أخباراقتصادالرئيسيةسياسة
أخر الأخبار

رئيس التحرير دكتور عزت الجمال يكتب – بوتين يتمدّد.. وترامب يصفّق! أوروبا على وشك السقوط وصفقة “الأرانب” تُباع بثمن الشرق الأوسط

في مشهد يعكس أخطر ما وصلت إليه التحالفات الدولية من هشاشة، تقف أوروبا اليوم على أبواب مواجهة مفتوحة مع روسيا، فيما الولايات المتحدة ـ أو بالأحرى إدارة ترامب ـ تتعامل وكأنها شاهد زور في جنازة حليف.
بينما يتحرّك الدب الروسي بخطوات ثابتة نحو البلطيق، يظهر “الأرنب المخادع” في البيت الأبيض ليعلن: “نحن نبحث عن السلام!”
أي سلام هذا؟! السلام الذي يُباع فيه الحلفاء، وتُشترى فيه الصفقات بالغاز والمعادن ومصير الشعوب؟


الخطة الروسية: من البلطيق إلى القطب.. والغرب يغطّ في سبات

الكرملين لا يُخبئ نواياه، بل ينفذها بخطة ثلاثية واضحة:

  1. السيطرة على دول البلطيق: إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، بهدف الهيمنة على الساحل الشرقي لبحر البلطيق وقطع الاتصال مع أوروبا.
  2. احتلال جزيرة غوتلاند السويدية: من يملك هذه الجزيرة يملك مفاتيح بحر البلطيق.
  3. الحرب الكبرى في القطب الشمالي: حيث المعادن والكنوز تحت الجليد، روسيا تتحرك، والغرب يتفرج، وأمريكا تساوم.

نشر صواريخ “إسكندر” على حدود بولندا والتحرّك نحو ممر “سوالكي” ليس من أجل المناورة، بل من أجل التنفيذ.


صفقة القرن… ولكن بين بوتين وترامب

ترامب لا يرى أوكرانيا سوى ورقة على طاولة التفاوض.
ودول البلطيق؟ مجرد أدوات ضغط.
التقارير تتحدث عن “صفقة غير معلنة” بين واشنطن وموسكو مفادها:

  • روسيا تأخذ ما تريد من أوكرانيا والبلطيق.
  • أمريكا تأخذ التهدئة في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل.

منذ متى كانت الولايات المتحدة مستعدة لبيع أوروبا بهذه السهولة؟
منذ دخل “الأرنب المخادع” البيت الأبيض، كل شيء بات ممكنًا!


دول البلطيق: الشعور بالخيانة

إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، التي كانت دائمًا من أوفى الحلفاء لأمريكا في الناتو، تستيقظ اليوم على واقع مرير:
غيابها عن الاجتماعات الدولية الكبرى، سحب القوات الأمريكية، وقف برامج المساعدات العسكرية.
كل ذلك تزامن مع تصعيد روسي مباشر نحو بولندا وتصريحات غامضة من ترامب عن “تفاهمات سلام”.
في صحف هذه الدول، الكلمة المتكررة كانت: “لقد خُنا!”


ممر زنغزور.. نار جديدة تشتعل في آسيا

وسط آسيا تشتعل هي الأخرى.
ممر “زنغزور” بين أرمينيا وأذربيجان قد يُشعل حربًا بين قوتين إقليميتين: تركيا وإيران.
تركيا تريد فتح الممر الجغرافي مع أذربيجان، وإيران تعتبر ذلك تهديدًا استراتيجيًا.
واشنطن تراقب بصمت، تخطط لحسابات أخرى، وربما لإدخال النزاع في خانة الضغط السياسي مقابل النفوذ، مع إبقاء إسرائيل رابحة من الفوضى.


المعركة الحقيقية: القطب الشمالي

بينما الأعين على كييف والجنود على حدود البلطيق، بوتين يخطط للمعركة الأخيرة في الشمال.
القطب الشمالي أصبح بوابة ثروات القرن الـ21: معادن نادرة، نفط، غاز، وممرات بحرية استراتيجية.
روسيا تتحرّك هناك، الصين تراقب، وأمريكا منشغلة بإخراج أوروبا من اللعبة.


ترامب.. الحياد الكاذب

من يراقب تصريحات ترامب، يظن أنه وسيط سلام.
لكنه في الحقيقة يُوزّع الأدوار بحسابات تجارية:

  • دعم مشروط لأوكرانيا.
  • انسحاب مفاجئ من البلطيق.
  • مساواة بين المعتدي والمعتدى عليه.

وبينما يبتسم للكاميرات، يبيع التحالفات حزمة واحدة… لصالح من؟ بالتأكيد ليس لصالح كييف أو فيلنيوس.


الشعوب… وقود اللعبة

كل ما يحدث في البلطيق وأوكرانيا وآسيا لا يدفع ثمنه بوتين أو ترامب.
الذي يدفع الثمن هو الجندي الأوكراني الذي يُدفن بلا اسم، والمواطن في إستونيا الذي يشعر أن أمريكا خذلته، واللاجئ الذي سيحمل حقيبته من أوروبا إلى المجهول، والأم السورية أو اللبنانية التي ترى إسرائيل تأخذ مكاسب من حرب لا تخوضها.
في النهاية، الشعوب تُستَخدم كأرقام في حسابات الصفقات.


الغرب.. حامي الديمقراطية أم شريك الجريمة؟

الغرب يتحدث عن القيم والحقوق ويصدر البيانات والشعارات، لكن الحقيقة مرّة:

  • من سكت على احتلال القرم؟ الغرب.
  • من تفرج على تدمير سوريا؟ الغرب.
  • من يساوي بين بوتين وزيلينسكي اليوم؟ ترامب.

الديمقراطية التي لا تُدافع عن أصحابها ليست ديمقراطية بل سلعة للمقايضة.


الخاتمة: ليست حرب روسيا وحدها… بل حرب القيم والضمائر

الذي يحدث اليوم اختبار عالمي:
ليس فقط لمن يملك الصواريخ، بل لمن يملك المبدأ والشجاعة.
من يبيع حليفه اليوم قد يبيع شعبه غدًا.
ومن يخذل أوروبا باسم “الصفقات” سيخذل العالم باسم “الاستقرار”.
فلا تصدقوا كل من يرفع شعار “السلام”، لأن السلام الذي يُشترى بالدم… مجرد مرحلة انتقالية قبل الانفجار القادم.

✍️ د. عزت الجمال
محلل سياسي – كاتب في الشؤون الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى