دولي

الأمطار في نواكشوط.. قصة معاناة موسمية

لا شيء يقلق سكان نواكشوط حاليا أكثر من تساقط المطر، رغم الهوس الشديد بموسم الخريف الذي ينتاب شعب موريتانيا.
ومع اقتراب كل موسم خريف، تطفو على السطح من جديد، تساؤلات عن إنجاز صرف صحي، يصالح بين الأمطار وهذه المدينة الستينية.
إبراهيم ولد سيدي، صاحب محل تجاري في سوق الميناء في نواكشوط، لديه موعد مع الخسائر المادية كل عام، من جراء هطول الأمطار التي قد تتسبب في إغلاق محله لأيام.
ويجتاز إبراهيم المستنقعات الملوثة للوصول إلى دكانه، بعد الأمطار التي شهدتها نواكشوط الإثنين، في مشهد يحد من حركة الزبائن نظرا لصعوبة الوصول إلى بعض المحلات.
مع اقتراب موسم الخريف، حاصرت السيول عددا من المحلات التجارية وتعذر الوصول للمحل لمدة 4 أيام، حتى تدخلت البلدية التي لم تنجح في شفط كل المياه، نظرا لتمازجها بالنفايات والطين”.
“أنا الآن أبيع في ظروف صعبة، حيث الهواء الملوث من جراء المستنقعات، وتفاقم معاناتنا قلة إقبال المتسوقين”.
“أتمنى من السلطات أن تضع لنا خطة عاجلة للحد من هده المشكلة، فقد ضقنا منها ذرعا”.
“بنيت سدا صغيرا من الطوب أمام المحل لتصريف مياه الأمطار، حتى لا تضرر بضاعتي من جديد”.
أزمة نقل
وبعد كل تساقطات مطرية، تشهد العاصمة الموريتانية أزمة في النقل تستمر ساعات، ليطبع بذلك الاستياء وجوه مستعملي المواصلات العامة، على غرار الشاب زكرياء ولد ألخو.
ويقول زكرياء لموقع “سكاي نيوز عربية”:
“صعوبة التنقل بعد ساعات من الأمطار تضاهي معاناة نواكشوط من السيول”.
“أصل متأخرا بكثير إلى مقر عملي، كما أن أصحاب المواصلات يرفعون سعر تذكرة التنقل من 100 إلى 200 أوقية (نحو 5 دولارات)، وسط غياب تام من السلطات المعنية”.
“أنتظر لمدة ساعة بين المستنقعات بحثا عن سيارة أجرة تقلني إلى وجهتي، وحين أحصل عليها يستغل صاحبها الموقف ويرفع سعر التذكرة”.
“التعايش مع هذا الوضع أصبح صعبا ومجحفا”.
من جهة أخرى، يوضح مولود ولد همت، وهو سائق سيارة أجرة، أن “أصحاب السيارات هم الأكثر تضررا من السيول الناجمة عن الأمطار”.
ويقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تربة نواكشوط ممزوجة بالطين والملح، وحين تتهاطل عليها الأمطار يصبح مرور السيارات في بعض الأماكن مجازفة، لأن عمليات شفط المياه التي تقوم بها السلطات تقتصر فقط على الأحياء الراقية”.
ويضيف أن “سبب رفع سعر الأجرة يعود إلى تلوث السيارة بالطين والملح، ليصبح غسلها مرة في اليوم على الأقل إجباريا”.
ويشير في حديثه، إلى أن السائقين “يسددون أسعار الوقود من المواصلات، ولا يمكنهم أن يتحملوا تكلفة غسل السيارة إلا من خلال رفع الأجرة”.
أسر محاصرة
ولم تقتصر أضرار الأمطار على التجار والنقل فقط، فقد تجرعت بعض الأحياء مرارتها وحاصرت عددا من الأسر داخل منازلها، لتلجأ إلى بناء جسر من الطوب لفض الحصار.
وتعاني المنازل المحاصرة بالسيول انتشار البعوض وبعض الحشرات الأخرى.
ويعود استمرار معاناة نواكشوط مع الأمطار إلى غياب نظام لتصريف مياه الأمطار يغطي كافة أجزاء المدينة، بالإضافة إلى سياسة إيواء السكان وتوطينهم في مناطق منخفضة غير صالحة للسكن ومعرضة دائما للغمر والفيضانات، بحسب المستشار الفني للمدير العام للمكتب الوطني للصرف الصحي سيد أحمد باب الحمد.
ويقول باب الحمد لموقع “سكاي نيوز عربية”:
“هناك حزمة إجراءات اتخذتها الحكومة من أجل مواجهة خطر الفيضانات، تتمثل في تشكيل لجنة عليا وزارية لمواجهة الأزمات، بالإضافة إلى لجان فنية فرعية على مستوى كل ولاية لمتابعة الوضع والإنذار المبكر”.
“المكتب الوطني للصرف الصحي يستنفر كل وسائله ويعبئ كافة موارده بدعم من الحكومة ببداية كل موسم أمطار، تحسبا لأي طارئ”.
“على مستوى نواكشوط، نهيئ شبكة تصريف مياه الأمطار وننظفها، وعلى مستوى المناطق المصنفة أكثر تعرضا لخطر الفيضانات نرسل عددا من الصهاريج والمضخات، وفرقا للمرابطة خلال الموسم، على غرار مدن روصو وآلاك، بالإضافة إلى كيهيدي”.
“إنجاز صرف صحي متكامل في نواكشوط يتطلب تعبئة موارد مالية معتبرة تناهز 400 مليون دولار، واكتتاب شركات عالمية تمتلك الخبرة والقدرة الفنية لإنجاز مثل هذه المشاريع”.
ومع أول تساقطات مطرية شهدتها نواكشوط خلال الموسم الجاري، قال وزير المياه والصرف الصحي إسماعيل ولد عبد الفتاح إن الأمطار “مكنت من تحديد النواقص والمشاكل المطروحة، من أجل التغلب عليها في المستقبل القريب”.
وذكر الوزير أن “القطاع سيعمل على حل المشاكل المرتبطة بمياه الأمطار والحفاظ على صحة المواطنين، من خلال القضاء على المستنقعات بشكل كامل ومحاربة البعوض”، مؤكدا أن “الوسائل المادية والبشرية متوفرة لذلك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى