي والملابس والكتب، وشارك فيها أيضا الأطفال بدراجات هوائية وحمام زاجل، إضافة إلى شخصيات أخرى تبرعت برؤوس من الإبل والبقر والغنم.
سوق غزة
ومن جانب آخر تواكب نساء الرباط الوطني هذه الحملات بجهودهن الخاصة في “سوق غزة الخيري” لتسويق التبرعات العينية وبيعها.
تقول فاطمة حدو مديرة سوق غزة الخيري للجزيرة نت “إن فكرة السوق قائمة منذ 20 سنة يقام دائما في أيام العطل لكن في فترات الحرب والأزمات في فلسطين يتواصل بلا انقطاع، إذ نظل نستقبل التبرعات العينية في النهار، وفي الليل نعرضها للبيع”.
وتلاحظ فاطمة تعاطفا كبيرا لم يسبق له مثيل مع الحرب الأخيرة، مؤكدة أن نساء الرباط تسلمن أنواع التبرعات العينية، وأن هناك نساء بالفعل تبرعن بأطقم ذهبية بعضها بقيمة 5 ملايين أوقية (14 ألف دولار) وساعات وملابس ثمينة ومنازل وقطع أرضية وسيارات.