صحة

المكملات الغذائية تسبب فوضى صحية في الأردن

أدى الإقبال الفوضوي على تناول المكملات الغذائية في الأردن ودون ضوابط إلى حوادث خطيرة، أدخلت أردنيين للمستشفيات بسبب حدوث تسمم أو مضاعفات صحية.
فلم تكن حادثة تسمم طفل في مدينة المفرق شمال البلاد بجرعة من فيتامين (د) الأخيرة في سلسلة حوادث مشابهة، وسط مطالبات لضبط سوق المكملات التي تباع من دون وصفة طبية، وعلى قارعة الطريق أحياناً.

ولا توجد أرقام دقيقة حول سوق المكملات الغذائية والفيتامينات، لكن ثمة تقديرات تشير إلى أن كمية الواردات تبلغ قيمتها 112 مليون دولار سنوياً.

طرود بريدية

ومع انتشار التسوق الإلكتروني وإقبال الأردنيين على الطرود البريدية، يلاحظ محمد الذي يعمل منذ سنوات وسيطاً لأحد المواقع العالمية لبيع المنتجات الصحية والمكملات الغذائية، زيادة لافتة في عدد الطلبات التي تصله بشأن بعض المكملات وبكميات كبيرة، بخاصة تلك التي يندر تواجدها في الصيدليات.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي تنشط مئات الإعلانات التي تروج لبيع هذه المكملات باعتبارها تمثل خلاصاً لأمراض العصر وحلاً طبيعياً وبديلاً للأدوية.

يقول محمد “في الوقت الحالي المكملات الأكثر طلباً ومبيعاً هي “فيتامين د3″ و” أوميغا 3″، إضافة إلى قائمة من المركبات التي تصنف ضمن مكملات الطاقة ومحاربة التجاعيد والتقدم في السن، التي تصل إلى الزبائن عبر طرود بريدية.

وتطالب نقابة تجار المواد الغذائية بتشديد الرقابة على هذه المكملات الغذائية التي تدخل المملكة بواسطة الطرود البريدية على اعتبار أنها لا تخضع لأي رقابة من الجهات الصحية، بخلاف تلك التي تستورد مباشرة إلى السوق المحلية وتحصل على شهادات صحية دورية لضمان سلامة وصحة مستهلكيها.

علاج في كبسولة

تقول وسيطة تجارية أخرى لبيع بعض المكملات الغذائية الأميركية الصنع، إن الإقبال شديد على نوع محدد يزعم صانعوه احتواءه على 46 نوعاً من الفيتامينات، لافتة إلى أن النساء والفتيات هن الأكثر إقبالاً من الرجال.

لكن يبدو أن التحذيرات التي يطلقها أطباء ومتخصصون من أضرار الإفراط ببعض هذه المكملات يلقى صدى لدى الأردنيين، إذ يتلقى أطباء شكاوى من مكمل صحي مخصص لمن هم فوق الـ 40 سنة من الرجال والنساء، بعدما تسبب لهم بآثار جانبية بعضها خطير.

ويعتقد مراقبون أن الأردنيين أفرطوا كثيراً بتناول المكملات والفيتامينات خلال جائحة كورونا بطريقة عشوائية سعياً لتعزيز مناعتهم في مواجهة المرض القاتل.

أكثر هذه المكملات تناولاً كانت الزنك وفيتامينات “د” و”سي”، وأغلبها دون استشارة طبيب أو مراعاة الحالة الصحية لمتناوليها، فضلاً عن الجهل بأوقات وطريقة تناولها والجرعات الصحيحة.

وهو ما دفع أخصائي العمود الفقري والمفاصل وسيم صالح إلى التحذير من إفراط الأردنيين في استخدام المكملات الغذائية بخاصة فيتامين “د” و”ب 12″ لفترة طويلة تزيد على عام ومن دون فحوصات مسبقة، ما يؤدي لحالات تسمم شهدها بنفسه لدى مراجعيه.

التسمم الفيتاميني

وتوضح متخصصة الرعاية الصيدلانية والصحية حنين عبيدات أن جسم الإنسان يحتاج إلى فيتامينات عديدة تضمن صحته وتقوي جهاز المناعة.
من خلال المواد الغذائية أو كان لديه نقص حاد فيها فإنه يلجأ للفيتامينات التي تكون على شكل مكملات غذائية، ولكن وفق جرعات صحيحة وبفترة زمنية معينة”، لافتة إلى أن الإفراط في تناول بعض الفيتامينات يؤدي إلى ما يسمى بـ “التسمم الفيتاميني”.

