السلطة الرابعة

رئيس التحرير د/ عزت الجمال يكتب: جلسة العار لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو أمام الكونغرس الأمريكي بدعم اللوبي الصهيوني

مع تقيمي لهذا الخطاب في الواقع ما هذا إلا خطاب مقزز حافلً بالأكاذيب، وأن الحضارة الذي يدعيها نتانياهو إنما هي الانحطاط في جلسة عار للكونغرس الأمريكي، وكل النواب الشرفاء غير الخاضعين لأموال اللوبي الصهيوني، رفضوا أن يحضروا هذه الجلسة وقاطعوها، ما يلفت النظر أن نحو 50 عضوا قاطعوا هذه الجلسة، وكانت هناك أمام مبنى الكونجرس، مظاهرات عارمة ضد نتانياهو في الخارج، خاصًة وأن هذه المظاهرات كانت من جزء من اليهود الأمريكين الذين طلبوا بقطع السلاح عن إسرائيل، وعلى هذا العدوان الذي تمارسه إسرائيل على غزة، وأيضا لفت النظر إلى ثلاثة عائلات أبنائها من الأسرى، دخلوا إلى الكونجرس، وبعد ذلك رفعوا شعارا يطالبون فيه بوقف نتانياهو، فاعتقلتهم الشرطة الأمريكية…

الذي رأيته في خطاب هذا المجرم شيءٍ مذهل من الكذب، أنا أعتقد أن نتانياهو تفوق على جوتز آلي حول دور الحوافز الاقتصادية في الترويج لأفكار النازية، واستقطاب عامة الشعب الألماني، إنه كان بوق الدعاية النازية في الحرب العالمية الثانية، تفوق نتانياهو عليه بالكذب، وأسوأ ما قاله أنه يتحدث على الحضارة، وقال أنه حضاري، وأن ما يجري على أرض الواقع غير صراع حضارات، صراع بين الشر والخير، صراع بين الوحشية والتحضر، ودعا الولايات المتحدة للوقوف جنبا إلى جنب كي ينتصر التحضر الذي تحدث عنه، ما هو إلا سوء انحطاط أدى إلى مقتل 48000 فلسطيني حتى هذه اللحظة، بمن فيهم من هم تحت الأنقاض، والتحضر الذي تحدث عنه هناك 17000 ألف طفل فلسطيني تم قتلهم، والتحضر الذي تحدث عنه نتانياهو هو انحطاط قد أدى إلى إصابة 1200 طفل فلسطيني قطعت أيديهم وأرجلهم، التحضر الذي تحدت عنه نتانياهو هو تدمير أكثر من 90% من بيوت الفلسطينيين، وممارسة التطهير العرقي، وثلاثة جرائم حرب بالتوازي مع العقوبات الجماعية والقتل والإجرام والإبادة الكاملة للشعب الفلسطيني، وحتى أستعمال التجويع كسلاح حرب.

عزيزي القارئ، هذه ليست حضارة كما يزعم هذا المجرم، بلى، إعلم أنك مجرم حرب، أمثالك يكونوا خلف القضبان، أو محكوم عليهم برمي بالرصاص، هذا هو حكم القانون إذا ما تنفذ عليك، أو سجن مدى الحياة، إعلم أنك مجرم حرب، العالم كله يعرف هذا، بكل الهمجية يدافع نتانياهو، وأخطر ما فعله عندما يقول كذبة كبرى تختلف معه كل مؤسسات الأمم المتحدة، وكل مؤسسات حقوق الإنسان في العالم، ويدعي أنه يوصل مساعدته الإنسانية الكافية إلى غزة، هذا يعرفنا مستوى الكذب الذي قام به، أيضا ومن أخطر الأشياء أيضا التي حاول أن يروج لها رؤيته في ما سماه اليوم التالي في قطاع غزة الرؤية التي قدمها ليست بقاء الاحتلال الإسرائيلي، ويريد أن يصنع حفنة العملاء يطلق عليهم إدراة مدنية تخضع للاحتلال الإسرائيلي، ويريد أن يحارب كل الفلسطينيين، ويريد أيضا أن يعيد هندسة كل العقول الفلسطينية.. أعتقد أنها الفاشية بكل وضوح، هكذا هي أفكار الفاشيون العنصريون.

في اعتقادي مجازا ما قاله نتانياهو لايريد أن يوقف الحرب وهذا العدوان، يريد الاستمرار، لأنه يعرف تمامًا أنه عاجز عن أقتلاع المقاومة، ويعرف أنه عاجز عن فرض سيطرته بعد 10 أشهر من هذا الدمار، والذي يريده نتانياهو أن يبقى الاحتلال لغزة، يريد أن يفرض تصوره الخاص، ليس فقط على إسرائيل، بل على العالم أجمع، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، بدعم اللوبي الصهيونى، كما يطمح أن تسلمه واشنطن هذا الدعم العسكري كي يستمر في خطته، وعندما يتحدث عن هندسة إعادة الوعي الفلسطيني، ليس في غزة، ولكن في الضفة الغربية، يتحدث عن تغير المناهج وغير ذلك، هو يريد أن يصفي القضية الفلسطينية، وذلك يرتبط بما قاله عن رؤيته الإقليمية، لأنه عاد في الحديث في التطبيع مع العرب كوسيلة لتصفية القضية الفلسطينية، وقال أنه يدعو إلى تحالف أبراهام ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه…

عزيزي القارئ، خطاب نتانياهو في الكونغرس الأمريكي ما هو الا أسوء خطاب لعين استعماري بغيض ربما في تاريخ البشرية الحديثة، وعلينا أن نلاحظ أن مهمته ليست سهلة اليوم، ليس فقط لأن 90 من أعضاء الكونغرس رفضوا الحضور خطابه، بل تصدى له أعضاء في مجلس الشيوخ.

وكان من أبرز الشخصيات التي امتنعت عن حضور هذا الخطاب ألرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي، والسيناتور الديمقراطي ديك دوريين، ورئيسة مجلس النواب المؤقته ياتي موراي، والسناتور إليزابيت وارن، والنائبة الكسندريا اوكاسيو كورتير، والنائب روخانا، وأن قرار النواب الديموقراطيون لم يلق استحسان العديد من الجمهوريين جون كورنين… مقاطعة الديموقراطيين لخطاب نتانياهو أمر مخز و أنها تنازل للعناصر الأكثر تطرفا في قاعدة الحزب الديموقراطي.

ومع أن هذه المرة الرابعة التي يخاطب فيها نتانياهو الكونغرس، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى اجنبية، ويأتي ذلك في خضم أضطرابات سياسية تشهدها الولايات المتحدة، بدأت بمحاولة اغتيال ترامب، وانسحاب بايدن من السابق إلى البيت الأبيض، ودخول نائبته كاماملا هاريس على الخط، ساعية إلى الحصول على ترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات تشرين الثاني نوفمبر.

واللافت أيضا أن نتانياهو لم يزر واشنطن بدعوة من البيت الأبيض، بل بدعوة من القادة البرلمانيين الجمهوريين، بأمر من اللوبي الصهيوني الأمريكي الذين لم يتوقفوا عن التصفيق خلال الخطاب المدفوع.

عزيزي القارئ، إن المجرم نتانياهو كان في حفلة أكاذيب واستخفاف بعقول العالم، الخطاب يظهر أن نتانياهو لا يريد التوصل إلى اتفاق لوقف النار، كمًا أكد أن الخطاب مملوء بالأكاذيب، ولن يفلح في التغطية على الفشل في مواجهة المقاومة، أو التغطية على جرائم حرب الإبادة…ا.

إن أكاذيب نتانياهو بأن جيشه لم يقتل مدنيا واحد في الهجوم على رفح تدل على استهزائه بالعالم، وخطابه يبين بكل وضوح أنه ليس وارد إنهاء عدوانه على غزة، وهذا ما قالته نانسي بيلوسي أن خطاب نتانياهو أسوأ عرض قدمته شخصية أجنبية حظيت بشرف مخاطبة الكونغرس.

أعتقد أن نتانياهو ليس له القدرة وبالعكس إذًا قارنا خطابات نتانياهو الأربعة، نجد أن ماجرى في الخطاب الأخير أن الحركة الصهيونية في حالة انحدار، وليست في حالة تقدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى