رئيس التحرير عزت الجمال يوجه رسالة إلى الملك محمد السادس: متى تدق ساعة الحساب لمحاربة الفساد والمفسدين بالمغرب؟
لازال سرطان الفساد بالمغرب يستشري وبقوة، وينخر جسد المجتمع المغربي، خاصة منه الطبقة المغلوبة على أمرها، فحتى الاتفاقيات الأممية لم تتمكن من الحد من آفاته، و فشلت الإجراءات و الهيئات الوطنية من تقليل آثاره، وهو ما يشكل خطرا على النمو الطبيعي للاقتصاد الوطني، ويساهم في شل نمو وتيرة التنمية بالبلاد التي يصبو إليها عاهل البلاد.
ويتوزع الفساد بالمغرب بين ماهو مالي وما هو سياسي وغيره من أنواع الفساد، الذي كان آخره قضية “إسكوبار الصحراء” الذي كان بطليه رئيس جهة الشرق عبد النبي بعيوي، ورئيس فريق الوداد البيضاوي سعيد الناصري، وأشخاص كثيرون قدموا للعدالة بتهم ثقيلة على رأسها المخدرات، أشخاص كونوا “عصابات” بل وأكثر “مافيات”، نتجت عن ضعف المراقبة والتفتيش، وأطلقت يد الفاسدين في المال العام تفعل ما تشاء دون حسيب ولا رقيب.
آخر هذه الخرجات هي التي طفت على السطح مؤخرا، والمتعلقة بحلول عناصر تابعة للمفتشية العامة لوزارة الداخلية، بمقاطعة طنجة المدينة، للتحقيق في ملفات تتعلق بالتعمير، وسط تساؤلات محيرة يتداولها سكان المدينة حول الأسباب التي تجعل والي طنجة، يونس التازي، يغمض العين على فضيحة عقارية جديدة للعمدة منير ليموري، الذي منح مؤخرا رخصة أحادية لعمارة مخالفة لقوانين البناء، زد على ذلك التعيين الأخير لمحاسن بن بركة مديرة للوكالة الحضرية لطنجة، وهو ما اعتبره العديد من المتتبعين تعيينا على “المقاس”، هذا فضلا عن مدن كبرى استشرى فيها الفساد مثل مراكش والداخلة وغيرها من المدن المغربية، مما بات يطرح العديد من علامات الاستفهام حول من يحمي هؤلاء المفسدين؟ هل يحميهم القانون، أم جهات نافذة؟ أم وزارة الداخلية؟ أم من؟.
فالفساد يقوض المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ التنمية الاقتصادية ويساهم في انعدام الاستقرار الحكومي، كما يهاجم الفساد أسس المؤسسات الديمقراطية من خلال تشويه العمليات الانتخابية، وتحريف سيادة القانون، وخلق مستنقعات بيروقراطية قائمة علي طلب الرشاوي فقط.
وقد توقفت التنمية الاقتصادية بسبب تثبيط الاستثمار الأجنبي المباشر وكما تجد الشركات الصغيرة انه من المستحيل التغلب على “تكاليف البدء” المطلوبة بسبب الفساد.
الشعب المغربي اليوم لم تعد له ثقة حتى في المعارضة، لأنها لم تأتي بجديد يذكر، في الوقت الذي كان من المفروض أن تعمل على ترسيخ واستمرارية المسار الديمقراطي، وتجويد العمل الحكومي، حتى إن العديد من المتتبعين يرون أن المعارضة بحد ذاتها تعيش تشتتا وانقساما، ولا تتوفر على حتى على الأدوات والقنوات والآليات التي ستمكنها من الحضور أكثر في المشهد السياسي والإعلامي، فكيف لها أن تساهم في الحد من استشراء الفساد؟.،.المعارضة اليوم خذلت الشعب، لكن الشعب لايثق إلا في ملكه محمد السادس نصره الله، لأنه يشكل الحبل السري لكل المغاربة المجندين حول جلالته.
ضف على هذا وذاك، التعيينات والتنقيلات التي لاتتم إلا بالمال أو المقايضة، إن صح التعبير، والتي ينطبق على بعضها المثل الشعبي المغربي “باك صاحبي وصاني عليك”، فضلا وللأسف الشديد، ولادة بعض المرتزقة ممن ينسبون أنفسهم ل”صاحبة الجلالة”، ويساهمون بأقلامهم المدفوعة الأجر في تحريف الحقيقة عن مسارها، يكتبون ولايكتبون إلا ما تبتغيه السلطة.
نعتقد أن مكافحة الرشوة والفساد غير مرض في المغرب حيث ان هناك انفصال بين التشريع وتفعيل القوانيين التي تسن علي ارض الواقع اي التنفيذ لا يواكب التشريع فاءن الرشوة تأتي علي راس قائمه أشكال الفساد الاكثر انتشارًا في المغرب ويجب ضرورة تكثيف التوعيه حول الفساد بجميع انواعه فاءن المغرب لم يستطع تحسين رتبته او تنقيطه. في موشر الفساد خلال العشرين سنه بكاملها ولم يتحسن سوء بنقطه واحد
ومع أن الطابع التشريعي يطفي علي توجهات السياسات العموميه فالمغرب لا يواكب الاجراءات اللازمه للتفعيل من اجل تحقيق الاهداف لانه لا يوجد التقاء بين الفعلين، بل هناك عمل قطاعي وغير مبني على البرمجة، وتحديد الأولويات، وهذا راجع لضعف الحوكمة ومستوي التنسيق.
إن السؤال الذي بات يطرح نفسه بإلحاح في الآونة الأخيرة، هو دور الاستعلامات العامة في التقارير التي يتم إنجازها بخصوص العديد من الشخصيات الذي تتبوأ مناصب عليا وحساسة بالدولة، والتي يدخل ضمنها الأمناء العامون للأحزاب، ومصادر ثوراتهم، في ظل الفساد المالي و الاقتصادي التي أصبحت فضائحه لا تعد ولا تحصى، في دولة المؤسسات للأسف، سواء في العمليات الانتخابية، أو في الصفقات العمومية، أو في المحسوبية والزبونية، أو في سوء التسيير والتدبير، في غياب الشفافية والتحايل على التصريح بالممتلكات قبل وبعد تحمل مسؤولية إدارة الشأن العام، لدرجة يمكننا القول معها أن الفساد في المغرب لا ينام، خاصة وأن الاستراتيجية التي تنهجها الدولة في مواجهة هذه الظاهرة لم تستطع الحد من استفحالها.
مع ذلك، لازلنا نحلم بالقضاء على الفساد، وبمحاربة المفسدين لجعل القانون سيدا لا يسمو فوقه أحد، فكفاكم أيها السادة…كفاكم، فنحن نعيش في كنف دولة العالم كله أعينه عليها…دولة تصنف من ضمن الدول الأكثر أمنا وأمانا…
وهي رسالة منا إن لم يقرأها ملك البلاد، فبكل تأكيد أن هناك مستشارين شرفاء، نرفع لهم القبعة، لأن إنجازاتهم كبيرة ومهمة…
وعلى الأمل في بزوغ مغرب جديد بدون فساد ولا مفسدين…مغرب التنمية والإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، نستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه.