السلطة الرابعة

رئيس التحرير الدكتور عزت الجمال يكتب: نتنياهو على حافة الانهيار: حرب غزة تكشف الوجه الحقيقي للقيادة الإسرائيلية “إسرائيل ونتنياهو: فساد السلطة وحرب لا تنتهي”

ترامب وتجار الموت: يدٌ في دماء غزة وأخرى تخنق أوروبا
الإمبراطورية الكاذبة… كيف تحوّلت أمريكا إلى شريك في الإبادة
نتنياهو مجرم الحرب: إسرائيل على شفير الانهيار ودماء غزة ثمن السلطة
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس مجرد سياسي، بل هو محرك الأزمة الكبرى في الشرق الأوسط اليوم. كل الدماء المسالة في غزة، كل الرهائن المحتجزين، وكل التصعيد العسكري والسياسي يرتبط مباشرة برغبته في الهروب من المحاكمة والسجن بسبب قضايا الفساد والتقصير التي تلاحقه.
نتنياهو حول الحرب إلى أداة للحفاظ على السلطة الشخصية والبقاء في كرسي الحكم، حتى لو كلف ذلك آلاف الأرواح ودفن أي فرصة للسلام. تصرفاته تكشف أن قراراته لا تُتخذ لصالح إسرائيل أو الشعب، بل لخدمة مصالحه الخاصة، وإخفاء ملفات الفساد، وتأجيل العقوبة التي تنتظره.
غزة: المواجهة الكبرى
في يوم واحد، استطاع حزب حماس أن يقتل 1200 إسرائيلي ويختطف 251 آخرين، رقم يعادل ربع الخسائر الإسرائيلية في حرب كاملة مع العرب عام 1948، ونصف ما قتله المصريون والسوريون في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. هذه الصدمة الهائلة تعكس حجم الفوضى التي يعيشها الكيان الإسرائيلي اليوم، وتكشف مدى هشاشة السياسات الإسرائيلية أمام قوة المقاومة الفلسطينية في غزة.
إسرائيل تواجه معضلة استراتيجية حقيقية: حماس تحتجز رهائنها، ونظريًا كان نتنياهو يستطيع عقد صفقة لتحريرهم وإعلان وقف الحرب، مع ضمانات محددة. لكن هذه الخطوة كانت ستكلفه فقدان الأغلبية في الكنيست وربما حريته الشخصية، في ظل قضايا الفساد والتقصير التي تلاحقه، وهنا يظهر الانقسام بين المصلحة الوطنية والإصرار على السلطة الشخصية، وهو ما يجعل الحرب الحالية خيارًا أكثر أمانًا له سياسيًا.
أهداف اليمين المتطرف الإسرائيلي

من منظور اليمين المتطرف الإسرائيلي، هناك هدفان استراتيجيان رئيسيان:
تصحيح الخطأ التاريخي لبن غوريون عام 1948، الذي أوقف الحرب مبكرًا وترك حوالي 2 مليون عربي يعيشون الآن داخل إسرائيل كمواطنين، إضافة إلى 5.5 ملايين فلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة. بالنسبة لهم، كان يجب تهجير كل العرب من أرض “الله الموعودة” للشعب اليهودي المختار.
تصحيح خطأ معسكر السلام الإسرائيلي الذي رفع شعار “الأرض مقابل السلام”. في العقلية المتشددة، الأمن مقابل الأمن، والسلام مقابل السلام، وليس التنازل عن أراضٍ محتلة بالدم. كما صرح نتنياهو في حوار مسرب: الأرض التي تحتلها إسرائيل لن تُعاد أبداً.
اليوم، يرى بعض اليهود المتشددين أن أفضل وقت لتحقيق الهدف الأكبر لإسرائيل هو الآن: السيطرة على “أرض إسرائيل” من نهر الفرات في العراق إلى نهر النيل في مصر، استنادًا إلى تفسيراتهم التوراتية المزيفة. هذه الرؤية مدعومة بقوة من اليمين الأصولي المسيحي في أمريكا، المعروف بالصهيونية المسيحية، الذي يرى أن عودة اليهود إلى أرض فلسطين وقيام دولتهم شرط أساسي لعودة المسيح. الدعم المالي والسياسي والعسكري الهائل يجعل العلاقة بين إسرائيل وأمريكا عضوية وكأنهما كيان واحد، ويمنح إسرائيل قدرة هائلة على مواجهة أي تحالفات عربية أو إسلامية.
الأصولية الإسلامية والمقاومة
أما الأصولية المسلمة، سواء في حماس أو إيران، فتعتبر أن الصراع مع إسرائيل وأمريكا صراع ديني على أرض إسلامية يجب تحريرها بالكامل. الطريق لتحقيق هذا الهدف هو الجهاد المسلح ضد قوى الاستكبار والاستعمار الصهيو-مسيحي. الشيعة يرون أنفسهم مدافعين عن الإسلام ومقدساته بلا حدود، مستعدين للتضحية بالنفس حتى النهاية، كما فعل الإمام الحسين في كربلاء، فيما يرى السُنّة أن تحرير فلسطين واجب ديني ووطني.
نتنياهو مجرم حرب
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجرم حرب بلا جدال، وكل سياساته العدوانية تهدف للحفاظ على كرسيه الشخصي لا أكثر. لكنه لن ينجح في خططه الطويلة الأمد، لأن نهاية إسرائيل ليست بعيدة، حتى مع محاولات التطبيع المفروض على الدول العربية لضمان استقرار حكامها. لا يمكن لأي ظلم أو فساد أن يستمر بلا حدود، والحقائق التاريخية والضغط الشعبي الإقليمي والدولي ستفضح المخططات الإسرائيلية عاجلاً أم آجلاً، وستبقى المقاومة حاضرة حتى تحقيق العدالة ونهاية الاحتلال.
الإضراب العام والقلق الشعبي في إسرائيل
اليوم، تشهد إسرائيل إضرابًا عامًا غير مسبوق، حيث يرفض المواطنون الحرب المستمرة ويعبرون عن قلقهم العميق تجاه سياسات نتنياهو العدوانية. هذا الإضراب ليس مجرد احتجاج عابر، بل صرخة شعبية تحذر من الانحدار نحو الفوضى، ويعكس استياءً واسعًا من استغلال الحرب لأهداف شخصية وحزبية.
العمال، المعلمون، والموظفون في مختلف القطاعات يرفضون أن يتحملوا ثمن طموحات نتنياهو الجشعة، بينما تستمر الحكومة في شن العمليات العسكرية بلا استراتيجية واضحة، محولة المدنيين إلى رهائن بين مطرقة السلطة وسندان الحرب. هذه التحركات الشعبية تشير إلى أن المجتمع الإسرائيلي بدأ يكتشف الحقيقة المرة: الحرب ليست دفاعًا عن الدولة أو الأمن، بل أداة للحفاظ على كرسي رئيس الوزراء ومصالحه الشخصية، وهو ما قد يضع إسرائيل على طريق أزمة داخلية عميقة قد تهدد استقرارها مستقبلاً.
المسيح والعدالة الإلهية

السؤال العميق هنا: من سيكون المسيح عند عودته؟ هل سيكون نصير الطغاة والمستبدين، القتلة الذين يفسقون في الأرض ويمارسون العنف والاضطهاد؟ أم سيكون ناصر الفقراء والمستضعفين والمظلومين؟ المسيح الحقيقي، كما يعرفه كل مؤمن، سيكون مدافعًا عن المساكين، طاردًا للظالمين، ومقيمًا لملكوت الله على الأرض، لا سندًا للطغاة والمستبدين.
الشعوب العربية والثورة ضد الخيانة
الواقع الصادم أن الشعوب العربية اليوم كلها ثائرة، غاضبة من الظلم والاحتلال ومن الحكام الذين باعوا الأرض والشرف من أجل البقاء في السلطة. لو لم يكن هناك خونة في الصفوف العربية يحميون مصالح إسرائيل ويكبتون إرادة شعوبهم، لما استمرت إسرائيل في فرض احتلالها ولما استطاعت التمدد والسيطرة.
هذه الثورة الشعبية تعكس إرادة الشعوب في مواجهة الظلم والفساد والخيانة، وهي الشرارة الحقيقية التي يمكن أن تغيّر معادلات القوة في المنطقة. التاريخ سيذكر أن الحق لا يموت، وأن الشعوب الحرة لن تبقى صامتة أمام الظلم، مهما طالت السنوات أو تعقدت المؤامرات.
في النهاية، كل ما يحدث اليوم في غزة، كل الصراعات الإقليمية والدينية، وكل التهديدات العالمية، مرتبطة بشكل مباشر برئيس وزراء يسعى لحماية مصالحه الشخصية قبل أي اعتبار للأمن أو للإنسانية. نتنياهو صنع من السياسة أداة للبقاء، ومن الحرب ستارًا لإخفاء ملفات الفساد، بينما يدفع الشعب الفلسطيني، الإسرائيلي، وحتى المنطقة بأكملها، ثمن طموحاته الجشعة.
العالم يقف على شفير حرب شاملة ومتعددة الجبهات، والصراعات الدينية والسياسية ستستمر طالما أن الأهداف الشخصية تتقدم على القانون والأخلاق. في هذا المشهد الدامي، تبقى الحقيقة واضحة: السلطة المطلقة بلا ضمير تتحول إلى كارثة إنسانية، والمستضعفون وحدهم من يدفعون الثمن باهظًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى