الدكتور محمد بوعبدالله يصدر كتابه الجديد “بين الألم والأمل”
د.لامية بودشيش
إن كان المريض هو من له تلك العلاقة المباشرة مع الألم كونه يعيش المعاناة. لكن هناك أيضا الطبيب الذي هو أيضا له تلك العلاقة المباشرة مع المريض لتشخيص المرض، والتواصل مع المريض، وبالتالي التفاعل معه. إنه هو الذي تقع على عاتقه مهمة العلاج والتخفيف عن المريض، بمعنى أنه هو الشخص الذي يمكنه الشعور بتلك المعاناة، لأنه يراها قائمة شاخصة أمام عينيه. لهذا فعندما يكتب الطبيب عن المريض، فإنما يكتب عن الألم بمعناه التراجيدي. الألم كمشاهدات يومية تمتد لحياة بكاملها.
الكاتب المبدع، الدكتور أحمد بوعبد الله، يكتب من داخل منظومة المعاينة والتشخيص والعلاج، أي أنه يقدم للقارء، المتلقي، خلاصات علاقاته المباشرة مع المرضى والألم المتكرر. كم مريضا قضى، وكم مريض شفي وكتب له عمر جديد. ربما هي تجربة إنسانية يجب الاهتمام بها. فقلما نجد طبيبا معالجا يكتب عن تجربة إنسانية. إن في ذلك دليلا على اهتمام الطبيب بمعاناة مرضاه في بعد إنساني عميق ينم عن صدق وإخلاص لمهنته التي عاش من أجلها.
ثلاثون نصا قصصيا، ربما هي غير كافية لسرد حياة مهنية امتدت لعقود، لكن المبدع الطبيب استطاع أن يقف عند تفاصيل هذه التجربة الإنسانية ويحيط بحيثياتها وأبعادها الإنسانية، لأنها لا تقتصر على المريض، بل تشمل أسرة المريض والطبيب، وكل من كان له احتكاك بهذا المريض. إنها رحلة مرض لأجل الاستشفاء. رحلة من أجل الحياة. هي تعبير عن مدى تشبث الإنسان بالعيش.
القاص سي أمحمد بوعبدالله استطاع أن يقف عند النفسي والإنساني في مجموعته القصصية. لأن المرض مهما كان عضويا لابد من مقاربته اجتماعيا ونفسيا، لأن الكثير من المرضى لا يستطيعون مواكبة العلاج في غياب تغطية صحية. لهذا فالقاص جمع في كتاباته بين تجربتين حياتيتين ومهنيتين، في القطاع العمومي ثم القطاع الخاص. خارج المغرب وداخله. ربما هو الأمر الذي أتاح له فرصة المقارنة والمقاربة الصحيحة لمهنته، وبين المرضى.
المجموعة القصصية سوف تكون تجربة متفردة في أدب خاص، أدب المرض والألم. لأنها تخرج عن المألوف. فالطبيب لا يكاد يبرح المستشفى أو عيادته، فيبدو وكأنه بعيد عن هموم الناس. لكن عندما يكتب الطبيب عن المعاناة فهو ادرى بالمرض ومخلفاته، وانعكاساته على المريض وعلى أسرته.
هنيئا للبيبليوغرافيا المغربية بهذا المنجز الأدبي المتميز الذي سوف يشكل إضافة نوعية للكتابة القصصية المغربية..