وتشير عبيدات إلى صنفين من الفيتامينات أولها الذائبة في الماء وتطرح خارج الجسم عن طريق البول منها فيتامين “ب12” الذي تؤدي زيادة نسبته في الجسم إلى ضعف وتعب عام، وكذلك خلل في التركيز وعدم وضوح الرؤية وتنميل الأطراف، وأخرى ذائبة في الدهون منها فيتامين “أ” الذي تؤدي زيادة نسبته في الجسم إلى حدوث خلل في الجهاز العصبي وتلف في الكلى وهشاشة العظام، فضلاً عن فيتامين “د” الذي تؤدي زيادة نسبته في الجسم إلى ارتفاع نسبة الكالسيوم في الدم وزيادة ضربات القلب والجفاف.

وتدعو عبيدات للتأكد من الحالة الصحية للمريض قبل إعطائه بعض الفيتامينات لأنها قد تتعارض مع حالات مرضية أو أدوية معينة.

هدر مالي

تؤكد طبيبة الأسرة منى عدنان أن معظم من يشترون المكملات الغذائية يقومون بذلك دون استشارة الأطباء أو المتخصصين ومن دون توجيه طبي سليم، أو يتناولون أنواعاً غير مناسبة لاحتياجاتهم وبجرعات زائدة.

وأضافت عدنان أنها من الممكن أن تؤثر في التوازن الغذائي الصحي وزيادة الوزن بسبب احتواء بعضها على سعرات حرارية عالية، فضلاً عن الهدر المالي بدلاً من توجيه هذه المصاريف إلى شراء أغذية طبيعية وصحية.

بينما تتحدث أخصائية التغذية أمل حداد عن سلبيات بعض المكملات التي يقبل عليها أردنيون لأسباب عديدة من بينها زيادة القدرة العضلية أو التركيز.

لا تنصح حداد بهذه المكملات لأن بعضها يسبب مشكلات صحية، منها الفشل الكلوي وتراكم السموم في الكبد، وقد يتسبب زيادتها بأعراض جانبية كارتفاع ضغط الدم والعجز الجنسي، بسبب عدم اللجوء لشخص متخصص كالطبيب أو خبير التغذية.

أما أخصائية التغذية ربى مشربش فتتحدث عن انتشار المكملات بشكل كبير بحيث أصبحت بديلاً للغذاء لدى البعض، في حين أن دورها هو تعزيز عملية الغذاء وتكميله وليس الاعتماد عليها فقط.

وتضيف مشربش “بعض الأشخاص بحاجة ضرورية للمكملات بخاصة من لديه مشكلة تمنعه من تناول الغذاء، أو وجود نقص حاد لديه بفيتامين محدد، لكن ثمة تضارب أحياناً في تناول بعض المكملات مجتمعة كالزنك والكالسيوم والحديد.

وتنصح مشربش الأهالي بالتركيز على غذاء أطفالهم بدلاً من اللجوء إلى المكملات في محاولة منهم لتعزيز صحتهم.

ضبط وإتلاف

تشير مؤسسة الغذاء والدواء إلى ضبطها سوق المكملات ومصادرة تلك التي تتسبب بأضرار، أو التي تروج لادعاءات طبية غير صحيحة، إذ قامت في الأشهر الأخيرة بإلغاء تداول مكملات عدة ادعى مروجوها على وسائل التواصل الاجتماعي أنها تعالج الضعف الجنسي والتهاب البروستاتا والتحكم بنسبة السكر في الدم ومستوى الكوليسترول الطبيعي.

وضبطت المؤسسة العام الماضي 12 طناً من المكملات الغذائية والفيتامينات منتهية الصلاحية بما فيها أنواع مخصصة للأطفال.

وتدعو المؤسسة المواطنين في كثير من نشراتها التوعوية إلى مراجعتها قبل شراء أي منتج، والتعامل مع مؤسسات صحية موثوقة ومرخصة.

بينما تخصص دائرة الجمارك “دوريات إلكترونية” على شبكات التواصل الاجتماعي لضبط عمليات التجارة الإلكترونية غير المرخصة وتحديداً المكملات الغذائية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى