دولي

أي مستقبل لعلاقات فرنسا مع الجزائر والمغرب في حال وصول التجمع الوطني المتطرف للحكم؟

الترقب سيد الموقف في عواصم دول شمال أفريقيا، خاصة في الجزائر والرباط، إزاء نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة التي تجري جولتها الثانية الأحد. فبينما يرجح محللون أن الرباط مستعدة للتعامل مع “أي مكون سياسي تفرزه هذه الانتخابات”، يرى آخرون أن الوضع مختلف في الجزائر بسبب الإرث السياسي والتاريخي الثقيل الذي يتقاسمه البلدان، في ملفي الذاكرة والحركى. فكيف سيغير وصول اليمين المتطرف للسلطة في فرنسا خريطة العلاقات مع البلدين المهمين لباريس؟ تحليل:

تتابع الدول المغاربية عن كثب مجريات الانتخابات التشريعية الفرنسية بحكم العلاقات التاريخية التي تربطها بفرنسا ووجود جالية مغاربية كبيرة في هذا البلد.

فيما خصص إعلام هذه الدول، وبشكل خاص الإعلام الجزائري والمغربي، مقالات متعددة حول تحديات الانتخابات التشريعية في فرنسا ومستقبل العلاقات مع باريس، مبرزا في غالبية الأحيان مخاوف وتداعيات وصول التجمع الوطني اليميني المتطرف إلى السلطة على جالية البلدين وعلى العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بلدان شمال أفريقيا وفرنسا.

اليمين المتطرف على أبواب السلطة في فرنسا: أي ردود فعل في الدول المغاربية؟.

كما تترقب أيضا هذه الدول نتائج الجولة الثانية لمعرفة ما إذا كان سيحصل اليمين المتطرف على الأغلبية الساحقة أم سيكتفي بحكومة مساكنة تكون للرئيس ماكرون كلمة يقولوها فيها.

وفي ظل هذه المتغيرات في السياسة الداخلية الفرنسية، تظهر العلاقة بين باريس والجزائر على أنها أكثر حساسية لأسباب تاريخية (فرنسا هي المستعمرة السابقة للجزائر) واجتماعية كون الجالية الجزائرية التي تعيش في فرنسا تعد من بين أكبر الجاليات عددا، إضافة إلى مشكلة “الذاكرة” التي لطالما عقدت العلاقة بين البلدين منذ استقلال الجزائر في 1962.

ترقب في الجزائر عما ستسفر عنه الجولة الثانية

ويرى الباحث إبراهيم أومنصور، مدير المرصد المغاربي في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس أن الوصول المحتمل لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الأسبوع القادم يقلق الدول المغاربية بسبب “الرسائل التي بدأ هذا الحزب يطلقها بخصوص مسألة الهجرة”.

وقال أومنصور في حوار مع فرانس24: “أمامنا سيناريوهان. إما أن يطبق التجمع الوطني برنامجه في مجال الهجرة ويقوم بترحيل المهاجرين غير الشرعيين بكثافة لإرضاء ناخبيه ويفكك اتفاقيات 1968 التي تربط الجزائر بفرنسا. وإما أن يختار عدم حلحلة هذا الملف باسم الواقعية السياسية ومبدأ الحفاظ على المصالح المشتركة”.

نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية “مثيرة للقلق”؟.

ويضيف أومنصور: ” في حال اختار التجمع الوطني تطبيق السيناريو الأول، فالجزائر سترد عبر اتخاذ إجراءات ضد فرنسا، على غرار تلك التي اتخذتها إزاء إسبانيا عندما اعترفت بمغربية الصحراء وذلك باستخدام ورقة الغاز ووقف شراء بعض المواد الأساسية كالقمح واللحوم والسيارات”.

وواصل:” إذا اختار التجمع الوطني السيناريو الثاني، أي عدم حلحلة ملف الهجرة، فستحاول الحكومة الجزائرية الحفاظ على العلاقة مع فرنسا لكنها ستراقب عن قرب تطور خطابات وسياسات اليمين المتطرف في نفس الوقت”.

هل سيحذو التجمع الوطني حذو حزب “إخوة إيطاليا” في علاقاته مع الدول المغاربية؟

وأشار نفس الباحث إلى أن الحكومة الجزائرية “لم تدلِ بأي بيان رسمي بخصوص نتائج الجولة الأولى لكنها تراقب تطور المشهد السياسي في فرنسا وكيف سينعكس على الجالية الجزائرية”.

وجدير بالذكر أن البلدين يتشاركان كثيرا من الملفات باعتبار أن فرنسا كانت المستعمرة السابقة للجزائر. وفي مقدمتها الملفات الاقتصادية والاستثمارية وملفي الذاكرة ووضع الحركى وتعامل الدولة الفرنسية مع أفراد الجالية الجزائرية التي يصل عددها إلى حوالي 4 مليون شخص.

وقارن إبراهيم أومنصور العلاقة التي نسجتها إيطاليا بزعامة رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني التي تترأس حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف مع تلك التي يمكن أن يبنيها التجمع الوطني مع الدول المغاربية.

وخلص بأن “روما لديها علاقة جيدة مع هذه الدول كونها لا تتدخل في شؤونها الداخلية ولا تنتقد وضع حقوق الإنسان فيها. وأن كل ما يهمها هي المصالح الاقتصادية”، مشيرا إلى أن “التجمع الوطني يمكن أن يحذو حذو سياسة جورجيا ميلوني في تعامله مع دول شمال أفريقيا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى