قد تكون السعادة بين الأزواج ثم تتبدل، وقد لا يكون الرضى والقناعة ولكن أين الحل؟ قد يكون الندم على الزواج متغيب، كلا منهم يصارع باللوم على الطرف الاخر ولا يعرفون أن ذكريات ما قبل الزواج بأنواعها المختلفة وليست العاطفية فقط من أسباب غياب السعادة بين الأزواج هي الجمود العاطف والتخلي عن أشياء قد تؤدي الى انهيار بيت الزوجية.
كنت في لقاء في احدى سهراتي مع بعض الاصدقاء وسـألني شخص كيف أتخلص من ذكريات حبي الوفي الذي عرفته قبل الزواج ومازال في قلبي؟ فتعجبت كثيرا من هذا الحديث وسألته متى تزوجت؟ قال لي ببساطة منذ 15 عاما ولدي ثلاثة أبناء، قلت له تأخرت كثيرا مع الأسف كما يفعل البعض من الجنسين قبل التخلص من ذكريات حب سابق والتي يجب الخلاص منها قبل التفكير في الخطبة وليس في الزواج، فمن يحتفظ بذكريات حبه السابق يملأ بعضا من قلبه وعمره بمن لا يمكن التواصل معه، ويكون كمن يحمل شيئًا “لن” يستخدمه؛ ويرهقه بلا داعٍ “ويحرمه” من حمل ما يفيده..
شكت لي زوجة ممن أحبته قبل الزواج؛ فقد ابتعد عنها وتزوجت غيره ولم تنسه “وحرصت” أن تسمي أول أولادها باسمه؛ وعرف بذلك صدفة فتباهى بأنها ما زالت تحبه.
وللأمانة فهو “ليس” المخطئ الوحيد فقد تصرف بخسة؛ ولكنها أخطأت في حق نفسها وظلمت نفسها كثيرًا قبل أن تظلم زوجها، وكذلك فعل من احتفظ “بذكريات” حبه؛ لأنه يبني “جدارًا” نفسيًا وعاطفيًا بينه وبين شريك حياته؛ فلا يرى أي شيء جميل يقوله أو يفعله ودومًا يقارن بينه وبين الحب السابق، “ويختار” أن يجعل المقارنة ضد شريكه ويقلل من أي سعادة بحياته “ويقرر” رؤيتها شاحبة وباهتة ويتحسر ويؤذي نفسه بتوهم أنه لو تزوج الآخر لكان أسعد حالًا!!
الأسوأ التعامل بقسوة مع شريك الحياة -من الجنسين- عند أقل خطأ ولا يوجد بشر بلا أخطاء؛ يبرر القسوة لأنه لم يتزوجه بعد قصة حب!! والمؤلم أنه كان يتحمل الكثير ممن أحب!
يؤذي نفسه من يفعل ذلك مرتين؛ الأولى بتحمل زائد في الحب السابق، والأسوأ انتظار الخطأ من شريك حياته وتناسي أن الثاني هو “ألأحق” بالمرونة والتسامح -بعد التنبيه للخطأ حتى لا يكرره- وشريك حياته “الأولى” بالحب والود؛ وأنه “أخطأ” بتصديق المثل الشائع:”حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط”؛ فابتلاع الزلط يؤذي ويحرض الطرف الآخر على التمادي بالغلط وعندما “نعترض” يرى أننا نسلب منه حقه؛ وهو ليس مخطئًا فقد “اعتاده” حتى أصبح “حقًا” له.
يجهد انتظار الغلط من يفعله؛ فيعيش متحفزًا دائما وينهك نفسه “ويبالغ” برد فعله عند الخطأ وسيتلقى الرد المسيء من الشريك الذي سيرفض مبالغته ويراها “عدوانًا” وهو محق عندئذٍ.
يتحسر كثير من المتزوجين على “حياته” قبل الزواج والأنشطة والهوايات التي كان يمارسها؛ ويلقي باللوم على الزواج -وحده- والمؤكد أن بالإمكان ممارسة أكبر قدر ممكن منها بعد الزواج فلا أحد يمنح كل وقته لشريك حياته أو لأولاده ودائمًا توجد إمكانية ولو لساعة أسبوعيًا للهوايات.
يتألم البعض كيف كان ينفق على نفسه دون قلق قبل الزواج؛ وبدلا من الألم يمكن استقطاع جزءٍ بسيطٍ شهريًا لنفسه؛ ولن يؤثر ذلك بالسلب على الأسرة، وبادخاره يستطيع شراء ما يحبه ويذكر “نفسه”
بمزايا الزواج ولا يكدر نفسه بالعبء المادي فقط؛ “فيخسر” ويسيء التعامل مع أسرته وتتوتر علاقاته بهم.
يحزن غيرهم كيف لا يستطيع قضاء أوقاتٍ طويلة مع أصحابه دون توقع لوم الطرف الآخر خاصة حواء؛ وبإمكانه تحقيق التوازن بأن تكون أوقاته بالبيت لطيفة ويشجع زوجته على التنزه مع صديقاتها أو الذهاب لأهلها عند ذهابه لأصحابه.
تشكو زوجي أنها لا تستطيع تنمية طموحاتها بعد الزواج وبإمكانها فعل ذلك مع ترتيب أولوياتها وتأجيل بعضها حتى يكبر الأبناء تفرح بأمومتها ولا تعتبرها عبئًا؛ فتؤذي نفسها وتضايق أولادها.
يتضايق البعض من الجنسين عندما يتذكر الرشاقة والحرص على الأناقة قبل الزواج “وحالهم” بعده وبأيديهم استعادتها؛ ولو بعد حين.
لن يستطيع الزواج تغيير ما “يحرص” المتزوج على استمراره بحياته وكما يُقال عن حق ما لا يُدرك كله لا يُترك كله..
نحن “وحدنا” من نصنع سعادتنا أو تعاستنا قبل الزواج وبعده؛ فلنستعن بالرحمن دومًا ونفعل كل ما يمكننا فعله لإسعاد أنفسنا ومن نحب، ونفعله بوعي “وبتلطف” بالنفس ونوقف اللوم وجلد الذات على ما فقدناه؛ حتى لا نهدر طاقاتنا ونزرع الشعور بعدم الاستطاعة ومهم ألا نخبر أحدًا؛ فما أكثر المحبطين ومن لا يريدون تغيير حياتهم للأفضل “ويتلذذون” بإحباط غيرهم.
الزواج كالحياة وكالزرع؛ لن يعطينا “أفضل” مما زرعناه وحرصنا على الري المناسب فلا نتركه للجفاف ولا نغرقه بالري الزائد ونحرص على إزالة الحشائش الضارة منه أولا بأول؛ وهي بالزواج التفكير السلبي تجاه النفس ونحو شريك الزواج ومحو آثار التصرفات السيئة وتذكير النفس بمزايا الطرف الآخر ليس للاكتفاء بها، ولكن لتحسين الحياة “وزيادة” فرص الحصول على الأفضل منه؛ بعد تشجيعه بالكلمة الطيبة وبالتقدير والتصرف بلطف والابتعاد المحسوب وعدم حصاره بالاقتراب الزائد وطرد أي ذكريات “تسرق” فرص إسعاد النفس بالحاضر “وتقتل” النجاح بالمستقبل.