دولي

بفضل هذا الرجل…ظهرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر

هنري دونانت سافر لكل من الجزائر وتونس وصقلية وأصيب بصدمة عقب معركة سولفرينو سنة 1859 بسبب العدد الكبير للضحايا
يصنف الصليب الأحمر ضمن قائمة أكثر المنظمات الإنسانية فاعلية في العالم. فعبر شبكات منتشرة بمختلف أنحاء العالم، تقدم هذه المنظمة العديد من الخدمات الإنسانية والمساعدات لضحايا الكوارث الطبيعية والحروب والأزمات الصحية. وبفضل جهودها التي قدمتها في مساعدة الجرحى والمرضى زمن الحرب، نالت هذه المنظمة عام 1917 جائزة نوبل للسلام.
إلى ذلك، يعود تاريخ ظهور هذه المنظمة لعام 1863. فبفضل الجهود الجبّارة التي قام بها المستثمر السويسري هنري دونانت (Henry Dunant) عرفت هذه المنظمة النور بهدف تقديم خدمات إنسانية متعددة للمحتاجين
رحلة نحو الجزائر وتونس وصقلية
خلال العام 1953، زار رجل الأعمال السويسري هنري دونانت كلا من الجزائر وتونس وصقلية أثناء قيامه بمهمة تجارية خاصة مع مؤسسة جنيف لمستعمرات سطيف. وعقب هذه السفرة التجارية الناجحة، ألهمت هذه المناطق الشمال إفريقية هذا المستثمر السويسري. وبالفترة التالية، ألّف هنري دونانت كتابا، نشر عام 1858، حمل عنوان مذكرة عن إيالة تونس.
وخلال العام 1856، أنشأ هنري دونانت مؤسسة مختصة في الاستثمار بالمستعمرات الأجنبية. ومع حصوله على قسم من الأراضي بالجزائر، أنشأ الأخير مؤسسة أخرى اختصت في مجال زراعة الذرة والتجارة. وبسبب عدم تعاون السلطات الاستعمارية معه، راسل هذا المستثمر السويسري شخصيا الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث الذي تواجد بتلك الفترة بلومبارديا الإيطالية أثناء فترة الحرب التي جمعت بين كل فرنسا وسردينيا من جهة والإمبراطورية النمساوية من جهة ثانية. وأملا في الحصول على مبتغاه، قرر هنري دونانت السفر نحو مقر إقامة نابليون الثالث بسولفرينو (Solferino)، بشمال إيطاليا، للقائه شخصيا.
منظمة إنسانية وجائزة نوبل للسلام
يوم 24 ونيو 1859، تابع هنري دونانت وقائع معركة سولفرينو التي وضعت القوات الفرنسية وقوات سردينيا في مواجهة الجيوش النمساوية. ومع نهاية المعركة، أصيب هنري دونانت بصدمة حيث تابع الأخير عن كثب سقوط ما يزيد عن 30 ألف شخص بين قتيل وجريح. وفي الأثناء، ترك المصابون على أرض المعركة دون أية مساعدة في انتظار الموت.
وعلى عين المكان، باشر هنري دونانت بتنظيم عمليات الإنقاذ بمساعدة عدد من السكان المحليين. وقد أقدم الأخير حينها على تحويل إحدى الكنائس لمستشفى ميداني نقل إليه المئات من المصابين. وبشكل سريع، أدرك دونانت استحالة إنقاذ جميع المصابين بسبب النقص الفادح في المختصين بالمجال الصحي وافتقاره للأدوية والضمادات الكافية.
ومع عودته لوطنه، أصيب هنري دونانت بحالة من الاكتئاب حيث لم تفارق صور المصابين بمعركة سولفرينو ذهنه. وفي الأثناء، لقيت الحركة النبيلة التي قام بها لمساعدة الجرحى رواجا كبيرا بأوروبا. وبفضل ذلك، كرّم ملك سردينيا فكتور إيمانويل الثاني (Victor Emmanuel II) هنري دونانت عام 1860.
سنة 1862، نشر هنري دونانت كتابا حمل عنوان ذكريات من سولفرينو. وبهذا الكتاب، الذي لقي رواجا كبيرا، تحدث دونانت عن فكرة بعث منظمة إنسانية محايدة، لا دخل لها بالنزاعات، لمساعدة الجنود والمدنيين المصابين مهما كانت جنسياتهم.
مثلت فكرة دونانت نواة منظمة الصليب الأحمر. وبالفترة التالية، ناقشت العديد من المنظمات السويسرية هذه الفكرة واتجهت بالسنوات التالية لإعلان ظهور اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي اعتمدت علما أبيض تواجد بداخله صليب أحمر. وقد جاءت هذه الفكرة حينها عن طريق قلب ألوان العلم والصليب بالعلم السويسري. وبحلول العام 1864، وقعت نحو 12 دولة على معاهدة جنيف التي دعت لمعاملة الجنود المصابين على ساحات المعارك معاملة إنسانية.
خلال السنوات التالية، عرف هنري دونانت أزمة مالية خانقة أجبرته على الاستقالة من الصليب الأحمر بحلول سنة 1867. وبفضل دوره في بعث هذه المنظمة الإنسانية، نال هنري دونانت عام 1901 أول جائزة نوبل للسلام بالتاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى