دولي

اعتقال زعيم المعارضة عثمان سونكو ملهم الشباب وخصم النظام في السنغال

رئيس تحرير اليوم السابع المغربية

عثمان سونكو، سياسي سنغالي معارض من مواليد عام 1974، تدعمه الأجيال الشابة والأوساط المهمشة، اشتهر بشعار محاربة الفساد ومواجهة اختلاس الأموال العامة، وبعد حصوله على المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية عام 2019 خطف الأضواء وتصدر المشهد السياسي.

المولد والنشأة
ولد عثمان سونكو في 15 يوليو/تموز 1974 بمدينة تييس على بعد 72 كيلومترا شرق العاصمة دكار، وقد أمضى سنوات من طفولته في منطقة سيبيكوتاني (45 كيلومترا شرق العاصمة دكار)، حيث كان والده موظفا في بعض الدوائر الحكومية.

وبعد ذلك انتقل إلى منطقة كازامانس ونشأ فيها وتربى على وقع تعدد القوميات ومعايشة التمرد والخلافات.

الدراسة والتكوين
تلقى سونكو بدايات تعليمه في مدارس مختلفة قبل أن يستقر في كازامانس ويحصل فيها على شهادة الثانوية العامة عام 1993.

وبعد ذلك انتقل لجامعة “غاستون بيرغر” في “سان لويس” وتخرج منها بشهادة المتريز (درجة جامعية تعني دراسة 4 سنوات بعد الثانوية العامة) في القانون العام 1999.

وفي السنة ذاتها شارك في مسابقة دخول المدرسة الوطنية للإدارة، وأحرز المرتبة الأولى وطنيا، وتخرج منها عام 2001 بوظيفة مفتش في المالية والضرائب.

وعام 2003 حصل على شهادة الدراسات المعمقة في المالية العامة والضرائب من جامعة الشيخ “أنتا جوب” في مدينة دكار، كما نال فيها أيضا الماجستير في الإدارة العامة والمالية من المعهد العالي للمالية.

ويتابع التحضير لشهادة الدكتوراه في القانون الاقتصادي والضرائب من جامعة “جان مولان ليون 3” في فرنسا.

التجربة السياسية
في مرحلة مبكرة من عمره وعندما كان طالبا في جامعة “غاستون بيرغر” انخرط في العمل النقابي والسياسي، حيث كان نشطا وفاعلا في جمعية التلاميذ والطلاب المسلمين في السنغال.

ورغم أن “سونكو” ينحدر من الأطراف المهمشة اجتماعيا وجغرافيا، وليست له صلات أو نفوذ بالنظام السياسي السنغالي، فقد استطاع بحيويته ونضاله حجز مكان في مربع السياسة وقلب الأحداث وهو ما يزال في مرحلة الشباب.

وقد بدأ اهتمامه بالشأن العام يتجسد على أرض الواقع حينما أنشأ اتحادا مستقلا للوكلاء الضريبيين عام 2005، وهي الهيئة التي كشف عن طريقها الكثير من التجاوزات المالية وسوء التسيير في الإدارة العمومية في السنغال.

تأسيس حزب “باستيف”
بعد سنوات من العمل في الإدارة العمومية وتأسيس نقابة للوكلاء الضريبيين والماليين وتسليط الضوء على الفساد المالي على مستوى الضرائب وتنفيذ الميزانية، أسس حزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف اختصارا بـ”باستيف”.

جمع الحزب الكثير من الكفاءات الشابة التي تعمل في الوظيفة العمومية وفي القطاع الخاص، وضم في هيئاته القيادية وجوها لم تكن معروفة بممارسة السياسة، كما أصبح في فترة وجيزة قبلة للشباب والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا يتبنى الحزب نمطا من الأيديولوجيات التقليدية كالليبرالية والاشتراكية والشيوعية، وإنما يركز على إيمانه بالحريات العامة والفردية.

ويحاول سونكو تمييز حزبه عن التشكيلات السياسية التقليدية في السنغال بالتركيز على الشباب والقرب من الفئات الهشة والضعيفة.

المواجهة مع النظام
وبعد تأسيسه لحزب باستيف وتركيز خطابه على فساد الحكومة في القضايا المالية، وانتقاد البرلمانيين ووصفهم بالفشل والجهل في قضايا التسيير المالي، أصبح خصما للسلطة ومحرجا لرموز النظام، فقرر الرئيس ماكي صال تجريده من الوظيفة بموجب المرسوم الرئاسي رقم “2016-1239” بتهمة انتهاك حق التحفظ.

وفور تجريده من الوظيفة قرر خوض الانتخابات التشريعية على رأس لائحة حزبه فدخل البرلمان خلال انتخابات 2017.

وفي 16 سبتمبر/أيلول 2018 تقدم بملف ترشحه لانتخابات الرئاسة 2019، وخاض السباق وحل ثالثا خلف الرئيس ماكي صال والسياسي إدريس سك بنسبة 15.67% من أصوات الناخبين السنغاليين.

وعمليا، فقد أصبح سونكو زعيما للمعارضة بعدما تم تعيين إدريس سك رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وصار جزءا من النظام الحاكم.

ويوم 3 مارس/آذار 2021 مَثل سونكو أمام المحكمة في العاصمة دكار بتهمة الاغتصاب بعد أن تقدمت عاملة في أحد صالونات التدليك الصحي بشكوى ضده، لكنه رفض كل التهم الموجهة له واعتبرها كيدية هدفها تشويه سمعته والنيل من مكانته.

وتزامنا مع محاكمته خرجت مظاهرات حاشدة في دكار وبعض المدن السنغالية يقودها أنصاره وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى.

وعلى وقع الاحتجاجات الشعبية والوساطات التي قادها شيوخ الطريقة المريدية واتحاد الدعاة والأئمة في السنغال تم إخلاء سبيله، لكن منع من المشاركة في الانتخابات التشريعية في يوليو/تموز 2022.

ويرتبط زعيم باستيف بعلاقات قوية مع الشيخ سرين مباكي (أحد شيوخ الطريقة المريدية) وكذلك اتحاد الأئمة والدعاة وجماعة عباد الرحمن، كما يسجل حضوره في حلقات المساجد، ويتبنى خطابا دينيا ويجمع من حوله عددا من الشباب المتدين.

الموقف من فرنسا
يرى سونكو أن فرنسا هي الناهب الأول للثروات الأفريقية، وتنظر للسنغال نظرة دونية، ويطالب بعلاقات ندية مبنية على الشراكة المربحة للجميع.

وفي مقابلات إعلامية متعددة، قال إنه لا يتبنى موقفا عدائيا ضد فرنسا لكنه يطالب بشراكة مثمرة وعلاقات تحترم الخصوصية الأفريقية، كما طالب بالمزيد من السيادة الاقتصادية والنقدية، وتعهد في الانتخابات بالخروج من الدائرة الاقتصادية لمنطقة الفرنك الأفريقي.

الطموح للرئاسة في 2024
وبعد حصوله على المرتبة الثالثة في انتخابات 2019، بدأ مبكرا في التهيئة لانتخابات 2024 التي أعلن مشاركته فيها، وهو من أبرز الشخصيات المدعومة من طرف تحالف “أنقذوا الشعب” (يوي أسكاي وي) الذي يضم شخصيات من المعارضة مثل عمدة دكار السابق خليفة صال.

واتهم سونكو الرئيس السنغالي ماكي صال بالسعي لتغيير الدستور من أجل ولاية رئاسية ثالثة.

الوظائف والمسؤوليات
بدأ سونكو مساره المهني في مركز خدمات ضرائب في ضواحي مدينة دكار عام 2001. وبعد ذلك عمل مدققا ماليا بالإدارة العامة للضرائب ومسؤولا عن قسم العقارات منذ سنة 2004 وتدرج في عدة مناصب داخلية حتى أصبح مفتشا رئيسيا.

وفي نفس الإدارة تولى الإشراف على صياغة مدونة الأخلاقيات في إدارة الرقابة الداخلية.

وفي أبريل/نيسان 2005، أسس الاتحاد المستقل لوكلاء الضرائب وشغل منصب أمينه العام حتى يونيو/حزيران 2012.

وإثر انتخابات يوليو/تموز 2017 انتخب نائبا في الجمعية الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى