أي مستقبل سياسي للتونسية عبير موسي بعد سجنها؟
رئيسة الحزب الدستوري الحر طلبت من دفاعها الانسحاب ومراقبون لم يستبعدوا الإفراج عنها ورأوا حبسها نصراً يفيدها في ما بعد، مع إتمامها شهراً في السجن، بعثت رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارضة في تونس عبير موسي برسالة مثيرة للجدل دعت فيها هيئة الدفاع عنها إلى الانسحاب من إنابتها، متهمة السلطات بتسييس قضيتها قبل عام من الانتخابات الرئاسية.
وقالت موسي في رسالتها التي بثتها وسائل إعلام محلية “ملفي القضائي ساقط شكلاً ومضموناً، لذلك أقول لفريق الدفاع عني لا تستروا عوراتهم ولا تبيضوا جرائمهم ولا تقبلوا بدور ثانوي في مسرحيتهم”، مشيرة إلى أنها ستنتصر عليهم على رغم سجنها.
وأوضحت، “اتركوهم في مواجهة مباشرة ومكشوفة معي لينفذوا مخطط اغتيالي باستعمال أحكام القضاء وبتوظيف سيطرتهم على كل أجهزة الدولة، وليلطخوا مساراتهم بدم امرأة تونسية رفضت دخول بيت طاعة الظلاميين وزعزعت عرشهم بقوة الحجة والدليل، وترفض اليوم الصمت على جريمة إسقاط الدولة وحكمها بالقرعة وضرب وحدة شعبها وتعريضها للأخطار”.
مستقبل واعد
وبعد نشر رسالتها بساعات دخل أعضاء الحزب الدستوري الحر الذي شكل صداعاً في السابق لرأس حركة النهضة، من خلال إضراب عن الطعام لمدة يومين “كرسالة مساندة لعبير موسي في المظلمة التي تتعرض لها”.
ونجحت موسي التي لا يوجد إجماع حولها لا داخل النخب السياسية ولا في الشارع التونسي في تكريس شعبية قوية كان ينظر إليها على أنها قد تقودها لدفة الحكم، لكن الآن قدرتها باتت مهددة لا سيما بعد إصدار مذكرة إيداع بالسجن في حقها.
ومع ذلك تعتقد المحللة السياسية التونسية حذامي محجوب أن “عبير موسي لديها مستقبل سياسي، فقبل احتجازها كانت في سبر الآراء تحصل على أرقام تجعلها تتصدر المشهد السياسي، فالناخبون ينتخبون الأشخاص وليس الأحزاب وخصوصاً في تونس، ففي عام 2014 انتخبوا الباجي قائد السبسي وليس حزب نداء تونس، وفي عام 2019 انتخبوا قيس سعيد وليس له أي حزب
وشدت محجوب في حديث خاص
على أن “الناس تنتخب أشخاصاً يظنون أنهم اضطهدوا أو لم يجربوا، لذلك أعتقد أن عبير موسي حققت نصراً في رصيدها بدخولها السجن، فهي شابة وحققت أشواطاً كبيرة من التحرك في صفوف المعارضة وأصبحت لديها شرعية نضالية، وأعتقد أن دخولها السجن يمهد أمامها مستقبلاً سياسياً واعداً”.
وتابعت أن “هناك تغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية قد تؤدي إلى قلب موازين القوى مستقبلاً، ورأينا حتى الرئيس قيس سعيد يغير مواقفه في بعض الأحيان لذلك يبقى إمكان الإفراج عنها وارداً، خصوصاً أنها لا تمثل خطراً على الدولة، ولا يزال لها مستقبل خصوصاً أنها شكلت حزباً منيعاً وله مشروع مجتمعي مشترك يؤمن به، ناهيك عن شخصيتها القوية”.
حال شك
وموسي من أشد المعارضين لما يعرف بثورات الربيع العربي التي كانت تونس مهدها، وكانت آنذاك ناشطة في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي أطاحت به احتجاجات يناير (كانون الثاني) 2011 ومعه الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
ولطالما اتهمت موسي خصومها من حركة “النهضة” بمحاولة “أخونة تونس”، موجهة سهام نقدها للربيع العربي والانتقال الديمقراطي المتعثر الذي عرفته البلاد، لكن حضورها الأبرز والذي اكتسبت منه شعبية واسعة كان في البرلمان عندما حصد حزبها خلال انتخابات عام 2019 التشريعية 16 مقعداً.
ودخلت موسي في سجالات ومعارك مع حركة “النهضة” في البرلمان الذي رأسه زعيم الحركة راشد الغنوشي المسجون هو الآخر، وقد برر الرئيس سعيد ذات مرة قرار حله البرلمان بصورة لموسي وهي تشتبك مع سيف الدين مخلوف، زعيم كتلة “ائتلاف الكرامة” الذي كان حليفاً موثوقاً لدى النهضة.
ويمضي الرئيس قيس سعيد قدماً اليوم نحو تكريس مشروعه السياسي متجاهلاً الانتقادات التي واجهها بسببه، وهو ما من شأنه أن يئد مشروع موسي قبل أن يرى النور أصلاً.
وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إن “موسي قدمت بالفعل خدمة لا مثيل لها لقيس سعيد حتى يجهز على البرلمان السابق، لكن المعادلة اليوم باتت متغيرة والكفة تميل له مع تشديد قبضته على معظم الأجهزة، لكن هل هذا يعني نهاية موسي سياسياً؟ فبالنظر إلى سنها أو ما تملكه من رصيد شعبي يصعب الحسم في ذلك لكنها تعيش حالاً من الشك”.
وأردف العبيدي في تصريح خاص أن “المشكلة أن موسي نفسها ليس لديها مقبولية من قبل قطاعات واسعة من التونسيين على رغم شعبيتها، علاوة على أنها رافضة الانخراط في أي تحالف مع الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية حالياً، وهذا ما قد ينهي مسيرتها السياسية وليس السجن، لأن السجن قد يصب في مصلحتها”.
وختم، “مسألة عودتها للساحة السياسية تبقى واردة، خصوصاً أن البلاد قد تشهد انفتاحاً سياسياً جديداً، لا سيما أنه ليس من مصلحة السلطة استمرار هذا الانغلاق”.