السلطة الرابعة

رئيس التحرير د. عزت الجمال يكتب: محمد بن سلمان يوقف ترامب ونتنياهو: السعودية تواجه الابتزاز وتشدّ أزر فلسطين… ولي العهد لن يكون ساداتًا جديدًا”

تحقيق خاص: صدام محمد بن سلمان مع ترامب…
ولماذا يرفض ولي العهد أن يلقى مصير السادات؟
ومن الذي يبتز السعودية من واشنطن إلى أبوظبي؟**
لم يكن لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجرد اجتماع دبلوماسي عابر.
كان مواجهة حقيقية بين دولة تُعدّ واجهة 2 مليار مسلم…
وبين إدارة أمريكية حاولت فرض التطبيع مع إسرائيل بالقوة السياسية والابتزاز العسكري، بينما تحرّك الإمارات من الخلف كعرّاب خفي يدفع الرياض للصمت والانصياع.
في كواليس البيت الأبيض، وقبل دخول ولي العهد إلى مكتب ترامب، جلس معه اثنان من كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية وقدّما له “الملف الرئيسي” المطلوب من السعودية:
التوقيع فورًا على اتفاقيات أبراهام والانضمام رسميًا لمسار التطبيع الذي قادته الإمارات والبحرين والمغرب، بينما يصفّق نتنياهو من تل أبيب.

ترامب كان واضحًا وصريحًا إلى درجة الوقاحة
“السعودية يجب أن تنضم الآن… لنصنع سلامًا شاملًا في الشرق الأوسط”.
لكن ردّ ولي العهد السعودي كان صادمًا لترامب وللوبي الإسرائيلي ولشبكات الضغط الإماراتية التي كانت تراهن على تمرير الملف بسهولة.
محمد بن سلمان قال بوضوح إنه لا يرفض التطبيع من حيث المبدأ، لكنه يواجه حقيقتين لا يمكن تجاوزهما:
الشعب السعودي—بعد حرب غزة—هو الأكثر رفضًا لأي علاقة مع إسرائيل في العالم العربي.
الشرعية الدينية للمملكة لا تسمح بخطوة عمياء تتجاهل القدس والحقوق الفلسطينية وهي قبلة الحرمين وأمانة 2 مليار مسلم.
هنا بدأ التوتر.
مخاوف ولي العهد: الأمن الشخصي قبل السياسة… ومصير السادات حاضر في ذهنه
خلال النقاش، كشف ولي العهد لترامب مخاوف حقيقية لدى الأجهزة الأمنية السعودية:
أي خطوة تطبيع دون ثمن فلسطيني واضح قد تهدد حياته شخصيًا، وتعرّضه لمحاولات استهداف مشابهة لما تعرّض له الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات الذي اغتيل بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
هذا ليس “خوفًا شخصيًا”، بل تقدير مخاطر رسمي.

السعودية ليست الإمارات أو البحرين أو المغرب، وليست نظامًا مثل نظام السيسي الذي يعمل بتفاخر داخل منظومة أمن إسرائيل.
السعودية دولة مركزية دينيًا وسياسيًا، وأي قرار يصطدم بالشعب سيصنع زلزالًا داخليًا.
الإمارات… العرّاب السري للضغط على الرياض
هنا يبدأ الوجه الخفي للقصة.
مصادر أمريكية تكشف أن محمد بن زايد حرّض إدارة ترامب من الخلف لإجبار السعودية على التوقيع فورًا، لأن:
أبوظبي لا تريد أن تبقى وحيدة في مشهد التطبيع
ولا تريد أن تتحول السعودية إلى “قائد الموقف الإسلامي” الرافض للتطبيع
وتخشى أن ي overshadow نفوذها في واشنطن إذا بقيت الرياض خارج المعادلة
بل إن وسائل إعلام إماراتية ومراكز ضغط في واشنطن بدأت تجهيز حملات سرية لضرب شعبية محمد بن سلمان إذا لم ينصع للضغط الأمريكي–الإسرائيلي.

مسألة القدس… خط أحمر سعودي لا يشبه خطوط أحد
ترامب كان يريد توقيعًا سريعًا.
نتنياهو كان يريد اختراقًا تاريخيًا.
والإمارات كانت تريد جرّ السعودية بأي ثمن كي تغطي على ضعف وزنها الحقيقي في العالم الإسلامي.
لكن محمد بن سلمان قدّم شرطًا واحدًا لا يمكن كسره:
خطة مكتوبة ومحددة بزمن لإقامة دولة فلسطينية حقيقية.
ليس وعودًا… وليس “صفقة قرن”… ولا كلمات جوفاء.
إسرائيل رفضت.
ترامب خضع لنتنياهو.
والضغط تحوّل إلى عقاب.
السلاح يتحول إلى ورقة ابتزاز: رفض الـ F‑35
بعد مكالمة مباشرة من نتنياهو إلى ترامب، قررت واشنطن منع السعودية من الحصول على مقاتلات F‑35 النسخة الأولى، والسماح فقط بنسخة أقل قدرات حتى لا تمتلك الرياض ما تمتلكه إسرائيل.
كان ذلك ردًا سياسيًا انتقاميًا:
إما التطبيع… أو العقاب العسكري.

السعودية… ليست “دويلة تبحث عن دور”
بينما الإمارات تقدّم نفسها كوكيل إسرائيل في الخليج،
والمغرب يهرول نحو التطبيع بحثًا عن مكاسب سياسية مؤقتة،
ومصر تواصل خدمة أمن إسرائيل دون خجل…
السعودية تقف في موقع مختلف جذريًا
هي صاحبة الحرمين، ومركز الشرعية الإسلامية، ومفتاح العالم السني، وصاحبة التأثير الديني على ملياري مسلم.
أي خطأ سعودي في ملف القدس سيجعل المنطقة بأكملها تهتز.
ولذلك لا يمكن أن تتصرّف الرياض مثل الأنظمة الصغيرة التي تبحث عن حماية واشنطن.
السعودية لن تنحني… ولن تكرر خطأ السادات
في النهاية، خرج محمد بن سلمان من اللقاء ثابتًا على موقفه:
لا تطبيع تحت الضغط
لا توقيع قبل دولة فلسطينية مكتوبة وواضحة
ولا خضوع لابتزاز إماراتي أو أمريكي أو إسرائيلي
السعودية لن تكون نسخة من الإمارات، ولن تصبح دولة تُستعمل لتمرير مشاريع نتنياهو، ولن يغامر ولي العهد بشعبيته ولا بأمنه الشخصي ليكون “ساداتًا جديدًا”.
السعودية تعرف جيدًا أن العالم الإسلامي ينظر إليها—لا إلى أحد غيرها—عندما تُذكر القدس والحرم والشرعية الدينية.
ولهذا…
رفض محمد بن سلمان أن يضع توقيعه في يد ترامب.
ورفض أن يُسجَّل في التاريخ كزعيمٍ قاد شعبه نحو الهاوية.
واختار أن يُبقي القرار سعوديًا… وليس أمريكيًا أو إسرائيليًا أو إماراتيًا.

محمد بن سلمان لن يكرر خطأ السادات… ولن يسمح بأن يكون ضحية “ابتزاز إقليمي” من أبوظبي
في تقديرات الأجهزة السعودية:
أي تطبيع بدون دولة فلسطينية سيُفجّر غضبًا شعبيًا، ويهدد الأمن الداخلي، ويحوّل ولي العهد إلى نسخة جديدة من “السادات” في نظر المتطرفين والرافضين.
ولهذا جاء الرد السعودي واضحًا:
لا تطبيع تحت الضغط.
ولا توقيع قبل دولة فلسطينية.
ولا خضوع لابتزاز إماراتي أو أمريكي أو إسرائيلي.
السعودية ليست دولة تبحث عن دور…
بل دولة يراقبها ملياران من المسلمين، وكل خطوة لها تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى