بوعياش تدعو إلى مراجعة تكلفة استعمال الماء لأغراض غير شخصية
دعت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السلطات المغربية إلى إعادة النظر في كيفية تدبير الثروة المائية والتدخل من أجل ضبط استعمال الماء، محذرة من التهديد الذي يشكله الإجهاد المائي غير المسبوق الذي وصل إليه المغرب على الأمن المجتمعي في البلاد.
وقالت بوعياش، في افتتاح أولى حلقات “سلسلة أكورا حقوق الإنسان” لمناقشة فعلية قضايا الحقوق والحريات التي ينظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، “إن من واجب السلطات العمومية العمل على ضبط تدبير هذا المورد الطبيعي الثمين، وبشكل متساو، للاستهلاك الشخصي، وتقييد الإجراءات ومراجعة التكلفة بالنسبة للاستهلاك غير الشخصي”.
وحذرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان من أن يؤدي توالي موجات الجفاف، التي يرزح المغرب تحت وطأتها للسنة الثالثة على التوالي، إلى “تعميق الإجهاد المائي وخفض موارد البلاد من الماء، لتنحدر إلى مستويات غير مسبوقة، تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي، وكذا الأمن الغذائي للمواطنين المغاربة”.
ويهدف المجلس من فتح النقاش حول موضوع “الحق في الماء شرط أساسي للتمتع بحقوق الإنسان”، بمشاركة خبراء متخصصين، إلى المساهمة في النقاش العمومي حول الإجهاد المائي “باعتباره مصدر تهديد لحقوق الإنسان بشكل عام، وللحق في الماء بشكل خاص”.
وكانت الحكومة قد أعلنت، شهر يوليوز الماضي، حالة طوارئ مائية اتخذت إثرها مجموعة من الإجراءات الرامية إلى التوقف عن تبذير الماء حفاظا على الموارد المائية؛ غير أن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتبرت أن الوضعية الراهنة المتسمة بالنقص الكبير في الموارد المائية تقتضي “أن نتساءل عن مدى كيفية تقليص، على الأقل، وباستعجال الإفراط في تبذير الموارد المائية والدي يزيد من إجهاد مائي”.
وأضافت أن الحق في حصول كل فرد على الماء، بشكل كافٍ ومأمون ومقبول، يعتبر شرطا أساسيا للتمتع بحقوق الإنسان، مع الحفاظ على الموارد المائية كحق من حقوق الجيل الحالي والأجيال المقبلة، لافتة إلى أن العوامل البشرية “يمكن أن نتحكم في تصرفها بالموارد الطبيعية غير المتجددة”.
وسجلت بوعياش أنه “لا يمكن، في السياق الوطني الحالي، وبالنظر إلى ما تبينه الأرقام عن تطور استهلاك الموارد المائية، أن ننفي أن العوامل البشرية عمقت بدورها الإجهاد المائي، واستنفدت الجزء الأكبر من مواردنا المائية، وخصوصا الجوفية منها”.
وسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على لسان رئيسته، ارتياحه لاستمرار تزويد المواطنين بالماء إلى اليوم، رغم لجوء بعض المدن إلى اعتماد إجراءات لتخفيض الصبيب، وقطع التزود بالماء لساعات؛ وهو السيناريو الذي اعتبرت بوعياش أنه “يبقى واردا بالنسبة للعديد من المدن المغربية”، كما نوّهت بالقرار الأخير للحكومة باستثناء الدعم العمومي لبعض الزراعات.
بالمقابل أشارت بوعياش إلى أن العالم القروي يعاني من ضعف في التزود بالماء، حيث لا يتم تزويد كل البيوت بهذه المادة الحيوية، إذ يعتمد بعضها على مياه الآبار، والتي بدورها تعرف انخفاضا في مخزوناتها، لافتة إلى أن نقص الماء في الفضاء القروي “يؤدي إلى موجات هجرة قروية عرفها المغرب في العقود الماضية، والتي عانت من التهميش وعدم توفر البنيات والمرافق الاجتماعية، لتستوعب الأعداد المتزايدة للملتحقين بالحواضر”.
ونبهت إلى أن “الهجرة التي تسببها الظواهر المناخية، وخصوصا تعاقب سنوات الجفاف وقلة الماء سواء للاستعمال المنزلي أو للسقي بالنسبة للمزارعين الصغار الذين تعد الفلاحة مصدرهم الوحيد والأوحد للدخل، تفرز انتهاك حقوق الفئات الهشة؛ وعلى رأسها الحق في السكن، والحق في الغداء وفي الصحة والتعليم. وتكون هذه الوضعية قابلة لتمتد لانتهاك حقوق رئيسية أخرى”.