تأمين صحي لكل السعوديين مدى الحياة في 2024…تمويل حكومي شامل وتوقعات بارتفاع استثمارات القطاع لـ85 مليار دولار بنهاية العقد
بقلم مني المنجومي
حدد وزير الصحة السعودي فهد الجلاجل، منتصف العام المقبل 2024، موعداً لبدء تطبيق نظام التأمين الوطني، موضحاً أن تمويله سيكون بالكامل من خزانة الدولة مدى الحياة وليس له سقف كما أنه يغطي المواطن تغطية شاملة. ولفت في الوقت ذاته، إلى أن جميع التجمعات الصحية ستنتقل من وزارته إلى شركة الصحة القابضة بحلول مطلع عام 2024.
وعلى هامش ملتقى الصحة العالمي، المقام حالياً في العاصمة الرياض تحت شعار “استثمر في الصحة”، توقع الجلاجل أن تتضاعف سوق التأمين خلال الفترة المقبلة إلى خمسة أضعاف، مضيفاً “أن متوسط تغطية الخدمات الصحية لمناطق البلاد كافة بلغ 94 في المئة”.
وأعلن وزير الصحة عن إطلاق المركز السعودي الأول لعلاج البروتون، وهي تقنية متقدمة أسهمت في تحقيق نقلة نوعية في علاج الأورام مواكبـاً التطور الحاصل في هذا المجال علـى مستوى العالم، كما أنها تمنح الأمل للمرضى.
التحول الصحي
وقال وزير الصحة السعودي فهد الجلاجل، إن بلاده خطت خطوات واسعة ونوعية في رحلة التحول الصحي، متوقعاً زيادة حجم مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي من 199 مليار ريال (53.08 مليار دولار) في عام 2020 إلى 318 مليار ريال (84.82 مليار دولار)، في عام 2030.
وزاد “إن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي سيكون لها دور أكبر في المرحلة المقبلة، إذ من المتوقع أن تصل إلى 145 مليار ريال (38.67 مليار دولار) في العام 2030، بعد أن كان حجم مساهماته 72 مليار ريال (19.20 مليار دولار) في عام 2020”.
ودعا الوزير المستثمرين بشكل عام إلى الاستثمار في القطاع الصحي السعودي، لافتاً الانتباه إلى أن إجمالي تلك الاستثمارات سيصل إلى 330 مليار ريال (88.02 مليار دولار) في عام 2030.
واستعرض الجلاجل خريطة الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع الصحي، وذكر منها مجال “التقنيات الحيوية واللقاحات”، التي يتوقع أن يصل نموها في البلاد إلى ما يقارب 130 مليار ريال (34.67 مليار دولار) بحلول 2040، إضافة إلى مجالات “التصنيع الصحي”، والبحث والابتكار، والسياحة العلاجية، والحلول الصحية الرقمية”.
خفض مؤشرات ونسب الوفيات
وزير الصحة السعودي قال، إن رؤية 2030 وضعت معادلة الريادة العالمية للقطاع الصحي في البلاد من خلال “الانتقال من التركيز على الألم إلى الاستثمار في الأمل، والاهتمام بالوقاية العلاجية، والتركيز على المستفيد وليس على السرير فقط”.
وأضاف “حققت البلاد عديداً من المستهدفات الصحية خلال الأعوام الماضية وصولاً إلى عام 2023، وبلغ متوسط عمر الفرد 77.6 عام، في حين كان لا يتجاوز 74 عاماً في عام 2016، وانخفضت في المقابل وفيات حوادث الطرق بواقع 13 من كل 100 ألف شخص بمعدل خفض تجاوز 39 في المئة، وكانت 28 شخصاً لكل 100 ألف نسمة”.
وفيما ارتفع مؤشر تغطيه الخدمات الصحية للمناطق التي قرابة 94 في المئة، بعد أن كان 81 في المئة قبل أعوام، وفقاً للوزير الجلاجل، الذي نبه إلى تجاوز المستهدفات في مؤشر نسبة الوفيات المبكرة الناتجة من الأمراض المزمنة من الضغط والسكري، لتنخفض إلى 500 لكل 100 ألف شخص، بعد أن كانت 600 وفاة لكل 100 ألف شخص.
الاستثمار في القطاع
من جانبه، قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، خلال كلمته في الجلسة الحوارية ضمن أجندة الملتقى، التي حملت عنوان “الاستثمار في الصحة بالمملكة”، “إن الدولة تنفق 15 في المئة من موازنتها استثمارات في القطاع الصحي”، منوهاً بأهمية الاستثمار في هذا القطاع.
وتابع، “إن معدل مشاركة القطاع الخاص محلياً 11 في المئة، والمستهدف في الرؤية 65 في المئة، وهناك فرص استثمارية ضخمة، كما أن قطاع التأمين الصحي والقطاعات الصحية كافة لديها فرص نمو استثمارية أكثر من ثلاثة أضعاف خلال السنوات الـ10 المقبلة”.
ونوه الفالح إلى أن مجال الصناعة الدوائية والحيوية من أبرز مجالات الاستثمار في القطاع الصحي، ومجال تأمين الخدمات الصحية والتجهيزات والأجهزة الطبية والتقنيات الرقمية في المستشفيات، لا سيما أن هناك فرصاً واسعة للاستثمار في تلك المجال، خصوصاً مع دخول شركات التأمين الطبي الخاصة مجال الرعاية الصحية في البلاد، وأهمية الاستثمار في البحث العلمي والابتكار والتجارب السريرية في القطاع نفسه.
وحدد وزير الاستثمار أبرز المحفزات لسوق الاستثمار في القطاع الصحي التي تتمثل في زيادة عدد السكان، وتضاعف حجم السوق، ووجود بيئة استثمارية جاذبة، والحاجة إلى تطوير الصناعة الدوائية.
وأضاف “أن هناك عديداً من فرص الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية، مثل الاستثمار في التقنيات والابتكار من خلال تطوير التقنيات الناشئة لتحسين جودة وكفاءة خدمات الرعاية الصحية، إلى جانب بناء وتشغيل المستشفيات والعيادات، والتقنيات الجديدة، وتصنيع الأدوية والأجهزة الطبية محلياً، والتعليم الطبي والتدريب لتطوير القوى العاملة من خلال الاستثمار في تعزيز المعرفة من خلال برامج التعليم والتدريب الطبي، إلى جانب خدمات التأمين الصحي والخدمات اللوجيستية”.
الصناعات الدوائية
لم يقتصر الحديث عن الاستثمارات في القطاع الصحي في مجالات الرعاية الصحية وبناء المستشفيات وتشغيلها، بل تجاوز ذلك المجال الصحي الصناعي، وهو ما أشار إليه وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف بقوله، “إن القطاع الصحي الصناعي حقق عديداً من النجاحات المهمة خلال السنوات الأربع الماضية، من بينها الصناعات الدوائية”، مبيناً أن “لجنة 248” أنشئت للتعرف على الحاجات الوطنية، وكيفية تحقيق هذه الاحتياجات. واللجنة هذه تعني بضمان وجود الأدوية في البلاد، وتضم فريقاً علمياً درس 1000 دواء، واختار منها 200 دواء و40 في المئة من هذه الأدوية من المقرر توطينها.
اتفاق أولية لتوطين الأنسولين
وفي السياق ذاته، شهد اليوم الأول من ملتقى الصحة توقيع اتفاق أولية لتوطين الأنسولين في السعودية، التي جاءت الاتفاق بالشراكة مع هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية (إكسبرو) من خلال تفعيل أسلوب التعاقد لأجل توطين الصناعة ونقل المعرفة، الذي يسهم في تعظيم الاستفادة من القوة الشرائية الحكومية والوصول إلى الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات والقطاعات ذات الأولوية، وتستهدف توطين صناعة بعض منتجات الأنسولين.
وأبرم الاتفاق كل من الشركة الوطنية للشراء الموحد للأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية (نوبكو)، وشركة “سدير” للأدوية، وشركة “سانوفي”، إذ تسعى إلى تعزيز جهود المنظومة الحكومية، حيال توطين الصناعة الطبية والدوائية، وبما يسهم في تحقيق الأمن الدوائي والصحي في البلاد، مع تعزيز ريادتها في الصناعة الطبية والدوائية بما يتواكب مع الحاجات والمتطلبات الدوائية فيها، والإسهام في تنمية المحتوى المحلي في مجال الصناعات الدوائية.
النسخة السادسة
يذكر أن ملتقى الصحة يقام حالياً في نسخته السادسة بالرياض ولمدة ثلاثة أيام، ويستعرض أحدث الابتكارات والتقنيات في المجالات الطبية والصحية، ويضم عديداً من البرامج وورش العمل المتخصصة، ويحوي 30 جلسة حوارية سيتحدث خلالها 100 متحدث من المتخصصين والخبراء.
ويناقش مؤتمر قادة الرعاية الصحية جوانب رئيسة لنظام الرعاية الصحية في السعودية في سياق برنامج تحول القطاع الصحي، ويستعرض ثمانية مجالات طبية وصحية منها (المستهلكات، والرعاية الصحية والخدمات العامة، والتصوير والتشخيص، والبنية التحتية، ومعدات وأجهزة المختبرات، والمعدات والأجهزة الطبية، والأدوية والتغذية وأنظمة وحلول تكنولوجيا المعلومات).