دولي

حل لغز الفتيات الثلاث الناجيات من المحرقة النازية بعد أكثر من 80 عاما

عرفن لفترة طويلة بـ “ثلاث فتيات صغيرات”، لكننا نعرف الآن أنهن هانا كوهين (يمين) وروث آداميتش (يسار) تتوسطهن إنجي آداميتش
أصبحت صورة ثلاث فتيات يهوديات يهربن من ألمانيا النازية، أيقونة شائعة في المتاحف والمعارض والمنشورات. وقد التقطت الصورة في محطة ليفربول ستريت بلندن، لكن لأكثر من 80 عاما، ظلت هوية الفتيات غامضة حتى اليوم.
لا تتذكر إنجي الصورة التي التقطت لها، ولم تكن تعلم بوجودها كل هذه السنين.
كانت الفتاة البالغة من العمر خمس سنوات قد فرت من منزلها في بريسلاو بألمانيا، لتنتقل إلى فروتسواف في بولندا مع شقيقتها روث البالغة من العمر سبع سنوات. بينما بقيت والدتهما وشقيقتهما الصغرى في معسكر الاعتقال النازي في أوشفيتز وقتلتا هناك.
لم تدرك إنجي أنها وروث، التي توفيت في عام 2015، أنه قد تم تخليدهما إلى الأبد كرمز للمحرقة النازية والإجلاء الجماعي للأطفال اليهود (برنامج رعته بريطانيا لإنقاذ الأطفال اليهود) من ألمانيا النازية في عام 1939، إلا بعد وصولهما لسن التقاعد.

هربت إنجي وروث آداميتش (على اليمين وفي المنتصف) من ألمانيا، لكن أختهما الصغرى جريتيل (يسار) ماتت في معسكر الاعتقال النازي في أوشفيتز،
لقد رأت الصورة بالمصادفة في كتاب “نيفر أغين” وهو كتاب للمؤرخ مارتن أغيين وهو كتاب للمؤرخ مارتن غيلبرت.

تقول إنجي آدميتش: “كانت تلك مفاجأة كبيرة”.

وأضافت أن الكاتب لم يعرّف الفتيات في الصورة حيث اكتفى بكتابة “ثلاث فتيات صغيرات”، فراسلته وأخبرته بأنها وشقيقتها على قيد الحياة.
“يقول الناس إنني أشبه شيرلي تمبل. لماذا أبتسم؟!”، في إشارة إلى النجمة الأمريكية التي اشتهرت منذ طفولتها في ثلاثينيات القرن الماضي.
“انظر إلى روث! يبدو عليها التأثر كثيرا”.
“لا أعرف من هي تلك الفتاة الثالثة مع الدمية. لم أعرف من هي أبدا”
وكانت الفتاة التي تحمل الدمية في الواقع هي هانا كوهين البالغة من العمر 10 سنوات، والتي وصلت على متن نفس القطار مع الفتاتين، بصحبة شقيقها التوأم هانز، الذي صار يُدعى لاحقا جيرالد، من هالي في ألمانيا.
ويمكن رؤية البنطلون الذي كان يرتديه هانز في الصورة الأصلية.
ومثل إنجي وروث، لم تتذكر هانا الصورة التي التُقطت لها، رغم أنها تذكرت الرحلة والدمية.

التعليق على الصورة
الصورة الأصلية للفتيات الثلاث محفوظة في أرشيف غيتي
وكانت الفتاة التي تحمل الدمية في الواقع هي هانا كوهين البالغة من العمر 10 سنوات، والتي وصلت على متن نفس القطار مع الفتاتين، بصحبة شقيقها التوأم هانز، الذي صار يُدعى لاحقا جيرالد، من هالي في ألمانيا.
ويمكن رؤية البنطلون الذي كان يرتديه هانز في الصورة الأصلية.
ومثل إنجي وروث، لم تتذكر هانا الصورة التي التُقطت لها، رغم أنها تذكرت الرحلة والدمية.
التعليق على الصورة،
غادرت إنجي ألمانيا كجزء من الإجلاء الجماعي الذي نظمته بريطانيا لإنقاذ الأطفال اليهود
توفيت هانا في 2018 لكنها تحدثت قبل وفاتها عن تجربتها في مقابلة مع جامعة لندن.
وقالت: “أتذكر أنني مررت بهولندا وسيدات لطيفات يوزعن فطائر وعصير ليمون”.
“وصلنا إلى محطة ليفربول ستريت على هذا القطار من هارويتش، وكنت أجلس على مقعد مُنجّد، لم تكن المقاعد خشبية، وكنت قلقة للغاية من أننا قد نكون ركبنا في الدرجة الأولى عن طريق الخطأ”.
وأضافت: “كنت قلقة كذلك من ذهابنا إلى ليفربول ستريت، حيث اعتقدتُ أننا ذاهبون إلى لندن وأن ليفربول في مكان آخر”.
“ومع ذلك، وصلنا إلى هذه القاعة الكبيرة. وكنت أمسك بدمية سميتها إيفلين”.
آن فرانك: قصة الفتاة الصغيرة التي تُعد أشهر ضحايا الهولوكوست
لماذا يعود أحفاد ضحايا المحرقة النازية للعيش في ألمانيا؟.

