أزمة التعليم والتحكيم الملكي
نور الدين زافاش
منذ أكثر من عقد من الزمن، وأنا أحذر من القنابل الموقوتة التي دأب كبير كهنة المعبد “عبد الإلاه بنكيران” على زرعها في المجتمع والسياسة ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها مجال التربية والتعليم، حيث إنه بالغ في تهميش المدرسة العمومية، وأمعن في تجاهل حقوق الأساتذة إلى درجة أنه صرح بكل صفاقة
ودناءة: “من قال إن المكتسبات لا يمكن التراجع عنها ؟”
من الموضوعية أن نعترف أن شقا كبيرا مما تعيشه المدرسة العمومية اليوم من أوضاع مزرية، لا تتحمله حكومة أخنوش وحدها؛ إلا أن هذا لا يعفيها من المسؤولية؛ حيث إنها لم تبادر بإصلاح ما أفسدته الحكومتين السابقتين في قطاع التعليم، بل لم تف حتى بوعودها الانتخابية التي جاهرت بها أمام الشغيلة التعليمية وأمام العالم، مما عقد الوضع وأزم الملف الذي تراكمت مطالبه وتزاحمت مساعيه.
لقد حذرنا جلالة الملك حفظه الله ما من مرة من أن ننتخب أناسا غير وطنيين، أكبر همهم مصالحهم الضيقة ومشاريعهم الشخصية وها نحن نتجرع مرارة ما جنيناه بأيدينا ولم يحن به علينا أحد؛ ففي الوقت الذي تعاني فيه الساحة التعليمية من أزمة خانقة وغير مسبوقة، نجد رئيس الحكومة السيد أخنوش وبدون حسيب أو رقيب يفوز بصفقة بالمليارات مع أنه رئيس الجهاز التنفيذي، مما يؤجج مشاعر المواطنين ويوصل درجة الاحتقان إلى أعلى مستوياتها.
إن العالم بأكمله يحسدنا على الملكية التي توفر لنا قدرا معتبرا من الأمن والحرية والاستقرار، فهي الضامن الوحيد من خلال ما يخوله لها الدستور من صلاحيات لحل المشاكل حينما تتعقد، وللسير المرن للمؤسسات حينما تتعطل ويتعذر اشتغالها بشكل طبيعي، وهو المأزق الذي يبدو أننا أمامه بعد حوار الطرشان الذي قامت به الحكومة مع نفسها، حيث أنها نصبت نفسها الخصم والحكم في ذات الوقت.
إن القدر المهيب الذي يتحلى به جلالة الملك لدى عموم الشعب المغربي ولدى عموم الأساتذة
بالخصوص هو وحده القادر على الخروج من عنق الزجاجة، خصوصا وأن الشغيلة فقدت الثقة في
الحكومة بعدما غدرت بها هذه الأخيرة مرات عديدة؛ حتى لم يعد هناك من ضامن للاتفاقات والمعاهدات
بين الطرفين غير جلالته حفظه الله، وأبقاه ذخرا للمغرب والمغاربة.