أولى القطرات تبعث البهجة في نفوس الفلاحين
مع تساقط أولى قطرات الغيث، نهاية الأسبوع الماضي ومستهل هذا الأسبوع، انتعشت الأراضي الفلاحية في مناطق وأقاليم عديدة بالمملكة، معلنة في الأوساط الفلاحية المغربية تباشيرَ موسم فلاحي يأمل المزارعون أن يكون مختلفا عن سابقه.
ومن المعلوم في القطاع الفلاحي أن التساقطات المطرية في الفترة الممتدة من شهرَي شتنبر وأكتوبر وحتى حدود نونبر تظل حاسمة في ضمان انطلاقة موسم فلاحي ناجح ووفير الإنتاج؛ حسب إفادات بعض الفاعلين المحليين في القطاع ببعض الجهات.
محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كان قد أبرز، في عرض قدمه خلال اجتماع للمجلس الحكومي منتصف شتنبر الجاري، أن “مجموعة من التدابير اُتخذت من أجل توفير ظروف حسنة لانطلاق الموسم الفلاحي 2022-2023”.
وفي هذا الصدد، أورد المسؤول الحكومي ذاته أرقاما دالة ومعبّرة، إذ تمت تعبئة 1,1 مليون قنطار من البذور المختارة للحبوب الرئيسية الثلاث، (القمح اللين، القمح الصلب، والشعير)؛ في حين ستُوفر جميع الحاجيات من بذور الشمندر (حوالي 70 ألف وحدة من البذور أحادية النبتة.
انتعاش الحركة الفلاحية
عبدو بلبصير، المدير الجهوي للمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بجهة فاس-مكناس، أكد “انتعاش الحركية الفلاحية بمختلف الجهات، لاسيما المناطق التي تعتمد بالأساس زراعات خريفية وبورية وكذا في المناطق والمدارات السقوية”، موردا مثالا على ذلك إقليمَي بولمان وصفرو.
ونقَل بلبصير، في تصريح له ، ما لمسه لدى فلّاحي المنطقة من “استبشار وبهجة بهطول أمطار الخير طيلة الأسبوع الماضي في مناطق فلاحية كانت متعطشة لمثل هذه التساقطات”، مشيرا إلى أن “برنامج الحبوب الخريفية يتوقع أن يغطي 626 ألف هكتار بجميع أقاليم جهة فاس مكناس”، والتي تعد فلاحية بامتياز.
وشدد المتحدث على “أهمية هذه التساقطات الأولى في كل موسم، باعتبارها حاسمة جدا في تحريك الدورة الفلاحية بالمغرب وإطلاق عمليات الحرث والزرع”. وزاد: “إنها أمطار تُبشر بالخير كما تساهم في توفير الغطاء النباتي وإنعاش المراعي، خاصة بعد موسم جفاف قاس ترك ندوبه في مختلف فروع أنشطة القطاع الفلاحي”.
“الأمل معلّق على جود السماء”
من جهته، سار عمر أوزياد، الفاعل الفلاحي والجمعوي بجهة بني ملال خنيفرة، في اتجاه تأكيد انتعاشة المجالات الفلاحية بجهته، ذاكرا بالضبط “إقليم أزيلال ذي الطابع الجبلي المعتمد على الزراعات الخريفية البورية”، قبل أن يصف الوضع الحالي قائلا: “كل الأمل معلّق على جود السماء”.
وأكد أوزياد، في حديث له ، أن الجهة عرفت تساقطات مطرية وصفها بـ”المهمّة للأرض كما الساكنة القروية”، ثم أضاف: “كان لها الأثر البالغ في بعث فرحة كبيرة في نفوس الفلاحين ومربي المواشي الذين يُمنّون النفس بموسم فلاحي يعوض الجفاف الذي عانوا منه خلال السنة الماضية”.
كما نقل الفاعل المحلي، ضمن إفادته، “مطالب الفلاحين الصغار بضرورة تحسيسهم ومرافقتهم وتوعيتهم وتكوينهم”، لافتا إلى حاجتهم إلى “التواصل وتخفيض أسعار الأسمدة والحبوب ذات الجودة”، وختم بلفت الانتباه إلى “ضرورة ترشيد المياه بعدما وصلت مياه سد بين الويدان إلى مستوى متر”.
تقريب الخدمات من الفلاحين
وعن دور مكاتب الاستشارة الفلاحية، أكد بلبصير أنها ترافق وتواكب جهود الفلاحين؛ من خلال “توفير التأطير لهم والاستشارة عبر 28 مركزا لتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها وكذا بالحبوب المختارة والجيدة مع بيعها لهم بثمن محدد من طرف الدولة”، مشيرا إلى أن “أغلب الفلاحين واعون بأهمية الحرث المبكر في تحسين مردودية وجودة الإنتاج”.
كما أبرز المدير الجهوي لمكتب الاستشارة الفلاحية بفاس مكناس أن هذا الأخير يلعب دورا محوريا في “تقريب مختلف الخدمات من الفلاحين بجميع أصنافهم”، موضحا: “نحُثهم بتنسيق مع مصالح التأمين الفلاحي (تعاضدية MAMDA) على الانخراط في التأمين ضد المخاطر المناخية، كما نشجعهم على أخذ قروض تساعدهم على تحمل مصاريف بداية الموسم”، وخلص إلى أن “المنظومة تضم فاعلين وممثلين عن المديريات الفلاحية والقرض الفلاحي وسوناكوس”.
إجراءات مواكبة
يشار إلى أن الوزير الوصي على القطاع الفلاحي كان قد أكد، في عرضه أمام الحكومة، أنه يجري العمل قصد “تزويد السوق الوطني بحوالي 500 ألف طن من الأسمدة الفوسفاطية (أسمدة العمق)، مع الحفاظ على مستويات الأثمنة نفسها المسجلة خلال الموسم الفارط”؛ لافتا إلى أنه “تمت برمجة توسيع المساحات المؤمَّنة بحوالي 200 ألف هكتار، تنزيلا لمقتضيات ‘إستراتيجية الجيل الأخضر’ التي تستهدف بلوغ 2,5 ملايين هكتار من المساحات المؤمنة بحلول 2030”.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته أنه سيتم خلال هذا الموسم تأمين 1,2 مليون هكتار من الحبوب والقطاني والزراعات الزيتية، و50 ألف هكتار من الأشجار المثمرة. كما تتعبأ كل مصالح الوزارة المعنية على الصعيد الوطني لمواكبة الفلاحين ومواصلة تنزيل مشاريع إستراتيجية الجيل الأخضر.