علمت هانا بالصورة لأول مرة عندما اكتشفها شقيقها في معرض بمكتبة كامدن في لندن للاحتفال بالذكرى الخمسين للإجلاء الجماعي لإنقاذ الأطفال اليهود من ألمانيا.
قالت ابنتاها التوأم ديبي وهيلين سينغر إنها ظلت تتساءل دائما عن مصير الفتاتين الأخريين.
وقالت ديبي: “عندما رأينا الصورة وهي تجلس بضفيرتها ودميتها، كانت تقول: “أتساءل من هما الفتاتان الأخريان؟”.
ثم في يناير/ كانون الثاني، بعد أكثر من 80 عاما من التقاط الصورة، اكتشفت ابنتاها الحقيقة بعد أن استماعهما مصادفة لمسلسل إذاعي في بي بي سي.
في مسلسل بي بي سي بعنوان “الفتيات: البيت الآمن من الهولوكوست” ، حُكيتْ قصة منسية عن سكن في الشمال الشرقي ببريطانيا، أمضت فيه إنجي وروث فترة من الحرب.

وقالت هيلين: “لقد كان يوم ذكرى المحرقة وأرسل لي صديق رابط الخبر على موقع بي بي سي”، مضيفة: “تساءلتُ لماذا أرسل لي هذا الرابط؟ وقمت بالتصفح إلى الأسفل فرأيت الصورة مع أمي واسم الفتاتين الأخريين روث وإنجي.
وأضافت: “لقد كنا متحمستين للغاية. وقمت بإرسال رسالة نصية إلى ديبي وقلت فيها: “عثرنا على الفتاتين”.
ثم في أبريل/نيسان، التقت إنجي أخيرا ببنات هانا في متحف الحرب الإمبراطوري في لندن، حيث كانت الصورة معروضة لأكثر من 20 عاما، وتبادلوا الحديث لمعرفة المزيد عن عائلاتهم وما حدث لهم بعد التقاط الصورة.
وقالت ديبي: “إنجي هي تلك الشخصية المميزة في حياتنا”، مضيفة: “أعتقد أن أمي ستكون فخورة بنا حقا”.
“لطالما تحدثت عن هاتين الفتاتين الصغيرتين وعن أهمية العثور عليهما بالنسبة لها”.

لكن ماذا عن المصور؟
نعلم من السجلات التي تحتفظ بها أرشيفات “صور غيتي” أن اسمه كان ستيفنسون وكان يعمل في وكالة “توبيكال بريس”، التي وظفت أكثر من 1000 مصور للعمل في تقديم الصور الصحفية لصناعة الصحف الضخمة.
ويبقى اليوم الذي نشرت فيه الصورة، وهو الخامس من يوليو/تموز 1939، حيث كتب تحت الصورة “ثلاثة أطفال صغار ينتظرون في محطة ليفربول ستريت”، مع اسم المصور ستيفنسون في الحاشية.
لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين، ولكن من المحتمل أنه كان اسكتلنديا يُدعى جون إف ستيفنسون الذي اشتهر بالمشاركة في كتابة أغنية “دير أولد غلاسكو تون”.

المصور جون إف ستيفنسون الذي يحتمل أن يكون صاحب صورة الفتيات الثلاث
وفي ثلاثينيات القرن الماضي، وضعت وكالة “توبيكال بريس” عنوانا له في غلاسكو.
وبمساعدة السجلات الوطنية في اسكتلندا، ومن خلال عناوين شهادات الميلاد والوفاة ، وصلنا إلى عائلته.
كان حفيده الصحفي غوردن ستيفنسون مفتونا بقصة حياة جده المهنية كمصور صحفي مستقل في أواخر الثلاثينيات.
قال غوردن: “علمنا أنه التقط صورا طوال حياته ولدينا الكثير من صوره”، مضيفا: “كنا نعلم أنها تمثل جزءا كبيرا من حياته”.
وأوضح غوردون أن معظم الصور لديه “كانت في سنواته الأخيرة، لذا فإن الكشف عن تنوعه المهني في أواخر الثلاثينيات كان بمثابة صدمة حقيقية، لكنها صدمة رائعة”.
“لم نكن نعرف أي شيء عن حياته المهنية في التصوير جنوب الحدود”.
“لذا، فإن اكتشاف هذا الجانب من التاريخ الذي لم نكن نعرف عنه شيئا كان اكتشافا حقيقيا، وما زلنا نسعى للكشف عن احتمال أن يكون هو صاحب الصورة، لكن الأمر رائع للغاية”.
من هو جورج شتاينر المفكر وأحد الناجين من الهولوكوست؟
الهولوكوست: البرتغال تعترف أخيرا بالقنصل الذي أنقذ أرواح الآلاف
ظهرت الصورة في صحيفة “ذا نيوز كرونيكال” الوطنية في اليوم التالي لالتقاطها، لكنها لم تستخدم بعد ذلك إلا من حين لآخر حتى العصر الرقمي، حيث ظهرت في كثير من الأحيان في الصحف والمعارض.

وخلال زيارة قامت بها ديبي وهيلين سينغر، قام أرشيف صور غيتي بتحديث سجلاته، لذا فإن التسمية التوضيحية للصورة توضح أسماء الفتيات الثلاث.
قالت ديبي: “أشعر بالرغبة في البكاء؛ لأن اسم والدتنا ومن أين أتت مُلحقان بهذه الصورة مع إنجي وروث، فلم يعدن مجرد أطفال بلا أسماء”.
وافقتها هيلين مضيفة: “لم يكن هؤلاء مجرد “ثلاث فتيات صغيرات”، لقد كن أناسا لهن أسماء وحياة تسحق الذكر.
“لقد استحققن ذكر أسمائهن، ونعتقد أن والدتنا كانت ستسعد بهذا”.
انتظرت إنجي، البالغة من العمر 89 عاما وتعيش في جنوب لندن، أكثر من 80 عاما لتعرف اسم الفتاة اللطيفة التي شاركتها في حمل الدمية.
إنها تعرف الآن الكثير عن الصورة التي لاحقتها.
وقالت: “هذه الصورة توثق مشوارا طويلا، ويبدو أنها لا تزال تجذب اهتمام الناس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى