دولي

لماذا تعود إسرائيل لاغتيال مقاومي الضفة من الجو؟

تعكس العودة إلى الاغتيالات من الجو والاستعانة بطائرات مسيّرة لتصفية المقاومين الفلسطينيين مخاوف إسرائيل من تنفيذ اجتياحات برية، ويأتي ذلك تفاديا لاحتكاك جنودها مع النشطاء الفلسطينيين في الميدان.

القدس المحتلة- أعادت تعليمات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي بشأن استهداف نشطاء فلسطينيين في الضفة الغربية عبر هجمات من الجو إلى الأذهان الاغتيالات التي نفذها الاحتلال بطائرات حربية للمقاومين خلال الانتفاضة الثانية (2000-2005)، في مسعاه لإخمادها ووقف العمليات الاستشهادية.

وتأتي هذه التعليمات بعد سنوات طويلة من توقف اغتيالات المقاومين بالطائرات والقذائف المدفعية في الضفة التي أدت إلى استشهاد المئات منهم خلال سنوات الانتفاضة، ومنهم عدد كبير من المقاومين في مخيم جنين، لكنها استخدمت على نطاق واسع خلال الحملات العسكرية المتكررة على قطاع غزة.

تعبير عن فشل
غير أن القرار الجديد باستئنافها يعدّه مراقبون تعبيرا عن فشل إسرائيلي في مواجهة حالة المقاومة المسلحة المتصاعدة في منطقتي نابلس وجنين (شمالي الضفة الغربية)، وعدم نجاعة الحملة العسكرية التي أطلق عليها “كاسر الأمواج”، واعتقل خلالها المئات من الفلسطينيين وقتل العشرات منهم.

وأتت هذه الحملة ردا على سلسلة عمليات خلال الربيع بدأها الفدائي رعد حازم من مخيم جنين وأدت إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 10 منهم في هجوم مسلح بشارع “ديزنغوف” (وسط تل أبيب). وكانت الحملة بديلة عن شن اجتياح عسكري لمناطق شمال الضفة، على غرار عملية “السور الواقي” في مارس/آذار 2002.

ووفقا للمحللين العسكريين الإسرائيليين، فإن العودة إلى الاغتيالات من الجو والاستعانة بطائرات مسيّرة هجومية تعكسان مخاوف إسرائيل من تنفيذ اجتياح بري، ولتفادي اندلاع انتفاضة ثالثة وتفكك السلطة الفلسطينية.

وترى المؤسسة الإسرائيلية أن استخدام الضربات الجوية وسيلة للاغتيالات، ولتجنب احتكاك جنودها مع الفلسطينيين في الميدان. ووفقا للتقديرات الأمنية الإسرائيلية فإن هذا يأتي لمنع تعرض حياة جنود الاحتلال للخطر، في ظل اشتداد المقاومة المسلحة واتساعها وتطورها، والخوف من خسائر فادحة في صفوفهم.

وفي ما يلي أبرز عمليات الاستهداف والاغتيالات التي نفذها الاحتلال بواسطة طائرات حربية في الضفة الغربية خلال انتفاضة القدس والأقصى:

الجمالان
وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي الشيخان جمال منصور وجمال سليم من مدينة نابلس -وهما قياديان بارزان في الجناح السياسي لحركة حماس بالضفة الغربية- على رأس القادة الفلسطينيين المطلوب اغتيالهم.

وفي 31 يوليو/تموز 2001، وأثناء لقاء جمعهما في مكتب إعلامي تابع للحركة وسط نابلس، حلّقت طائرة حربية من طراز أباتشي ووجهت صواريخها إلى المكتب، فاستشهد “الجمالان” كما باتا يعرفان، و6 آخرون، بينهم صبيان في العاشرة من عمرهما.

محمود أبو هنود
محمود أبو هنود شولي، وهو من بلدة عصيرة الشمالية قضاء نابلس، تولى منصب قائد “كتائب الشهيد عز الدين القسام” -الجناح العسكري لحماس- في المنطقة، وأدرجته إسرائيل على قائمة المطلوبين للتصفية، بتهمة تجنيد الاستشهاديين وخطط للعديد من العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال.

فجر 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، قامت مروحية هجومية للاحتلال بإطلاق 5 صواريخ على سيارته قرب نابلس، مما أدى إلى استشهاده مع اثنين من مرافقيه، هما أيمن حشايكة وشقيقه مأمون حشايكة.

رائد الكرمي
كردّ على عملية اغتيال الاحتلال القيادي في حركة فتح بطولكرم ثابت ثابت؛ قام رائد الكرمي -الذي شغل منصب القائد العام لكتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية (الذراع العسكرية لحركة فتح) بقتل مستوطنين إسرائيليين كانا داخل مطعم شعبي وسط مدينة طولكرم.

وفي أغسطس/آب 2001 أدرجته إسرائيل على “قائمة أخطر المطلوبين”، وحاولت اغتياله 4 مرات لكنها فشلت، فكان منها محاولة اغتياله في السادس من سبتمبر/أيلول 2001 عبر قصف مركبته في طولكرم من قبل مروحيتين إسرائيليتين، إلا أن الكرمي نجى بأعجوبة، في حين استشهد 2 من مرافقيه.

وفي صباح 14 يناير/كانون الثاني 2002، خرج الكرمي سيرا على الأقدام من منزله بمدينة طولكرم، وخلال ذلك قام جيش الاحتلال مستعينا بطائرة حربية بتفجير عبوة ناسفة ضخمة زرعها له الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى استشهاده على الفور.

أبو علي مصطفى
اغتيل مصطفى علي العلي الزبري، الذي اشتهر باسمه الحركي (أبو علي مصطفى)، وكان يشغل منصب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يوم 27 أغسطس/آب 2001، إثر قصف مكتبه في مدينة البيرة (وسط الضفة الغربية) بصاروخين أطلقتهما مروحية حربية للاحتلال.

وكان أبو علي مصطفى أول سياسي فلسطيني من الدرجة الأولى يتم اغتياله خلال الانتفاضة الثانية.

نشطاء مخيم بلاطة
وخلال الانتفاضة الثانية، وفي يوم 22 مايو/أيار 2002، اغتالت مروحية حربية إسرائيلية قائد كتائب شهداء الأقصى ومؤسسها في منطقة نابلس محمود الطيطي، مع اثنين من مساعديه.

وقصفت مروحية إسرائيلية مع مدفعية بالصواريخ منزلا في مخيم بلاطة، وجاء القصف من موقع للاحتلال على جبل جرزيم المطل على المخيم.

وشارك الطيطي في الانتفاضة الأولى عام 1987، وشكل مجموعة مسلحة في مخيم بلاطة، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية شارك أيضا في تأسيس كتائب شهداء الأقصى التي نفذت عمليات مسلحة ضد الاحتلال والتصدي لاجتياح نابلس.

وتعرض الطيطي لعدة محاولات اغتيال، أبرزها في اليوم السادس لاجتياح مخيم بلاطة عام 2001، وحاول جيش الاحتلال اغتياله بقصف موقع كان يتواجد فيه بالطائرات، وتعرض هو ومن معه لإصابات متفاوتة.

مهند الطاهر
استشهد مهند الطاهر في 30 يونيو/حزيران 2002، بعد أن قصفت طائرات حربية إسرائيلية المنزل الذي تحصن به بعد أن خاض اشتباكا مسلحا مع جنود الاحتلال لعدة ساعات؛ مما أدى إلى استشهاده ورفيق دربه القائد الميداني عماد الدين دروزة.

انضم الطاهر -وهو من نابلس أيضا- إلى صفوف حركة حماس خلال انتفاضة الحجارة عام 1987، قبل أن ينضم إلى جناحها العسكري “كتائب القسام” عام 1996، ونفذ عددا من العمليات، مثل زرع العبوات الناسفة، وإطلاق النار، ونصب الكمائن، ونجى من عدة محاولات اغتيال.

ولُقّب الطاهر بالمهندس الرابع في كتائب القسام، حيث كان بارعا في صناعة المتفجرات والأحزمة الناسفة، وأشرف على التخطيط لعدة عمليات تفجيرية استهدفت إسرائيليين، ولقبته سلطات الاحتلال “بآلة الموت”، إذ أسفرت عملياته عن مقتل عشرات الإسرائيليين وإصابة المئات منهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى