مقلع الدشيرة: خروقات للقانون وترامي على ممتلكات الدولة
بقلم بنعطا محمد ، ناشط بيئي رئيس “فضاء التضامن والتعاون بجهة الشرق” ومنسق “التجمع البيئي لشمال المغرب”
أصدر مؤخرا تقرير برلماني يسجل ويؤكد على عدة خروقات وتجاوزات خطيرة يعاني منها قطاع المقالع رغم صدور القانون الجديد للمقالع عدد 13-27 ومراسيمه التطبيقية.
من بين المقالع التي أثارت غضب السكان، المقلع الذي تم فتحه بجبل الدشيرة بجماعة اسلي قبيلة بني وكيل عمالة وجدة-أنكاد جهة الشرق.
بعد فترة عشرة (10) سنوات من الاستغلال ورغم تعرض السكان وطرح عدد كبير من الملفات أمام القضاء والشكايات أمام الهيأة العليا في الوطن، لو يتم انصاف سكان بني وكيل والجمعيات البيئية التي ساندتها في مسيرتها النضالية ورغم الأحكام الادارية الابتدائية التي كانت في صالحهم والتي تم الغاؤها من طرف المحكمة الاستئنافية بالرباط أو محكمة النقض رغم الحجج والمستندات وتقارير الخبراء.
رغم الخطر والتهديد لصحة الساكنة المجاورة للمقلع الحجري وكذا الأضرار البيئية على الأشجار المثمرة والمزروعات الفلاحية، تظل قائمة دائما بعد انقضاء فترة استغلال ورغم تقديم تعرُّضٍ من طرف ساكنة بني وكيل وجمعيات من المجتمع المدني على تجديد رخصة استغلال هذا المقلع، الا أن المدير الاقليمي للتجهيز بوجدة قرر تمديد رخصة استغلال المقلع بجبل الدشيرة بجماعة اسلي لشركة صوكراكو دون استشارة اللجنة الاقليمية للمقالع ودون احترام المقتضيات القانونية.
أسباب الطعن في قرار المدير الاقليمي للتجهيز بوجدة لعيب مخالفة القانون:
1- عدم تحيين دراسة التأثير على البيئة
تجديد رخصة استغلال هذا المقلع ارتكز واستند على الموافقة البيئية الصادرة عن والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة-أنكاد رقم 03/2014 بتاريخ 23/01/2014، مع العلم أن هذه الموافقة البيئية لم تحترم المساطير القانونية التي نص عليها القانون 03-12 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة ومراسيمه التطبيقية وبالتالي فتح المقلع أصلا كان مبنيا على الباطل علما أن “كل ما بني على باطل فهو باطل”. هكذا لم يتم تحيين دراسة التأثير على البيئة كما تنص على ذلك المادة 13 من قانون المقالع، وهو ما كان يأمل معه السكان بعد إجراء المعاينات اللازمة والبحث العمومي قبل التحيين أن تقتنع الجهات المعنية بالأضرار التي تسبَّب فيها المشروع للساكنة المجاورة وكذا للمنظومة النباتية والفلاحية والإيكولوجية بالمنطقة.
على الرغم من معارضة المواطنين المتاخِمين لجبل الدشيرة بجماعة إسلي، وعدم تحيين الموافقة البيئية التي تعد وثيقة أساسية لتسليم التصريح بفتح المقلع أو بتوسيعه أو تمديده، أيّدت السلطات الإقليمية والإدارات المعنية التابعة لمصالح وزارة التجهيز بالجهة الشرقية استغلال هذا المقلع رغم عدم وجود أي تأهيل أو تهيئة لمقلع الدشيرة بعد نفاد فترة الاستغلال لمدة 10 سنوات” كما تنص على ذلك المادة 39 من قانون المقالع.
وبشأن عدم تحيين دراسة التأثير على البيئة فهي تستند على المادة 13 من قانون المقالع 27.13 التي تنص صراحة على “وجوب تحيين دراسة التأثير على البيئة للمقالع المكشوفة بعد فترة زمنية محددة بمرسوم تنظيمي”، وبالرجوع الى المادة 14 من المرسوم التنظيمي رقم 369-17-2 ، يظهر أن الفترة التي حددها القانون لتحيين دراسة التأثير على البيئة هي عشر (10) سنوات من استغلال المقلع ” تطبيقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 13 من القانون 13-27 السالف الذكر، يتم تحيين دراسة التأثير على البيئة بعد عشر (10) سنوات من الاستغلال بالنسبة للمقالع المكشوفة والمقالع الباطنية وخمس (5) سنوات بالنسبة للمقالع بالوسط المائي”.
حيث بعد مرور عشر سنوات على فتح المقلع بجبل الدشيرة، تنص القوانين المتعلقة باستغلال المقالع والنصوص التطبيقية على وجب تحيين دراسة التأثير على البيئة.
2- عدم تهيئة المقلع بعد نفاذ فترة الاستغلال لمدة عشرة سنوات.
حيث بالرجوع الى المادة 39 من قانون المقالع عدد 13-27 يجب اعادة تأهيل المقلع عند نهاية الاستغلال قبل الترخيص له باستمرار الاستغلال:
” عند نهاية استغلال جزء من المقلع أو كله، يلزم المستغل بإعادة تهيئة هذا الجزء من المقلع أو المقلع كله، طبقا للإجراءات والتدابير المنصوص عليها في وصل التصريح وكناش التحملات الملحق به، مع الأخذ بعين الاعتبار شروط السالمة وإدماج المقلع في محيطه البيئي
. يجب على المستغل، عند انتهاء أشغال إعادة تهيئة موقع المقلع أو جزء منه، أن يودع لدى الإدارة تصريحا بانتهاء الأشغال المذكورة داخل أجل ثالثين (30) يوما ابتداء من تاريخ انتهاء هذه الأشغال، معززا بصور فوتوغرافية مأخوذة للمقلع عند الانتهاء من الاستغلال وبعد إعادة تهيئة موقع المقلع.
تقوم الإدارة بمعاينة أشغال التهيئة ومدى مطابقتها للوثائق المتعلقة بإعادة تهيئة موقع المقلع. ويمكن لها أن تستعين باللجنة الإقليمية للمقالع وكل من له خبرة في المجال لمعاينة هاته الأشغال”..
حيث يلاحظ أن شركة SOGRACO لم تقم بأي عمل لتهيئة الجزء الذي تم استغلاله خلال الفترة الممتدة من 2014 تاريخ فتح المقلع الى غاية 2024 بعد عشر سنوات من استغلال المقلع وتشويه جبل الدشيرة والمناظر الطبيعية التي كان يمتاز بها.
3- حول العيوب الشرعية للموافقة البيئية وخرق مسطرة الحصول على وصل التصريح بفتح وتجديد رخصة استغلال مقلع الدشيرة
حيث بنى قرار المدير الاقليمي للتجهيز بوجدة بتجديد رخصة استغلال المقلع الحجري بجبل “الدشيرة” بجماعة اسلي، على الموافقة البيئية الصادرة عن عامل اقليم وجدة-أنكاد رقم 03/2014 بتاريخ 23/01/2014 بمناسبة تصريح بفتح المقلع.
حيث ارتكزت الموافقة البيئية الصادرة عن عامل اقليم وجدة-أنكاد على دراسة التأثير على البيئة والبحث العمومي.
حيث يجب الطعن في مسطرة البحث العمومي المتعلق بدراسة التأثير على البيئة،
وحيث عرف البحث العمومي الخاص بتصريح فتح المقلع خروقات مسطريه وتزوير للحقائق.
وحيث أن هذه الخروقات تتجلى في أن عامل إقليم وجدة أنكاد أصدر قرار عامليا تحت عدد 15 بتاريخ 15/10/2013 ونص على تعليق القرار خمسة عشر (15) يوما بلائحة الإعلانات العمومية ونص كذلك على فتح البحث العمومي يوم 30/10/2013 لمدة عشرين يوما.
وحيث انه بالرجوع الى محضر اللجنة المحلية لدراسة التأثير على البيئة، المنصوص عليها في المادة (9) من المرسوم رقم 564-04-2 الخاص بتحديد كيفيات تنظيم واجراء البحث العمومي التعلق بالمشاريع الخاضعة لدراسة التأثير على البيئة، يظهر أن السلطة المحلية بدائرة أحواز وجدة لم تتوصل بالقرار العاملي رقم (15) في الارسالية عدد 9400/ق.ت.ب الا بعد تاريخ 2013.10.23 وبالتالي ولو على افتراض أن القرار العاملي المذكور علق نفس اليوم الذي بعث فيه من طرف عمالة وجدة أنكاد الى السلطة المحلية، فان فترة التعليق في سبورة الإعلانات لن تتجاوز ثمانية (8) بدلا من خمسة عشر (15) يوما المنصوص عليها قانونا قبل فتح البحث العمومي.
وحيث انه بالرجوع الى النشر بالجريدتين المنصوص عليما في المادة السادسة من المرسوم المذكور أعلاه، يتبين أن قرار فتح البحث العمومي الخاص بهذا المشروع لم ينشر الا السبت 26 أكتوير 2013 في جريدة العلم عدد 22735 أي أربعة أيام قبل فتح البحث العمومي بدلا من خمسة عشر يوما المنصوص عليها قانونا، كما نشر بجريدة “لوبنيون” باللغة الفرنسية عدد 17175 بتاريخ 25 أكتوبر 2013 أي خمسة أيام فقط بدلا من لخمسة عشر يوما المنصوص عليها قانونا.
وحيث انه بالرجوع الى تصريحات سكان جماعة اسلي المعنيين بالبحث العمومي لا أحد أخبرهم بفتخ البحث العمومي، ولا أحد من السلطة المحلية أو الجماعة بدل أي جهد لإخبارهم، ولم تستعمل أية وسيلة من وسائل الاتصال السمعي البصري مثل البراح في السوق الأسبوعي أو الإذاعة المحلية لإخبارهم بهذا البحث العمومي كما نص على ذلك القانون التنظيمي، حتى فوجئوا بآليات الشركة وشاحناتها متجهة نحو الجبل التاريخي وسط الغبار والضوضاء الذي لوث بيئتهم وكسر الهدوء الذي اعتادوا عليه وسط منازلهم وبيئتهم وفلاحتهم وماشيتهم.
وحيث يظهر أن المسطرة القانونية في البحث العمومي لم تحترم وتم تزوير وقائع حقيقية بحيث لم يشر محضر البحث العمومي الى ملاحظات تعرضات الساكنة، وبذلك تكون الموافقة البيئية التي سلمها عامل عمالة وجدة أنكاد أسست على وقائع غير صحيحة.
وحيث أن الموافقة البيئية هي وثيقة أساسية لتسليم التصريح بفتح المقلع أو بتوسيع أو تمديده.
وحيث أن هذه الوقائع هي باطلة وما بني عليها فهو باطل يترتب عليه ألغاء القرار الإداري للمدير الجهوي للتجهيز والنقل واللوجستيك بمثابة وصل تصريح بتمديد استغلال مقلع الأحجار بالمكان المسمى “الدشيرة” الكائن بجماعة القروية اسلي بني وكيل لصدوره بشكل يخالف القانون ولاتسامه بعيب الانحراف في استعمال السلطة ولعيب السبب.
وحيث يظهر أن المسطرة القانونية في البحث العمومي لم تحترم وتم تزوير وقائع حقيقية بحيث لم يشر محضر البحث العمومي الى ملاحظات تعرضات الساكنة، وبذلك تكون الموافقة البيئية التي سلمها عامل عمالة وجدة أنكاد أسست على وقائع غير صحيحة.
وحيث أن الموافقة البيئية هي وثيقة أساسية لتسليم التصريح بفتح المقلع أو بتوسيع أو تمديد
4- حول الترامي على ممتلكات الدولة:
تجدر الاشارة أن مقلع جبل الدشيرة يمتد على قطعتين أرضيتين الجزء الأول في القطعة ذات الرسم العقاري رقم 12927/77 والجزء الآخر في القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري رقم 1289/77 . للتذكير أن المحكمة الابتدائية بوجدة كانت أصدرت حكما بإلغاء عقد الشراء احدى القطعتين وارجاع الحالة على ما كانت عليه بسبب أن القطعة الأرضية في ملك الدولة كما تم تأكيد هذا الحكم استئنافيا في المرحلة الأولى قبل الرجوع في الحكم والغائه من جديد لعرضه أمام محكمة النقض بالرباط لتقول رأيها. ربما جاء الوقت لعرض هذا الملف أمام الفرقة الوطنية للبحث فيه والقيام بما يجب لحماية المال العام وأملاك الدولة حيث لم تحرك الادارات المعنية أي ساكن لحماية هذه الأراضي التي هي في الأصل ملك مخزني ضحية شهادات زور أدت الى تحفيظ العقار واعطائه رسم عقاري من طرف المحافظة العقارية.
لهذه الأسباب تم رفع دعوة من طرف سكان جماعة إسلي قبيلة بني وكيل وكذا الجمعيات البيئية (فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية وجمعية بني وكيل للبيئة والتنمية) أمام المحكمة الإدارية بوجدة للطعن في قرار المدير الإقليمي للتجهيز بوجدة، القاضي بالتصريح لتجديد رخصة استغلال مقلع بجبل الدشيرة من طرف شركة صوكراكو”، معتبرا أن الإذن بتشغيل المقلع لفترة ثانية تم “دون مراعاة أحكام قانون المقالع بالمغرب رقم 13-27 التي تنص على تحديث دراسة تقييم الأثر البيئي وتهيئة وتأهيل الجزء المستغَل بعد انقضاء الفترة الأولى من الاستغلال.