ما معنى أن تسحب الجزائر سفيرها من فرنسا؟
بقلم: عزيز داودي
أثار قرار نظام العسكر بالجزائر سحب سفيره من باريس العاصمة الفرنسية ردود فعل مستغربة من لدن العديد من الديبلوماسيين والخابرين بالعلاقات الدولية . وفي هذا الإطار أعرب السفير السابق لفرنسا بالجزائر.ان سحب سفير الجزائر من فرنسا لا علاقة له بمعاهدة فيينا . وكان على الجزائر ان تحترم على الاقل الاعراف الديبلوماسية باستدعاء سفيرها للتشاور او بقطع علاقتها الديبلوماسية مع فرنسا .وهذا الأخير سيورطها في أزمة أخلاقية على اعتبار أن المنطق يجبرها ان تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع امريكا التي لم تعترف فقط بخطة الحكم الذاتي بل اعترفت كذلك بمغربية الصحراء. ونفس الشيء ينطبق على جل الدول العربية الداعمة للوحدة الترابية للمملكة .والغريب ان سفير الأزمات الذي سحبته الجزائر من فرنسا هو نفسه الذي سحبته من إسبانيا ولنفس السبب ويطلق عليه في الجزائر بسفير الأزمات.ليتضح ان النظام العسكري تورط مرة أخرى في نزاع كان يعتقده إقليميا وكان ينأى في خطابه الرسمي ان لا دخل له به وغير معني به .صفعة ماكرون اذن كانت قوية على خد تبون بعد ان قبله في السابق قبلة حميمية اعتقد البعض أنها تحمل ايحاءات جنسية.وجاء هذا الرد الفرنسي والجزائر تستعد لتزكية عبدالمجيد تبون لعهدة رئاسية ثانية عبر إنتخابات صورية بلعب فيها المتنافسون دور الكومبارس في مسرحية رديئة الإخراج. وكانت الجزائر دوما تعتقد انها تستطيع ابتزاز الدول الأوروبية بالغاز والنفط الجزائريين خصوصا وان الحرب الروسية الأوكرانية ارخت بضلالها على اثمنة المحروقات. لكم سرعان ما عادت الامور الى اصلها وتنوعت مصادر توريد اوروبا بالغاز والبيترول ناهيك عن الطاقات المتجددة التي اكتسبت مسافات واسعة وبالتالي لم يعد لا البيترول الجزائري ولا غازه يثيرون صناع القرار الدولي . بالقدر الذي اصبح العامل المتحكم هو انفتاح الدول على الاستثمارات الأجنبية وعلى بنية تحتية محفزة على الاستثمار وعلى جلب المستثمرين الأجانب .والاقتصاد الجزائري طبعا هو اقتصاد منكمش ومنغلق على نفسه قهرته البيروقراطية الإدارية واستفادت من هذا الاغلاق الاوليغارشية العسكرية والمدينة التي ترى في الانفتاح وتعدد الشراكات تهديدا لوجودها. فحتى الصين التي تربطها بالجزائر علاقات سياسية قوية مستوى التعامل الاقتصادي معها ضعيف جدا ولا يرقى اطلاقأ الى حجم العلاقات السياسية . ومما يثير السخرية هو ان الجزائر لها بنك بيكين بمعنى انها تهرب اموال الجزائريين الى الخارج الشيء الذي دفع العديد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين بالجزائر الى التساؤل عن تعامل الصين مع الجزائر فالصين ستسثمر مبلغ 10 مليارات دولار في المغرب لصناعة السيارات الكهربائيه مقابل عجزها عن القيام بنفس الشيء في الجزائر .وبما ان عسكر الجزائر ليس بمؤمن فإنه قد يلذغ من الجحر عدة مرات الى ان يشرب من نفس كأس السم الذي سقى به غيره.وبالتالي فهامش المناورة لديه ضيق للرد على قرار فرنسا فلا خيار امامه الا بلعب ورقة المهاجرين عبر السماح للمهاجرين بامتطاء الزوارق والهروب الى الضفة الأخرى وفي هذه الحالة ليس المهاجرون جنوب الصحراء هم فقط من سيهاجرون فقط بل ان ثلثي الجزائريين سيهاجرون الى الضفة الأخرى.بمعنى ان المصيبة ستكون مصيبتين. ليعاد السؤال او ليس في الجزائر رجل رشيد؟.