السلطة الرابعة
أخر الأخبار

مصر في قبضة إسرائيل… من ينقذها من حكم الوكيل؟

مصر في قبضة إسرائيل… من ينقذها من حكم الوكيل؟
لم تعد القضية مجرد علاقة دبلوماسية بين القاهرة وتل أبيب، بل تحولت مصر – في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي – إلى ركيزة أساسية في المشروع الإسرائيلي لإعادة تشكيل المنطقة. إسرائيل اليوم لا تخشى أي طرف عربي بقدر ما كانت تخشى مصر عبر تاريخها، فهي تعرف أن أي تهديد استراتيجي لوجودها لا يمكن أن يأتي إلا من مصر، الدولة التي تحمل ثقلًا بشريًا يفوق 120 مليون نسمة، وجيشًا هو الأكبر عربيًا، وجغرافيا تجعلها بوابة العرب.
لكن ما فعلته إسرائيل – عبر دعمها غير المباشر لنظام السيسي – كان أشبه بضربة قاضية: إفراغ مصر من دورها، وتحويلها من “قوة إقليمية قائدة” إلى مجرد تابع في المنظومة الأمريكية ـ الإسرائيلية.
حصار غزة… السيسي شريك في التجويع
غزة، التي كانت دائمًا ترى في مصر رئة للتنفس، أصبحت اليوم في قبضة الحصار المصري. معبر رفح، شريان الحياة، صار أداة ضغط بيد النظام المصري. إسرائيل تقصف وتقتل، ومصر تغلق وتحاصر. أي رسالة أبشع يمكن أن تُرسل للشعوب العربية من أن “أم الدنيا” تشارك في تجويع أهلها على حدودها؟
النيل… حرب الماء بأيدٍ إسرائيلية
النيل هو حياة مصر، وإسرائيل فهمت هذه الحقيقة مبكرًا. لذلك كانت اليد الخفية وراء مشروع سد النهضة الإثيوبي: تخطيط، تمويل، دعم لوجستي. الهدف واضح: تهديد الأمن المائي المصري وإخضاع القاهرة لابتزاز دائم. في عهد السيسي، صمتت مصر على ما يمس شريانها الوحيد، حتى بات العطش خطرًا حقيقيًا يهدد المصريين.
قناة السويس… من شريان عالمي إلى ورقة مساومة
إسرائيل لم تكتفِ بالضغط على مياه النيل، بل شرعت في مشاريع موازية مثل “قناة بن غوريون” لتهديد المكانة الاستراتيجية لقناة السويس. وبدل أن يعزز النظام المصري سيطرته على أهم مورد استراتيجي، تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بصفقة كانت بمثابة “هدية غير مباشرة” لإسرائيل، لتفتح لها الطريق لجعل مياه البحر الأحمر دولية تخضع لحساباتها الأمنية والعسكرية.
من القوة إلى التبعية
مصر، التي كانت ذات يوم قائدة للعالم العربي، وصاحبة الكلمة المسموعة في القضايا القومية والإسلامية، تحولت في عهد السيسي إلى وسيط هامشي بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية. السلاح المصري أصبح أمريكيًا، القرار السياسي مكبلًا بالقروض والديون، والاقتصاد مرهونًا لصناديق الخليج التي اشترت مؤسسات الدولة.
رجال الأعمال فروا، الاستثمارات الوطنية بيعت، والشركات الاستراتيجية صارت في قبضة الإمارات والسعودية، حلفاء إسرائيل القدماء منذ تأسيسها. كل ذلك جعل القرار السياسي المصري أسيرًا، لا يتحرك إلا في الاتجاه الذي يخدم واشنطن وتل أبيب.
الغاز… صفقة العار
كيف يمكن لدولة كانت ترفع شعار مواجهة إسرائيل أن تصبح زبونًا دائمًا لغازها؟ صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي إلى مصر، بقيمة 35 مليار دولار وتمتد حتى عام 2040، لم تكن مجرد اتفاق اقتصادي، بل إعلان تبعية كاملة: مصر تضع نفسها تحت رحمة تل أبيب، وتربط اقتصادها بعجلة الاحتلال.
مصر التي نعرفها… إلى أين؟
هكذا أصبحت مصر في عهد السيسي: دولة محاصِرة لا محرِّرة، تابعة لا قائدة، متلقية لا صانعة للقرار. إسرائيل لم تعد ترى في القاهرة خصمًا محتملًا، بل ضامنًا لأمنها. والمصريون، الذين ورثوا تاريخًا من المقاومة والكرامة، يجدون أنفسهم اليوم أسرى لرئيس تحول إلى وكيل للمشروع الصهيوني، يدير البلاد بما يخدم بقاء إسرائيل، لا بقاء مصر.
إنها لحظة فارقة: إما أن تستعيد مصر دورها التاريخي وعقيدتها الاستراتيجية، أو تظل رهينة في قبضة إسرائيل… حتى ينهض جيل يقرر كسر هذه القيود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى