دولي

القمة العربية في زمن التطبيع

رئيس تحرير اليوم السابع

يعيش العالم العربي اليوم فترة من أصعب وأسوأ فترات تاريخه الحديث والقديم ولا أدري ماذا سيحكي التاريخ عن هذه الفترة وسط كل الشواهد والأحداث أبحث عن مؤسسة عريقة تسمى جامعة الدول العربية، ابحث عن القمة العربية ومواقفها التاريخية في الأحداث الكبرىن ابحث عن زعماء عرب صالوا وجالوا في أرجاء هذة الجامعة حين كانت للعرب شعوبا وحكاما مواقف تاريخية اهتزت بها أركان العالمن ابحث عن الجامعة العربية ودورها الغائب تماما أمام سلسلة من الكوراث تحيط بنا من كل جانب.

آن هذا الغياب لم يكن نتجه أحداث قربية فقط ولكنه كان تاريخا من الهزائم والانكسارات، لن ننسى مواقف الانظمة العربية من الاحتلال الأمريكي للعراق وكيف ترك العالم العربي بغداد تسقط أمام جحافل الغزو الامريكي، ان موقف العالم العربي من جرائم أمريكا في العراق سيظل وصمة عار في جبين هذه الامة.

أمام حالة الضعف والهوان التي اجتاحت شعوب هذه الامة بعد سقوط بغداد كانت بداية الانهيارات فكانت كارثة الحرب الاهلية في سوريا وانقسم الشعب السوري على نفسه ودمرت الحرب أكبر المدن والآثار التاريخية وهرب الملايين من أبناء الشعب السوري الى البلاد شرقا وغربا وفتحت الحرب الاهلية أبواب التدخلات الاجنبية ودخلت قوات أمريكا وروسيا وإيران وفرنسا وتركيا، وجدت اسرائيل فرصتها لضم الجولان رسميًا بدعم من أمريكا ،وصمت عربي ما زالت قوات الدول الأجنبية تعسكر في قواعدها في المدن السوريهغ وتسأل أين الجامعة العربية ولا تجد أحد.

حين جاء الدور على أطماع تركيا اقتحمت حدود العراق واستولت على جزء من أراضيه، ثم دخلت سوريا ولم تكتفي تركيا بأطماعها ثم دخلت ليبيا، من كان يصدق ان يواجه العالم العربي كل هذه التحديات والأطماع وهو يعيش أكثر الفترات في تاريخه ثراءا وجيوشا وقوة، لقد انهارت الجيوش وضاعت الثروات وبدأت رحلة التراجع والتهميش والانقسامات ومن هنا بدأت دول العالم تتجه نحو الغنائم، كانت اسرائيل أكبر الفائزين حين قدم لها الرئيس ترامب القدس هدية رأس العام واكتفى العالم العربي بالصمت المريب حتى الشعوب نسيت مواقفها القديمة في الرفض والتظاهر.

ان صمت العالم العربي على ضياع القدس واحدة كبرى من جرائم العصر في حق الشعوب وسوف يظل عار يطارد العرب.

ان اسرائيل لن تستطع ابتلاع العالم العربي ولكن أي أنواع السيطرة سوف تنجح فيه، إن حالة الانقسام التي تعانيها الشعوب العربية هي التي شجعت إسرائيل على هذا الاقتحام ولكن عقلاء آلامه لن يفرطوا في مسئولياتهم وسوف تبقى قضية التطبيع مرتبطة بحقوق الشعب الفلسطيني، وإذا كان البعض قد باعها وفرط فيها فإن هناك دماء طاهرة لن تغيب عن ذاكرة الشعوب وإن هوجه التطبيع التي احتاجت العواصم العربية الآن والوفود التي تتفق في عروس التطبيع تثير الكثير من المخاوف والظنون وسوء النوايا.

ان إسرائيل تجد أمامها فرصة تاريخية أمام حالة الضعف التي يعيشها العالم العربي ان تدخل هذه البلاد على بسط الريح ، تتابعت الاحداث والعالم العربي وحرب روسيا واكرانيا والصين ومشكلة تايوان وغيرها ولكن وجد أن العالم العربي يفقد كل يوم شيئا من دوره وقدراته وثرواته وشعوبه وارضه في سنوات قليلة انهارت دول وتهدمت مدن واستقرارها ويعيد لها أصحابها ومن يعيد بناء ما خربت الحروب وما تركت أيدي الدمار.

اخر مابقي لهذة الامة المنكوبة هي الان انقسامات الشعوب على بعضها ويكفي ان تشاهد معارك الاعلام ومواقع التواصل غير الانساني وما يجري من الصفقات حول اخر ما بقي لهذا الامة من القدرات.

ان معركه التطبيع الآن هي اخر المعارك بين العرب واسرائيل، إن إسرائيل الآن تكتفي بالعمل والإنجاز والعرب لا يملكون غير الصراخ، لقد كان غياب جامعة الدول العربية عن قضايا وأزمات الشعوب العربية من أخطر الجوانب السلبية فيما جرى من أحداث فإن دورها قد غاب تماما في ما حدث في ليبيا واليمن وسوريا والعراق وحتى في كارثة لبنان كان دور فرنسا أكبر وأهم من كل الدول العربية.

إن معركه التطبيع مع إسرائيل وفتح العواصم العربية أمام الصفقات والمعاهدات الجديدة سوف يزيد من جراح شعوبنا خاصة ان هناك أطرافا تسعى لأن تحتكر المواقف وتفرض على الشعوب العربية واقعا جديدا لا أحد يعرف موقف الجامعة العربية في كل ماحدث في الفترة الاخيرة خاصًة أن هناك شعبا تسلب حقوقه وأرضه أمام صمت عربي مهين.

إني أخشي ما أخشاه أن ينتهي الصراع العربي الاسرائيلي إلى صراع عربي عربي تحت رعاية جامعة الدول العربية، وأصبح الآن من الضروري أن تتكشف كل الأوراق، إما الصفقات السرية والتنازل عن حقوق الغير فالقضية يجب أن تكون للجامعة العربية موقف واضح فيها اذا كانت الجامعة قد غاب دورها في كل القضايا والكوارث التي حلت بالشعوب العربية طوال السنوات الماضية فإن القضية الفلسطينية اخر ما بقي للجامعة لكي تؤكد دورها خاصة أنها لم تتحرك أمام واقع سياسي جديد يفرض نفسه تحت دعاوي السلام والتطبيع ابتداءا بقضية القدس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى