السلطة الرابعة

رئيس التحرير د/ عزت الجمال يكتب: مصر في عهد السيسي على حافة الهاوية بعد 13 عامًا من الثورة المصرية…المصريون يعيشون في ظل نظام ديكتاتوري عسكري مباشر بين وساطة أكثر وحشية مع عدم وجود توزان مدني


لقد خدع السيسي بدهائه الشعب المصري، وما زال يخدع هذا الشعب بوعوده الكاذبة التي ينكرها دائما، كما خدع الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان عندما كان يُمثل دور الرجل المسلم الصالح الملتزم المناسب لتولي وزارة الدفاع، دون أن يشعروا بأنه يخطط للانقلاب عليهم، ويزجُّ بهم في السجون، لقد كان يقف وقفة الذليل والمنكسر أمام الرئيس محمد مرسي، مما جعل الرئيس والإخوان تزداد ثقتهم به، وعندما انقلب على الرئيس مرسي لم ينقلب فجأة وبدون مقدمات، لقد استطاع أن يُوهم الشارع خلال حكم مرسي بأن الإخوان ذاهبين بمصر إلى نفقٍ مظلم، حتى وصل به المطاف ليوعز للإعلام أنه على الرئيس الإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة، وإلا سيتم الإطاحة به للحفاظ على مصلحة العباد والبلاد، وقد كان الشارع مُجيشا سلفاً، من خلال الإعلام بأن البلد انتهت.  
انقلب السيسي بكل أريحية على الإخوان والتجربة الديمقراطية والرئيس المنتخب، وزجّ بكل من عارضوا انقلابه في السجون، وقتل منهم الآلاف، بحجة أنهم ينتمون لجماعة إرهابية، وأقسم السيسي بالله عز وجل ثلاثاً بأنه ليس له أي طمع في السلطة، وأن الانتخابات ستجرى في موعدها، وأنه لن يترشح لهذا الموقع إطلاقاً، ثم خلع بذلته العسكرية، وعمل مسرحية درامية، وبدأ يعمل بذكائه المعهود، فقرّر خوض الانتخابات، واكتسحها بقوةٍ، واستطاع أن يُوجه رسالة لأنصار منافسه المرشح حمدين صباحي، بأن مرشحكم كومبارس، وحرق ورقته في أوساط الجماهير التي كانت ترى فيه بصيص أمل، وأنه رجل ثوري.
استطاع السيسي أن يصرف أنظار الشعب والأمة والعالم عما يقوم به من تدمير وتفتيت لمصر، وبيعها ممتلكاتها، من خلال الكوميديا السّاخرة التي يتعمد إلى إظهارها في كل خطاباته السياسية، فلم يسبق له أن خطب خطاباً، دون أن يتخلله موقف كوميدي، فمرة يقسم بالله العظيم أن ثلاجته ليس بها ماء منذ عشر سنوات، وأخرى يتحدث عن المرأة ودورها، وثالثة ورابعة وخامسة وأخيراً، وليس آخراً، عندما قال إنه عندما كان صغيراً كان يدعو الله لإعطائه مائة مليار دولار ليوزعها على المصريين، لكن ليس معه شيء ليعطيهم دولارات.

فهو بهذه المواقف، استطاع أن يجعل النخبة من الشعب قبل العامة والبسطاء، بأن يفسحوا المجال أمامه لتدمير مصر، وعدم تسليط الضوء على ما يقوم به من أعمال تدميرية بشكلٍ كافٍ، وأن يتم إنهاء النخبة ومعها عامة الشعب بتصريحات الرئيس المثيرة للضحك، ولفت الأنظار، من خلال وصفه بالساذج والمعتوه وغيرها من الأوصاف، ولكن لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال اتهام السيسي بالغباء والسذاجة، فمن يستطيع أن يُزيح من أمام وجهه جميع خصومه السياسيين الكارهين للإخوان الذين ساندوه، ووقفوا معه في شرعنة الانقلاب، وتركوا الساحة له، وفوق هذا كله يزج بهم في السجون بكل أريحية، لا يمكن وصفه بالغبي، بل هو المتغابي، والمتغابي لا يكون إلا فطنا وداهية.
ومن يستطيع أن يتفرد بالجيش، ويضعه تحت إمرته ليس رجلاً عادياً إطلاقاً، ومن يستطيع أن يأخذ من الخليج مليارات الدولارات، وإذا فكّر الخليج بقطع الإمداد والأرز، فإنه مباشرة يتجه صوب طهران كورقة ابتزاز لجلب مزيدٍ من الأموال من دول الخليج، من يستطيع أن يفعل ذلك بلا شكٍ أنه داهية. شئنا أم أبينا، اتفقنا أو اختلفنا مع السيسي فمن السذاجة أن نصفه بالغبي أو السفيه، فمن يفعل ذلك يستحيل وصفه بالغباء، بل هو ماكر وداهية.
وصل إلى حكم مصر بعد انقلابه أيضا على القادة العسكريين، وحصل على طبق من فضة في أن يكون  رئيسًا لمصر، عزيز مصر، ديكتاتور يحكم مصر  ويخربها.

عشرة سنوات من فشله في الحكم
يزعم البعض أن العد التنازلي للانفجار الاجتماعي و السياسي بدأ بالفعل، لكن الأمر المؤكد هو أن السيسي سقى بنفسه بذور فشله، فمن خلال سحقه لسيادة القانون، واستقلالية مؤسسات الدولة، والصحافة الحرة، دمر السيسي الركائز اللازمة لبناء اقتصاد قوي يقوم على المساءلة، كما دمر البيئة المواتية القادرة على جذب استثمارات قوية، بدلا من الحصول بشق الأنفس على قروض غير مستدامة.
من غير المرجح أيضا أن يعكس السيسي مساره، لأن حكومته لم تظهر سوى قليلا من القدرة على النقد الذاتي، أو مراجعة النفس، بهدف الإصلاح، بل على العكس، تظل حكومة السيسي رهينة تفكيرها المعوّج، قد يتعاظم سريعا ككرة الثلج، فلجأت في الأغلب الأعم إلى العنف للإبقاء على الباب مغلقا، وهو ما يؤدي بدوره إلى خلق مزيد من المظالم، ويجعل آفاق الإصلاح أكثر صعوبة، من نواحي عديدة، حبس السيسي نفسه في قفص الفشل، وكلما استمر في حرمان بلاده من إمكانياتها، يزداد الخطر على الاستقرار في مصر على المدى الطويل، ويرتفع الثمن الذي سيتوجب دفعه للإصلاح في المستقبل.
إن ألأزمة الاقتصادية والسياسة الحالية في مصر ما هي إنتاج متواصل على فشل السيسي الذي يحكم مصر بالقوة، وعلى التحديات الاقتصادية الجسيمة التي تواجه المصريين، مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وتدهور قيمة العملة، والتضخم المرتفع يتناول أيضا السياسات الاقتصادية والمالية التي اتخذتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الفاشلة، بما في ذلك التدبير القمعي، والإصلاحات الآقتصادية غير الموثر بشكلٍ كاف، وأيضا استخدام السلطة العسكرية والأمنية في إدارة البلاد، وتعزيز دور الجيش في الاقتصاد بطرق غير شفافة، مما إلى زيادة الفساد، وتفاقم الأزمة، وإلى التأثير على السياسات الداخلية، وعلى الحريات السياسية والمدنية، مع التركيز على التضييق على الحقوق الديمقراطية ،وحركات المعارضة.                                   
إن مقالي هذا ينتقد الدكتاتور، الحاكم السيئ السمعة، وهو انتقاد الذي يكذب على شعبه، بالوعود هناك استراتيجية للسيسي في الإعتماد علي المساعدات الخارجية، بدلًا من الإصلاحات الداخلية الفعالة، وهذا أدى إلى عجز الحكومة عن تقديم حلول جذرية للأزمة المستفحلة.
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يظهر السيسي كمن يتحكم في مؤسسات الدولة والاقتصاد بشكل كامل، مما يفتقر إلى الشفافية والمساءلة… تعرضت الحريات الأساسية لتقييدات شديدة، مما ساهم في تعزيز الانقسام الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، فإن السيسي يتجنب بشكل ملحوظ تقديم إصلاحات جذرية تعالج جذور المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والاستراتيجيات الحالية تبدو موجهة نحو البقاء في السلطة، بدلاً من حل المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المواطن المصري العادي، كما تزداد المخاوف من أن السياسات القمعية والتضييق على الحريات ستؤدي إلى استمرار الاستقطاب، والاضطرابات في المستقبل.
على الصعيد الدولي، يواجه السيسي تحديات في جذب الدعم والتأييد الخارجي، حيث تتقاطع المصالح الجيوسياسية مع المطالب بحقوق الإنسان والديمقراطية. الصفقات الخارجية قد توفر دعمًا مؤقتًا، ولكنها لا تبدو كافية لحل الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعصف بالبلاد.
باختصار، تظل مصر على مفترق طرق حرج، حيث يتعين على الحكومة إيجاد استجابات فعالة وشاملة لتحسين ظروف المعيشة للمواطنين، وتعزيز الحقوق الأساسية، بدلاً من التمسك بالسياسات القمعية، والاعتماد الكبير على الدعم الخارجي.
أمام تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في مصر، تظهر التحديات المتزايدة أمام السيسي وحكومته، وهنا بدأ المصريون يُطالبون بإجراءات فعالة وملموسة لتحسين الأوضاع الاقتصادية المتردية، وتقديم دعم شامل للمواطنين الذين يعانون من تداعيات التضخم، وانخفاض مستويات المعيشة.
وعلى الرغم من التحديات الداخلية الكبيرة، يواصل السيسي الاعتماد على القمع وتقييد الحريات الأساسية كاستراتيجية للسيطرة على السلطة، والحفاظ على النظام الحالي، هذا النهج قد يؤدي إلى تصعيد المواجهات والاحتجاجات الشعبية، مما يزيد من عدم الاستقرار والتوترات الاجتماعية في البلاد.
وعلى الصعيد الدولي، تتزايد الضغوط على السيسي لتحسين سجل حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية، خاصة في ظل التقلبات الإقليمية، والمخاوف الأمنية العالمية.

وتبقى الصفقات الخارجية والدعم المالي من الأهمية بمكان لاستقرار الاقتصاد المصري، لكنها لا تكفي بذاتها لحل الأزمات العميقة التي تواجهها مصر.
في النهاية، تحتاج مصر إلى استراتيجية شاملة ومتوازنة تجمع بين التحسينات الاقتصادية والإصلاحات السياسية، بما يضمن حقوق المواطنين، ويعزز الاستقرار الاجتماعي. يجب على السلطات المصرية التحرك بسرعة وجدية لمعالجة الأزمات المتعددة التي تؤثر على حياة الملايين، وتقديم حلول فعالة ومستدامة لبناء مستقبل أفضل للبلاد وشعبها.
المقال يستعرض بشكل واضح التحديات التي يواجهها نظام السيسي في مصر، ويقدم تحليلاً عميقاً للسياسات والتوجهات التي تسببت في تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
القمع وانتهاكات حقوق الإنسان: السيسي اختار القمع وقمع حرية التعبير والصحافة، مما أدى إلى ضعف مؤسسات الدولة، وسقوط سيادة القانون. هذا التوجه ألحق ضرراً كبيراً بالبيئة الاستثمارية، وأضعف النظام القانوني الذي يعتبر أساساً للاقتصاد القوي.
الاقتصاد والديون الغير مستدامة: استنزاف الموارد عبر القروض الغير مستدامة وقلة النقد الذاتي تركت الاقتصاد في وضع هش، كما أن عدم وجود إصلاحات جوهرية أو استراتيجيات تنموية طويلة المدى جعلت من الصعب على مصر تحقيق النمو المستدام، وجذب الاستثمارات الخارجية.
عدم القدرة على النقد الذاتي والإصلاح: تقدم الحكومة قليلًا في مجال النقد الذاتي أو الإصلاحات الجوهرية، مما يشير إلى استمرار تفكيرها المعوج والاعتماد على القمع كوسيلة للسيطرة.
المستقبل السياسي والاجتماعي: استمرار هذا المسار يهدد استقرار مصر على المدى الطويل، وقد يؤدي إلى اندلاع انفجار اجتماعي أو سياسي أعمق، مع تزايد التوترات والمظالم في المجتمع.

في الختام، يظهر المقال بوضوح أن سياسات السيسي قد وضعت مصر على مسار الفشل المحتم، مما يجعل الإصلاح أمرًا ضروريًا وعاجلاً لتجنب تفاقم الأزمات، واستعادة الاستقرار والنمو المستدام في البلاد.
10 أعوام من حكم السيسي: مصر أصبحت من أكبر سجون الصحفيين في العالم.
ولأ أنسى الصحافة والسجون التي زادت في مصر، من أجل قمع والحريات، حيث تم تسجيل أكثر من 100 ألف سجينا صحفيًا وسياسيا.
أصبحت الاعتقالات في صفوف الصحفيين ممارسة منهجية خلال سنوات حُكم السيسي، بعدما كانت ظاهرة شائعة في عهد حسني مبارك، إذ باتت موجات الاعتقالات مصاحبة لكل حدث عام تُثار فيه شكوك حول شرعية المشير في تولي رئاسة الجمهورية، أو كل مسيرة أو مظاهرة، أو وقفة احتجاجية تندد بفساد حكومة السيسي.
وفي خضم ذلك، لم يعد هناك من مكان آمن يمكن فيه ممارسة أي شكل من أشكال التجمع، أو العمل الجمعوي.
وإذا كان نظام السيسي يزج ببعض الفاعلين الإعلاميين في السجون دون محاكمتهم، فإن البعض الآخر يظلون أحياناً خلف القضبان لعدة أشهر قيد الاحتجاز السري، بينما يتعرض آخرون للضرب المبرح أثناء الاستجواب أو يُحرَمون من الرعاية الطبية.
هذا، ولم يكتف نظام السيسي بحبس الصحفيين وإساءة معاملتهم، بل كثَّف آلته القمعية تدريجياً، من خلال تشديد الإطار التشريعي، بما يتيح له خنق الصحافة، حيث سن قانون الجرائم الإلكترونية عام 2018، ليُصبح أداة تشرِّع فرض الرقابة على المواقع الإلكترونية، وهو ما علَّق عليه محام مصري بالقول “إن القمع والقانون يعملان جنباً إلى جنب في مصر”، مضيفاً أن “القوانين الحالية لها عواقب وخيمة على حرية الصحافة، إذ يواجه الصحفيون خطر الاعتقال أو الرقابة حتى في حال امتثالهم لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى