السلطة الرابعة

رئيس التحرير د. عزت الجمال يكتب: المغرب في مفترق الطرق…انتفاضة جيل زاد ودور الملكية في حماية الوطن من الفوضى

من شوارع المغرب المنسية، من الأزقة التي ضاعت فيها أحلام الفقراء، من صرخات الأمهات في أبواب المستشفيات، ومن العيون التي جفّت من الصبر… خرج جيلٌ جديد، لا ينتمي للأحزاب، ولا يخاف من السلطة، ولا يعبد الأصنام السياسية.
خرج ليقولها صريحة، دون رتوش، دون خوف:
“كفــى.”
كفى من التلاعب بمصير أمة. كفى من سرقة أحلام الشباب. كفى من حُكم نُخب تُجيد الاحتفال ولا تُجيد الحكم.
هذه ليست انتفاضة خبز، بل يقظة وعي.
ليست مجرد احتجاج… بل بداية مشروع دولة.
الشعب لم يخرج ليُسقط الملكية، بل ليُسقط من أساء إليها.
الشعب لم يخرج لتمزيق الراية، بل لاستعادة كرامتها.
الشعب لم يخرج ليسمع، بل ليُسمِع.

جيل زاد.. صوت الحاضر ومطلب المستقبل
الانتفاضة التي يشهدها المغرب اليوم ليست احتجاجًا عابرًا على غلاء الأسعار أو أزمة معيشية مؤقتة. إنها نقلة نوعية في الوعي السياسي لشباب لم يعد يقبل الخطابات التقليدية، ولا الشعارات الفارغة. هذا الجيل الجديد، جيل “زاد”، يتحدث لغة الدستور والقانون، مطالبًا بمحاربة الفساد، بمحاسبة المسؤولين، بجلسة علنية برئاسة الملك لمواجهة الأزمة، وبإقالة حكومة فشلت في أداء مهامها.
هذه الرسالة وصلت بوضوح، والكرة الآن في ملعب السلطة الرسمية. الشعب يسأل: هل سيستجيب الملك في خطابه المرتقب أمام البرلمان؟ أم ستبقى صمته مرآة لفشل الإصلاح؟
النظام المخزني: المافيا التي تهدد استقرار الوطن
الأوضاع المزرية في عدة قطاعات، من الصحة التي تحتل المغرب فيها مراتب متأخرة عالميًا، إلى التعليم الذي يعاني من عجز فاضح، تنم عن هشاشة الدولة ومؤسساتها. نظام المافيا المخزنية في المغرب يتعامل بلا رحمة مع المواطنين، وبقسوة مع المنتقدين، متخليًا عن أبسط قواعد الشرف والعدل، مستغلاً مؤسسات الدولة لصالح نخبة ضيقة، وسط غياب الرقابة والمحاسبة.
هذا الانحراف الأخلاقي والسياسي يهدد استقرار المغرب على المدى الطويل، ويعزز من هشاشة النسيج الاجتماعي.
الدور الخارجي: “شيطان العرب” محمد بن زايد في مرمى الانتفاضة
ما يزيد الأمور تعقيدًا هو التدخل الخارجي، وخاصة من دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة محمد بن زايد، الذي يعتبر الحراك المغربي مصدر قلق بالغ. فتحت ضغط الخوف من انتقال العدوى، لجأ النظام الإماراتي إلى دعم النظام المغربي عبر وسائل مختلفة، منها تحريك لوبيات إعلامية وسياسية في الغرب، ومحاولة تلميع الصورة الرسمية للمغرب على حساب صوت الشارع.
هذا الدعم الخارجي هدفه الأساسي حماية الملكية التقليدية في المغرب، وضمان استمرار السيطرة على البلاد، لكنه يشكل تحديًا حقيقيًا أمام مطالب الشباب والتغيير.

الملكية: الضمانة الوحيدة لوحدة المغرب
من طنجة إلى الكويرة، عبر الريف والصحراء والأمازيغ، تقف الملكية كركيزة أساسية لوحدة المغرب واستقراره. رغم الهشاشة والتحديات، تظل الملكية رمزًا للتماسك الوطني وأمانة في يد جيل جديد، بقيادة الملك محمد السادس وولي العهد مولاي الحسن.
الملك الذي يعاني من مرض خطير، إلا أنه بقي صمام أمان في هذه المرحلة الحرجة. ولي العهد الشاب، الذي يحمل آمال الشباب في التغيير والإصلاح، هو الأمل الحقيقي في فهم تطلعات الأجيال الجديدة.
نداء أخير إلى الملك محمد السادس
جلالة الملك محمد السادس، أبناء هذا الوطن الذين خرجوا إلى الشوارع، لم يخرجوا ضدك، بل لأجلك.
خرجوا لأنهم يؤمنون بأنك ما زلت القادر على تصحيح المسار.
خرجوا لأنهم يعرفون أن الملكية هي الضمانة الوحيدة لوحدة المغرب من طنجة إلى الكويرة، في وجه مشاريع التقسيم والفتنة.
لقد تحملت الكثير، وصبرت كثيرًا، ولكن آن الأوان أن تقود بنفسك معركة الإصلاح والمحاسبة.
الشعب يريدك أن تحمي هذا الوطن من الفساد كما حميته من الإرهاب والانفصال.
ولي العهد مولاي الحسن هو أمل الجيل الجديد. نراه فينا، ونرى أنفسنا فيه.
نثق أنكم معًا، يمكنكم قيادة إصلاح تاريخي يُدخل المغرب إلى مستقبل العدالة والكرامة، ويصنع مملكة الشعب، لا مملكة الخوف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى