النبي محمد صلى الله عليه وسلم نور الرحمة ووحدة القلوب…رسالة المحبة وقدوة الرحمة والوئام…ذكرى النبي يضيء القلوب ووحدة الأمة الإسلامية

المولد النبوي الشريف اليوم: نور الرحمة ووحدة القلوب
بقلم: د. عزت الجمال
إخواتي المسلمين، في هذا اليوم العظيم، تتجدد في قلوبنا مشاعر الفرح والسرور بميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الرسول الذي أتى بالهدى والنور للعالمين، وبلغ رسالته ليكون رحمةً للعالمين. إن الاحتفال بالمولد الشريف ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل فرصة لتجديد المحبة والوفاء لسيرة الحبيب المصطفى، وتعزيز الوحدة بين المسلمين جميعاً.
للأسف، ومع مرور السنوات، أصبحت هذه المناسبة أحياناً ساحة جدل وخلافات طائفية، حيث تُستخدم تسميات مزعجة مثل: “وهابي”، “سلفي”، “شيعي”، “صوفي”… وكأن الفرح بميلاد النبي أصبح سبباً للفرقة بين المسلمين. بينما كان المفترض أن يكون المولد الشري مناسبة للتقارب والوئام، وفرصة لتوحيد الصفوف على حب الرسول والاقتداء بسيرته.

إن الخلاف في المسائل الفقهية أو الممارسات الفرعية لا يبرر هدم الأصول. فديننا الإسلامي رسالة وحدانية رحيمة قبل أن يكون طائفية، وتوحيد الأمة واجب على كل مسلم، ومحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تُقاس بالمزايدات الكلامية، بل باتباع سنته والتخلق بأخلاقه الكريمة في حياتنا اليومية.
الاحتفال بالمولد الشريف ينير القلوب ويزيد المحبة والاشتياق للنبي صلى الله عليه وسلم، ويذكّر المسلمين بسيرته العطرة، وتعاليمه السامية، التي تدعو للرحمة والعدل والمحبة بين الناس. فهو ليس عبادة للنبي، بل شكر لله على نعمة إرسال الرسول والهداية التي أتى بها، وفرصة لنشر الخير والمحبة والبهجة بين الناس.

وقد ورد في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُبشّر أصحابه ويدعوهم للخير، وكان حاضراً في كل فعل خير، فكيف لا نحيي ذكرى ميلاده بالفرح والسعي لتقوية الروابط الإنسانية؟ ففي هذه المناسبة، يجب أن نتذكر دروس المحبة، والصبر، والتسامح، والرحمة التي كانت جوهر دعوته، وأن نستلهم منها في حياتنا اليومية، بين الأهل والجيران والأصدقاء.
ولو كانت الملائكة تتنزل في ليلة نزول القرآن الكريم لتشهد تلاوته، أفلا تتنزل الملائكة على من اجتمعوا اليوم للاحتفال بميلاد النبي الذي نزل عليه القرآن؟ فهذا اليوم هو فرصة إيمانية عظيمة لإحياء ذكرى من حمل نور الله للعالمين، ومن جاء بالحق والرحمة، ومن صُنع الفرح في قلوب الناس بحكمته وأخلاقه.

إن المولد الشريف يحفزنا على التآخي والوحدة، ويذكرنا بأن الخلافات الفقهية أو الطائفية لا ينبغي أن تكون سبباً للفرقة أو للسب والشتم. فالمسلم الحقيقي يقيم حب النبي في قلبه، ويتذكر قول الله تعالى:
“واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”
في هذا اليوم، يجب أن يكون شعارنا نشر الفرح والسرور، وإحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعزيز المحبة بين المسلمين جميعاً، وتجديد العهد مع الله على الاقتداء بالرسول في القول والعمل. فالمولد الشريف هو يوم الرحمة، ونشر الخير، والمحبة في الله، والتقارب بين المسلمين، وليس ميداناً للنزاع أو التناحر.
فلنجعل هذا اليوم مناسبة لتوحيد القلوب على محبة رسول الله، وتعميق الشعور بالمسؤولية تجاه اتباع سنته، ونشر الخير في المجتمعات، وإحياء روح المحبة والألفة بين المسلمين. ولنجعل ذكرى ميلاده الشريف نوراً يتجدد في حياتنا كل عام، يذكرنا بالرسالة العظيمة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويجدد فينا الأمل في حياة قائمة على الرحمة والمحبة والعدل.

وفي ختام هذا اليوم المبارك، ندعو إخوتنا في فلسطين وغزة، وكل المظلومين في العالم، بأن ينزل الله عليهم النصر، ويثبت أقدامهم، ويعم الأمن والسلام والعدل عليهم، وأن يرفع عنهم البلاء والظلم. ولنجعل الاحتفال بالمولد الشريف فرصة للإحسان والدعاء لكل محتاج، وللتفكر في رسالة الرحمة والعدل التي جاء بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.
